قال وزير المالية في حكومة النظام السوري، كنان ياغي، إن قانون “ضريبة بيوع العقارية” التي أقرها رئيس النظام، بشار الأسد، هي ضرورة ملحة نظرًا للارتفاع الكبير بأسعار العقارات وتغيرها المستمر.
وأوضح ياغي في تصريح لصحيفة “الوطن” المحلية، في 31 من آذار، أن عدم تلاؤم الواقع الفعلي لأسعار العقارات مع قيمتها الحالية يؤدي “للانتقاص من حق الدولة في استيفاء الضريبة المناسبة والعادلة”.
واستشهد ياغي بمثال أن القاطنين في حيي “المالكية” و”أبو رمانة” يدفعون ضريبة قريبة جدًا مما يدفعه القاطنون في حيي “المزة 86″ و”صحنايا” الشعبيين، الأمر الذي اعتبره “غير عادل”.
كما أكد أن القانون يعالج “التهرب الضريبي” في قطاع العقارات، وضرب مثالًا أن العقار السكني في منطقة “كفرسوسة” قيمته المالية في الدوائر 47 ألف ليرة سورية، وضريبته السابقة بموجب التشريعات هي سبعة آلاف ليرة سورية، في حين قيمته الرائجة عام 2020 هي 398 مليون ليرة سورية، إذ سيستحق ضريبة بموجب القانون الجديد بنحو 3.9 ملايين ليرة سورية.
وعبّر ياغي عن استيائه من حرمان خزينة الدولة من هذه الأرقام، قائلًا “قس على ذلك من أرقام كبيرة حرمت منها الخزينة العامة للدولة، كان من الأولى توجيهها لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين”.
ونص القانون “رقم 15” بتنظيم استيفاء “ضريبة البيوع العقارية”، والذي أصدره الأسد في 29 من آذار 2021، على تحديد القيمة الرائجة للمتر المربع الواحد استنادًا إلى الوصف المالي للعقار وفق معايير وعوامل لكل من العقارات السكنية أو التجارية أو الصناعية أو الزراعية أو السياحية.
وعلى أن يشكل وزير المالية لجانًا مركزية ورئيسة وفرعية في المحافظات والمدن والمناطق ودوائر الخدمات، لتحديد القيمة الرائجة للمتر المربع الواحد من العقار لكل شريحة وفق المعايير المحددة لذلك، وتحميلها على خرائط إلكترونية مصممة لهذه الغاية.
وحدد القانون قيمة الضريبة على البيوع العقارية التي ستُفرض على العقارات بالمعدل التالي:
- 1% من القيمة الرائجة للعقارات السكنية والأراضي الواقعة خارج المخطط التنظيمي والأسطح والعقارات السكنية.
- 2% للأراضي الواقعة داخل المخطط التنظيمي المصدّق.
- 3% عن بيع العقارات غير السكنية.
ما الآلية؟
وقال مدير عام هيئة الضرائب والرسوم في حكومة النظام، منذر ونوس، اليوم الخميس 4 من نيسان، إن المنهجية الجديدة في احتساب الضريبة على البيوع العقارية تقوم على بناء “نظام معلوماتي” متكامل لتحديد القيمة الرائجة للعقارات.
وستعتمد المنهجية على أنظمة المعلومات الجغرافية لتكوين قاعدة بيانات عقارية هي الأوسع لدى وزارة المالية، وحساب ضريبة البيوع العقاريّة آليًا، وإعداد خريطة رقمية للمحاضر العقارية، وتخفيض نسبة تدخل العامل البشري إلى أدنى حد ممكن عند حساب الضريبة الواجبة، حسب ونوس.
من جهته أوضح عضو مجلس الشعب، محمد خير العكام، في تصريح لصحيفة “الوطن” اليوم، أن انتقال الملكيات بالإرث لا يخضع لقانون “البيوع العقارية” لأنه ليس عملية بيع وإنما يطبق عليه رسم انتقال الملكية بسبب الوفاة (التركات) حسب المرسوم رقم “56” لعام 2004.
وأشار العكام إلى العقارات التي تؤول هبة حُددت حسب القانون بمعدلات ضريبة 15% من المعدلات المنصوص عليها في القانون إذا كانت للأصول والفروع والأزواج، فيما تعامل باقي معاملات الهبات معاملة البيوع العقارية باستثناء الوصية الواجبة التي تعامل معاملة الهبة وفقًا أحكام هذا القانون.
وتخضع العقارات غير السكنية المؤجرة للسوريين وغيرهم لضريبة دخل بمعدل 10% من بدل الإيجار السنوي، على ألا تقل ضريبة الدخل عن ستة بالعشرة آلاف من القيمة الرائجة للعقار المؤجر.
أما العقارات السكنية فتخضع لضريبة دخل بمعدل 5% من بدل الإيجار السنوي، على ألا تقل عن ثلاثة بالعشرة آلاف من القيمة الرائجة للعقار المؤجر.
وحول هذا البند، قال العكام، “في المحصلة سيتم تحميل الضريبة للمستأجر كونه الحلقة الأضعف في عقد الإيجار ومعظم المستأجرين لا ينقصهم مثل هذه الضريبة”.
وتابع، “لكن لابد من مراعاة حق الدولة في تحقيق إيرادات للخزينة العامة تمكنها من إقرار الموازنات التقديرية والمشروعات التي تؤمن الخدمات للمواطنين”.
رفد خزينة الدولة بسرقة المواطن قانونيًا
الباحث والأكاديمي الاقتصادي فراس شعبو قال في حديث سابق لعنب بلدي، إن الغاية من إقرار القانون هو زيادة الحصيلة الضريبية من بيوع العقارات التي ستؤدي إلى رفد خزينة الدولة بأرقام خيالية.
وأضاف شعبو أنه قبل عام 2011، إذا أراد الشخص أن يبيع عقاره، كان يدفع ضريبة تقارب وسطيًا 100 دولار، أي 5000 ليرة أو أقل، وذلك بعد الأخذ بعين الاعتبار قيمة ومكان العقار.
أما اليوم، ومع تدهور قيمة الليرة أصبحت الـ5000 دون قيمة، فكان لا بد من إعادة تقييم للعقارات من خلال القيمة الرائجة أي على القيمة البيعية، وهذا الأمر سيضر بالمستهلك أو العميل أو المُكلف، كما يطلق عليه بالعرف المالي، وستستخدم النسب بشكل كبير لرفد خزينة الدولة، حسب شعبو.
وتوقع الباحث إعادة تعديل ضرائب الدخل على بعض المهن، وذلك بحجة انخفاض قيمة الليرة، وأن هذه الضريبة ليست متوافقة مع الدخل الحقيقي لكل شريحة، “فهذا الأسلوب من أساليب جني الأموال وسرقة المواطن بشكل قانوني، ومساعدة النظام في هذه الطريقة المالية على امتصاص دم الشعب بشكل كبير جدًا”، وفق قوله.
ويتفق مع هذا الأمر المحلل الاقتصادي خالد تركاوي، إذ أشار، في حديث سابق لعنب بلدي، إلى أن ارتفاع أسعار العقارات في سوريا يجعل العائد الضريبي لخزينة الدولة مرتفعًا.
كما أن قيمة العقارات وسطيًا الآن، حسب تركاوي، هي مليار ليرة سورية، ولذا ستكون الضريبة السكنية بما يقارب 20 مليونًا، وتقترب التجارية والصناعية من 30 مليونًا.
وعلل اتخاذ النظام السوري هذه الخطوة بأن سوق العقارات رائج جدًا هذه الأيام، فهناك تجار يشترون لمصلحة إيران أو النظام أو تجار كبار.
ويرى تركاوي أن القانون سيفتح المجال للسرقة والرشى من خلال اللجان المشكّلة التي لها حرية التقدير والتقييم، وبالتالي استغلال المواطنين.
كما أنه سيزيد ويضمن التعامل بالليرة السورية، كون البيوع تتم عن طريق البنوك السورية التي لا تقبل الدفع إلا بالليرة.
ويستمر النظام السوري بمحاولات عديدة لتعديل قوانين الضرائب في محاولة لرفد خزينة الدولة، ففي 6 من كانون الثاني الماضي قررت وزارة المالية في حكومة النظام السوري عن تشكيل لجنة إصلاح النظام الضريبي.
وأوضح مدير عام هيئة الضرائب والرسوم في سوريا، منذر ونوس أن هدف اللجنة هو إعادة دراسة النظام الضريبي السوري بشكل كامل، والعمل على تحقيق العدالة الضريبية، ومكافحة التهرب الضريبي، وتحقيق الإيراد المناسب لعمليات الإنفاق.
ويعاني السوريون من ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة، نتيجة عدة أسباب، أبرزها في الآونة الأخيرة، تدهور الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، وتراجع القدرة الشرائية بسبب زيادة نسب التضخم وارتفاع الأسعار.
وتتصدر سوريا قائمة الدول الأكثر فقرًا في العالم، إذ يعيش تحت خط الفقر في سوريا 90% من السوريين، بحسب ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، أكجمال ماجتيموفا.