تعهد 18 وزيرًا من وزراء الخارجيات الأوروبية بمحاسبة النظام السوري على الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة بحق المدنيين في سوريا.
وأصدر الوزراء بيانًا مشتركًا، الأربعاء 31 من آذار، أدانوا فيه استخدام النظام السوري مرارًا وتكرارًا الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، ورفضه بشكل منهجي لتقديم التفسيرات لفرق التحقيق الدولية.
وجاء في البيان، الذي ترجمته عنب بلدي، “ترفض بلداننا بحزم أي إفلات من العقاب لمجرمي الحرب والجلادين، ولن تتغلب جرائمهم على تطلعات السوريين إلى الكرامة والعدالة”.
كما لفت البيان إلى الجرائم المرتكبة من قبل تنظيم “الدولة الإسلامية”، التي ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ومنع مرتكبي الجرائم من الإفلات من العقاب، وتحميلهم المسؤولية والمطالبة بمحاسبتهم أيًا كانوا.
وتحدث البيان عن رد “النظام الوحشي” على المدنيين الذين خرجوا للمطالبة بحقوقهم واحترام حرياتهم الأساسية، والذي تسبب بمقتل أكثر من 400 ألف شخص وانتهاكات لا حصر لها لحقوق الإنسان، وأسفر عن عشرات الآلاف من ضحايا الاختفاء القسري، دون معرفة عائلاتهم أي معلومات عن مصيرهم.
كما قيّم جهود إنشاء آلية دولية محايدة ومستقلة تجمع الأدلة وتحميها من أجل الإجراءات القانونية المستقبلية، ودعم عمل “لجنة التحقيق الدولية المستقلة”، التي توثق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا.
الاتحاد الأوروبي إلى المساءلة بلا هوادة
الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيب بوريل، قال لعنب بلدي في مقابلة إلكترونية، إن “العديد من الفظائع التي ارتكبت في سوريا منذ عام 2011 مؤهلة لتكون جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وسوف يسعى الاتحاد الأوروبي بلا هوادة إلى المساءلة عن هذه الأعمال. ونحن نرى أن هذا هو الأساس الذي لا غنى عنه للمصالحة الوطنية ومن أجل تحقيق سلام دائم في سوريا”.
وسيواصل الاتحاد، بحسب بوريل، دعم الجهود الرامية إلى جمع الأدلة، وكذلك دعم الهيئات الدولية للمساءلة.
وقال الممثل الأعلى، “طالبنا مرارًا بإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وفي غياب هذا السبيل للعدالة الدولية، فإن المحاكمة على هذه الجرائم في إطار الولاية القضائية الوطنية حيثما أمكن، كما حدث في ألمانيا، والمبادرة الأخيرة لهولندا وكندا، تمثل إسهامًا مهمًا تجاه ضمان العدالة للضحايا”.
وأثنى بيان الوزراء اليوم على المبادرة الهولندية التي طالبت بمحاسبة النظام السوري على انتهاكاته لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، والمحاكم السويدية التي بدأت إجراءاتها عام 2016، وكذلك الإجراءات القانونية التي قدمت في باريس مؤخرًا بشأن الهجمات الكيماوية التي ارتكبها النظام.
وجاء في البيان أن “محاربة الإفلات من العقاب ليست مسألة مبدأ فحسب، بل هي أيضًا واجب أخلاقي وسياسي، ومسألة أمنية للمجتمع الدولي”، وأن “استخدام الأسلحة الكيماوية، في أي ظرف من الظروف، يشكل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين”.
حشد في مواجهة الكيماوي
وحشد الاتحاد الأوروبي جميع المؤسسات ذات الصلة الضامنة لمعايير حظر الأسلحة الكيماوية، وأجرت فرق منظمة “حظر الأسلحة الكيماوية” التحقيقات بشكل مستقل، لاستكمال عملها المكثف.
كما أُطلقت “الشراكة الدولية لمكافحة الإفلات من العقاب على استخدام الأسلحة الكيماوية”، التي جمعت بين 40 دولة والاتحاد الأوروبي، وبفضل هذه المبادرة، صار من الممكن إدانة الضالعين في تطوير أو استخدام الأسلحة الكيماوية، ودفع ثمن جرائمهم.
وأكد البيان أن مكافحة الإفلات من العقاب شرط لإعادة بناء سلام دائم في سوريا، ولن يتمكن الشعب السوري من توقع مستقبل أفضل دون توقف انتهاكات حقوق الإنسان بشكل كامل، ولا يمكن لسوريا أن تتصالح مع ماضيها دون محاسبة على الجرائم المرتكبة.
يأتي هذا الدعم الأوروبي لمحاسبة مرتكبي الانتهاكات في سوريا، بعد أن فشلت المحاولات إلى الآن بتحقيق العدالة لضحايا الجرائم ضد الإنسانية على الصعيد الدولي، لأنها ليست دولة طرفًا في “المحكمة الجنائية الدولية“.
وطالب الاتحاد الأوروبي، في 14 من آذار الماضي، النظام السوري وحلفاءه بإنهاء القمع والإفراج عن المعتقلين وتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم “2254”، للوصول إلى حل سياسي ينهي النزاع.
وأكد الاتحاد الأوروبي في بيان له أن الانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا لا تفي بالمعايير الدولية، ولا تسهم في تسوية الصراع، ولا تؤدي إلى أي تطبيع دولي مع النظام، وأبدى الاتحاد استعداده لدعم انتخابات حرة ونزيهة في سوريا وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم “2254” وتحت إشراف الأمم المتحدة.
العقوبات الأوروبية
وتستهدف العقوبات الأوروبية الشركات ورجال الأعمال البارزين الذين يستفيدون من علاقاتهم مع النظام السوري واقتصاد الحرب، وتضم قائمة العقوبات الأوروبية 288 سوريًا و70 كيانًا.
وتشمل الإجراءات التقييدية أيضًا حظر استيراد النفط، وفرض قيود على بعض الاستثمارات، وتجميد أصول البنك المركزي السوري المحتفظ بها في الاتحاد الأوروبي، وقيود التصدير على المعدات والتكنولوجيا التي يمكن استخدامها للقمع الداخلي، وعلى المعدات والتكنولوجيا لرصد أو اعتراض اتصالات الإنترنت أو الهاتف.
وكان مجلس الاتحاد الأوروبي مدّد نظام العقوبات الذي يسمح بفرض تدابير وقائية على أشخاص وكيانات مشاركة في تطوير الأسلحة الكيماوية، خمسة منهم على صلة بالنظام السوري ومركز الدراسات والبحوث العلمية في سوريا، لمدة عام واحد حتى 16 من تشرين الأول المقبل.
وفي 15 من كانون الثاني الماضي، أضاف الاتحاد الأوروبي وزير الخارجية والمغتربين السوري، فيصل المقداد، إلى قائمة العقوبات، لأنه “يتشارك المسؤولية في انتهاكات النظام السوري بحق السوريين باعتباره وزيرًا للخارجية”.
–