مؤتمرات “بروكسل” الخمسة.. الدعم والاحتياجات متغيرة والحل السياسي مطلب ثابت
انطلق مؤتمر “بروكسل” الخاص بسوريا في العاصمة البلجيكية في أول نسخة له عام 2017، والتزمت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بعقده سنويًا منذ ذلك الوقت، بهدف تقديم المساعدات الإنسانية للمقيمين داخل سوريا، وللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة لهم في المناطق المجاورة.
وشهدت السنوات الخمس الماضية ازديادًا في أعداد اللاجئين السوريين والنازحين داخليًا، والمحتاجين للمساعدات الإنسانية داخل سوريا، بحسب تصريحات للأمم المتحدة سبقت انعقاد مؤتمر “بروكسل” السنوي، وتفاوتت أعداد المحتاجين الذين تدعو الأمم المتحدة إلى تغطية احتياجاتهم.
وشهدت جلسات المؤتمرات الخمسة تعهدات مالية مختلفة سنويًا، وقروضًا مخصصة لدعم الاحتياجات، لكن التصريح المشترك الذي رافق المؤتمر طوال خمس سنوات، هو تأكيد القائمين عليه والمشاركين فيه على “الحل السياسي لإنهاء الحرب في سوريا”.
“بروكسل” الخامس 2021
تعهد المانحون الدوليون في مؤتمر “بروكسل” الخامس، بتقديم 4.4 مليار دولار أمريكي لعام 2021، وحوالي ملياري دولار لعام 2022 وما بعده، كمساعدات إنسانية للمقيمين داخل سوريا، و للاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة لهم في المناطق المجاورة.
وفي بيان صادر عن الرئيسين المشاركين للمؤتمر من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، بعد انتهاء المؤتمر مساء الثلاثاء 30 من آذار الماضي، قالا إن مؤسسات مالية ومانحين دوليين أعلنوا تقديم قرابة سبعة مليارات دولار على شكل قروض ميسّرة.
وكانت الأمم المتحدة طالبت، في 29 من آذار الماضي، بتوفير أكثر من عشرة مليارات دولار، يحتاج إليها 24 مليون شخص في سوريا والدول المجاورة، بأشكال مختلفة من المساعدات الإنسانية.
وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، عقب مشاركته في الجلسة الأولى من المؤتمر، إن أصحاب المصلحة في سوريا يدركون عدم وجود حل عسكري للصراع الذي “جرى تدويله بعمق”، معتبرًا أن البلاد ممزقة بسبب التجزئة الإقليمية، ولا يمكن تركها في حالة “لا حرب ولا سلام”.
“بروكسل” الرابع 2020
تعهد المانحون الدوليون في مؤتمر “بروكسل” الرابع، الذي عُقد في 30 من حزيران 2020، بتقديم مساعدات إنسانية لسوريا وخمس دول مجاورة بقيمة 5.5 مليار دولار للعام 2020، مقابل 2.2 مليار دولار للعام 2021، إضافة إلى قروض ميسّرة تصل إلى 6.7 مليار دولار.
وطالبت الأمم المتحدة من خلاله المانحين بدعم 11 مليون سوري محتاجين إلى مساعدات إنسانية في جميع أنحاء سوريا، ونحو ستة ملايين في بلاد اللجوء.
وفي 16 من تشرين الأول 2020، أعلنت المفوضية الأوروبية عن تجاوز المانحين الدوليين لتعهداتهم المعلنة للعام الحالي في مؤتمر “بروكسل” الرابع، إذ قدموا مبلغ خمسة مليارات دولار أمريكي في 2020.
وأوضحت المفوضية في تقريرها أن الدعم المعلَن ذهب إلى الداخل السوري وخمس دول مجاورة تستضيف اللاجئين (لبنان وتركيا والأردن والعراق ومصر).
ووفقًا لما أعلنت عنه المفوضية، جرى تخصيص 34% من المنح لسوريا، و19% للبنان، و16% لتركيا، و13% للأردن، و8% للعراق، و1% لمصر، بينما تذهب نسبة 9% المتبقية إلى المبادرات المتعددة والبلدان الإقليمية من إجمالي إسهام المنح لعام 2020.
وشهد المؤتمر تصريحات سياسية من قبل المشاركين، إذ دعا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، إلى وقف كامل لإطلاق النار من أجل إعادة إطلاق العملية السياسية، وضمان عودة آمنة للاجئين السوريين إلى ديارهم.
وشاركت روسيا لأول مرة في مؤتمر “بروكسل” الرابع، واعتبر نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فرشينين، حينها، أن “القضايا الرئيسة لسوريا، سواء كانت عودة اللاجئين أو تقديم المساعدة الإنسانية ودفع العملية السياسية، لا ينبغي أن تناقش من دون ممثلين عن الحكومة الشرعية”.
وأكد فرشينين خلال مؤتمر “بروكسل 4”، أن العقوبات الأمريكية في إطار ما يسمى قانون “قيصر” تشل الاقتصاد السوري وتضر بالمواطنين العاديين.
وبحسب التقرير السنوي لعام 2020، الذي أعدته منظمة “هيومن رايتس ووتش”، واجه المدنيون في سوريا عامًا آخر من الانتهاكات الشديدة، على يد النظام السوري أولًا والجهات الأخرى المسيطرة على الأراضي السورية، رغم الانخفاض الملحوظ في حدة النزاع.
ومع فرض المزيد من العقوبات الدولية على النظام السوري، واجه المدنيون تدهورًا اقتصاديًا لا سيما مع انخفاض حاد غير مسبوق بقيمة الليرة السورية مقابل الدولار، ونقص في المواد الأساسية التي تتطلبها الحياة اليومية، كالمحروقات والخبز والمواد الغذائية الأساسية.
“بروكسل” الثالث 2019
تعهد المانحون الدوليون في مؤتمر “بروكسل” الثالث، بتقديم سبعة مليارات دولار لعام 2019، و2.4 مليار دولار لعام 2020، وقدّمت المؤسسات المالية الدولية حوالي 21.02 دولار على شكل قروض ميسّرة.
وفي بيان الجلسة الختامية للمؤتمر، المنعقد بين 12 و14 من آذار 2019، في العاصمة البلجيكية، تعهدت الدول المجتمعة بتخصيص المبلغ للنازحين داخل سوريا واللاجئين في الدول المجاورة لها، وذلك لعام 2019، وفق ما ذكرته المفوضية الأوروبية عبر موقعها الرسمي.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت عن حاجتها إلى تسعة مليارات دولار لتغطية احتياجات السوريين عام 2019، إلا أن المؤتمر حصد سبعة مليارات من حاجة المنظمة.
وكانت إحصائيات الأمم المتحدة حينها أشارت إلى أن 11.7 مليون سوري بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة والحماية، بينما يحرم أكثر من مليوني طفل سوري من التعليم، ويعيش ما يقدر بـ83% من السوريين تحت خط الفقر.
وجاء انعقاد المؤتمر عقب حدثين اقتصاديين أوصلا رسالة للأسد وداعميه، الأول فرض عقوبات جديدة من قبل الاتحاد الأوروبي على وزراء في حكومة النظام السوري، في 4 من آذار 2019، والثاني كان موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي على قانون “قيصر”، مطلع شباط 2019، الذي يفرض عقوبات على شخصيات رفيعة المستوى في النظام والدول الداعمة له.
وشهد المؤتمر عودة الولايات المتحدة الأمريكية إلى تقديم الدعم بعد امتناعها في “بروكسل 2″، بسبب القرار الصادر عن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، حينها، والذي قضى بتخفيض المساعدات والمخصصات الخارجية.
وبحسب التقرير السنوي لعام 2019، الذي أعدته منظمة “هيومن رايتس ووتش“، شنّت قوات النظام السوري بدعم روسي مئات الهجمات اليومية منذ أواخر نيسان 2019 لاستعادة المناطق التي سيطرت عليها المعارضة في شمال غربي سوريا.
وفي تشرين الأول 2019، بعد إعلان الولايات المتحدة سحب قواتها من سوريا، دخلت تركيا إلى مناطق في شمال شرقي سوريا، وحشدت “الجيش الوطني السوري” المدعوم منها، لتنفيذ العملية التي أطلقت عليها اسم “نبع السلام”.
“بروكسل” الثاني 2018
تعهد المانحون الدوليون في مؤتمر “بروكسل” الثاني بتقديم مبلغ 4.4 مليار دولار، لدعم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة داخل سوريا وفي المنطقة خلال عام 2018، و3.4 مليار دولار للفترة بين عامي 2019 و2020، وأعلنت بعض المؤسسات المالية الدولية تقديم حوالي 21.2 مليار دولار على شكل قروض ميسّرة.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت عن حاجتها إلى نحو تسعة مليارات دولار، لتغطية احتياجات ما يزيد على 13 مليون سوري، وأكثر من خمسة ملايين لاجئ خارج البلاد، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية الفورية.
إلا أنها لم تستطع جمع سوى أكثر من نصف المبلغ المطلوب بقليل، وذلك بعد أن رفضت الولايات المتحدة التعهد بأي مبلغ، بسبب القرار الصادر عن ترامب حول تخفيض المساعدات الخارجية.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، حينها، إن حل الصراع في سوريا يجب أن يكون سياسيا، مؤكدًا “ضرورة العمل لتحقيق رؤية مستقبلية لسوريا الديمقراطية الخالية من الطائفية والقائمة على التعددية السياسية والمواطنة المتساوية، بغض النظر عن الدين أو العرق أو الجنس، مع الاحترام الكامل لسيادة القانون وحماية تلك السيادة”.
وبحسب تقرير سنوي لعام 2018، لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”، استعاد النظام السوري عام 2018، بدعم من روسيا وإيران، مناطق في الغوطة الشرقية بريف دمشق ومحافظة درعا، مستخدمًا أساليب غير قانونية، منها الأسلحة المحظورة، والضربات العشوائية، والقيود على المساعدات الإنسانية، لإجبار المعارضة على الاستسلام في هذه المناطق، ما أدى إلى نزوح جماعي.
ووفق التقرير، هاجمت “الجماعات المسلحة المعارضة” المناطق التي يسيطر عليها النظام بشكل عشوائي، ما عاق قدرة المدنيين على الفرار من الأعمال العدائية.
“بروكسل” الأول 2017
تعهد المانحون الدوليون في مؤتمر “بروكسل” الأول بتقديم مبلغ ستة مليارات دولار، لدعم السوريين عام 2017، و3.73 مليار دولار كتعهدات متعددة السنوات للفترة بين عامي 2018 و2020، وأعلنت بعض المؤسسات المالية الدولية عن تقديم حوالي 30 مليار دولار على شكل قروض ميسّرة.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت عن حاجتها إلى ثمانية مليارات دولار لتغطية احتياجات السوريين عام 2017.
وقال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية حينها، أحمد بن محمد المريخي، إن “الحالة الإنسانية في سوريا تزداد تعقيدًا بعد ست سنوات من الأزمة”.
وأضاف، “هناك 13.5 مليون سوري بحاجة إلى المساعدة، بينهم 6.3 مليون نازح داخل سوريا، بالإضافة إلى 4.8 مليون سوري أُجبروا على الفرار من بلادهم”.
و مع انطلاق المؤتمر الأول في “بروكسل” في 5 من نيسان 2017، أكّد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن الغارات بالغازات الكيماوية التي استهدفت المدنيين في مدينة خان شيخون حينئذ “أمرٌ مروّع”.
وركّزت ممثلة الاتحاد الأوروبي لسياسة الأمن والشؤون الخارجية، فريدريكا موغريني، خلال افتتاح مناقشات المؤتمر، على ضرورة دعم المحادثات السياسية في سوريا للوصول إلى المرحلة الانتقالية.
وبحسب التقرير السنوي لعام 2017، الذي أعدته منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية، فقد برزت في ذلك العام حملات ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، شنتها الأطراف المتعددة المتحاربة في سوريا.
واستعادت قوات النظام السوري بمساعدة روسيا وإيران و”حزب الله”، عدة مواقع في وسط وشرقي سوريا من تنظيم “الدولة”.
وشن النظام السوري عدة هجمات بالأسلحة الكيماوية ضد المدنيين في مناطق سيطرة المعارضة، أبرزها في خان شيخون.
وسيطرت في 2017 “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) المدعومة من أمريكا على محافظة الرقة.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :