كثّف النظام السوري مباحثاته، في الأسابيع الأخيرة، حول ملف اللاجئين السوريين في الخارج، متهمًا دولًا بمنع عودتهم.
واتهم وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، دولًا غربية (لم يسمّها) بالتعامل مع ملف اللاجئين بطريقة مسيّسة وعدم تشجيع اللاجئين على العودة إلى بلدهم “تحت ذرائع باطلة”، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
جاء ذلك خلال لقاء جمع المقداد بوزيرة الهجرة والمهجرين العراقية، إيفان فانق جابرو، في دمشق، لبحث ملف عودة اللاجئين السوريين إلى سوريا.
ووفقًا لما نقلته “سانا”، أكّد المقداد أن سوريا ترحب بعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، وتتخذ “الإجراءات والتسهيلات التي تساعد في تهيئة الظروف التي تضمن عودة طوعية وآمنة وظروفًا معيشية جيدة للعائدين”، بحسب قوله.
وأبدت الوزيرة جابرو استعداد بلادها للتعاون مع حكومة النظام في سبيل تسهيل عودة اللاجئين السوريين والعراقيين، كل إلى بلده، وتبسيط الإجراءات المتعلقة بهذه المسألة.
وهذا اللقاء هو الثاني خلال أقل من شهر، بين مسؤول في حكومة النظام، ومسؤولي دول أخرى تستقبل لاجئين سوريين، إذ زار وزير الشؤون الاجتماعية والسياحة اللبناني، رمزي مشرفية، في 6 من آذار الماضي، دمشق، والتقى هناك بالمقداد، بالإضافة إلى لقاءه بوزير الإدارة المحلية والبيئة في حكومة النظام، حسين مخلوف، ووزير الداخلية، محمد خالد رحمون، ووزير السياحة، محمد رامي مارتيني، ووزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، سلوى العبد الله.
وصرّح مشرفية للصحفيين، في 12 من آذار الماضي، إثر لقاء بالرئيس اللبناني، ميشال عون، لإطلاعه على نتائج مباحثاته مع المسؤولين السوريين، أن الأجواء “بدأت تتطور لتصبح أكثر إيجابية في البعدين الإقليمي والدولي لعودة النازحين (السوريين)”، بحسب تعبيره.
ووفقًا لما نقلته “الوكالة الوطنية للإعلام” (اللبنانية الرسمية) فإن الوزير مشرفية، تحدّث إلى الرئيس عون حول ما قال إنها “ضمانات تلقاها بتحقيق عودة كريمة وآمنة، بما يضمن ويحفظ سلامة وكرامة النازح السوري”.
محاولة فاشلة
في 11 من تشرين الثاني 2020، أطلق النظام السوري بدعم ورعاية روسيين، مؤتمر عودة اللاجئين السوريين، في العاصمة السورية دمشق، بمشاركة خجولة لدول غير فاعلة في ملف اللاجئين، باستثناء لبنان.
ودعت وزارة الدفاع الروسية إلى عقد “مؤتمر اللاجئين السوريين” تحت رعاية روسية، لأول مرة في 5 من أيلول 2018، ورغم الحماس الروسي للمؤتمر الذي وصفته موسكو بـ”الحدث التاريخي”، وتأكيدها ضرورة مشاركة الدول المعنية والأمم المتحدة فيه، إلا أن المؤتمر باء بالفشل، ولم يقدم نتائج ملموسة على الأرض.
وقاطع الاتحاد الأوربي المؤتمر حينها، باعتباره “سابقًا لأوانه” حسبما أعلن منسق السياسة الخارجية في الاتحاد، جوزيف بوريل، في 10 من تشرين الثاني 2020.
وحضرت الأمم المتحدة المؤتمر بصفة مراقب، وفقًا لما قاله معاون وزير الخارجية السوري، أيمن سوسان ، فيما لم تُدعَ إلى المؤتمر تركيا، التي تستضيف أكثر من 3.5 مليون لاجئ سوري.
ورفضت الولايات المتحدة المشاركة في المؤتمر، داعيةً إلى مقاطعة دوليه له، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي جرى عبر الإنترنت، في 27 من تشرين الأول الماضي.
عودة كريمة؟
تتزامن تحركات النظام السياسية لاستقطاب اللاجئين، مع تردٍ في الواقع الاقتصادي والمعيشي في مناطق سيطرة النظام، بالإضافة إلى أزمات متعددة ومتصاعدة، ومن أبرزها أزمة المحروقات التي قابلتها الحكومة برفع الأسعار، وتخفيض مخصصات تعبئة البنزين للسيارات الخاصة بما لا يزيد عن 20 ليترًا في بعض المحافظات، ما ساهم في تفاقم أزمة المواصلات في البلاد.
كما فقدت الليرة السورية أكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار الأمريكي، ما صاعد من ارتفاع الأسعار وأزمة الغذاء أيضًا.
ووفقًا لنتائج تقييم الوضع الأمن الغذائي على مستوى البلاد، والذي أجراه برنامج الأغذية العالمي (WFP) في أواخر عام 2020، فإن نحو 12.4 مليون شخص في سوريا، أي حوالي 60% من السكان، يعانون من انعدام الأمن الغذائي، في “أسوأ” حالة أمن غذائي شهدتها سوريا على الإطلاق.
وفي حزيران 2020، حذرت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إليزابيث بايرز، من أزمة غذاء غير مسبوقة في سوريا، بسبب تفشي فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد-19)، مشيرةً إلى أن تسعة ملايين و300 ألف شخص في سوريا يفتقرون للغذاء الكافي، بحسب ما نقلته وكالة “رويترز“.
ويعيش نحو 90% من السوريين في سوريا تحت خط الفقر، بحسب ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، أكجمال ماجتيموفا.
وبحسب تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو“، في 23 من آذار الماضي، فإن سوريا تواجه مع 19 دولة أخرى مخاطر انعدام الأمن الغذائي.
كم عدد اللاجئين السوريين؟
أصدرت الأمم المتحدة في 18 من حزيران 2020، تقريرًا يشير إلى وجود 6.6 مليون لاجئ سوري موزعين على 126 دولة حول العالم، مشكلين نحو 8.25 من نسبة اللاجئين عالميًا، حتى نهاية عام 2019.
ويتركز غالبية اللاجئين في دول المنطقة العربية، ودول الجوار السوري، والتي تصدّرتها تركيا باستقبالها أكثر من 3.5 مليون لاجئ سوري، تليها لبنان باستقبالها 910 آلاف و600 لاجئ.
ويستقبل الأردن 654 ألفًا و700 لاجئ سوري، فيما يستقبل العراق 245 ألفًا و800، ومصر 129 ألفًا و200 لاجئ.
وتتفوق ألمانيا على الدول الأوربية الأخرة بأعداد اللاجئين السوريين على أراضيها والذين يبلغ عددهم 572 ألفًا و800 لاجئ، وفي السويد 113 ألفًا و400 لاجئ.