“الانضمام والقتال إلى جانب القوات الروسية في ليبيا يعرضني للموت، لكنني أفضل ذلك على البقاء في سوريا وانتظار الموت”، يشرح قاسم (اسم مستعار لأسباب أمنية) السبب الذي يدفع الشبان السوريين لهدر أرواحهم في صراعات خارجية، وبطريقة غير شرعية.
يقول قاسم الذي ينحدر من ناحية مسكنة شرقي حلب، لعنب بلدي، إن عدم توفر فرص العمل دفعه، وغيره من الشبان، إلى تقديم طلب للانضمام إلى القوات الروسية.
تبدأ إجراءات الانضمام باستخراج وثيقة “غير محكوم” وغير مطلوب للنظام بتهم “الإرهاب”، والخضوع لتحاليل طبية شاملة، وإرفاق أربع صور شخصية مع صورتين للهوية الشخصية.
وانتظر قاسم بعد تقديم الطلب لمكتب الجميلية في مدينة حلب، حتى تتم الموافقة عليه.
أُعلم، في 4 من كانون الثاني الماضي، بقبول طلبه إلى جانب خمسة شبان من أبناء قريته، وأن عليه الالتحاق بمكان التجمع لمتابعة إجراءات السفر والانتقال إلى ليبيا، على متن طائرة عسكرية روسية.
وكانت وصلت في الفترة الأخيرة جثث لمقاتلين من أبناء قرية قاسم خلال مشاركتهم في ليبيا، بحسب ما أكده الشاب، “لكن هذا لا يمنع من الذهاب إلى هناك وربما تُكتب لنا الحياة والعودة”.
اقرأ أيضًا: الهجرة أو القتال لمصلحة الروس.. شبان في السويداء أمام خيارين “أحلاهما مر”
ويعاني السوريون من أوضاع معيشية صعبة، في ظل تراجع قيمة الليرة السورية، الأمر الذي أثر بدوره على توفر فرص العمل.
وقدرت منظمة الصحة العالمية أن 80% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، وتتصدر سوريا قائمة الدول الأكثر فقرًا في العالم، بنسبة بلغت 82.5%، بحسب بيانات موقع “World By Map” العالمي.
مكاتب انضمام متوزعة في سوريا.. سوريون في الوساطة
توجد في محافظة حلب عدة مكاتب للانضمام إلى القوات الروسية مقابل 2000 دولار أمريكي شهريًا، وتستغرق العملية من تقديم الطلب إلى القبول بين شهر وشهرين، وتجري عن طريق العسكريين السوريين الذين يعملون مع الروس في محافظة حلب وريفها، حسب حديث أحد العاملين مع القوات الروسية في حلب إلى عنب بلدي.
وأشار العامل مع القوات الروسية (تحفظ على نشر اسمه) إلى وجود إقبال من قبل الشبان في مدينة حلب وريفها الشرقي على الانتساب إلى القوات الروسية.
ويفضل الشبان في مناطق سيطرة النظام الانضمام إلى القوات الروسية بدلًا من قوات النظام أو الميليشيات الرديفة، نتيجة المبالغ المدفوعة وعدم تعرض حواجز النظام لهم بشكل عام، حسبما قال العامل لعنب بلدي.
عمل الشاب مع القوات الروسية خلال وجودها في منطقة الكاستيلو قرب مدينة حلب، وبعد انتهاء عقده قدم طلبًا للذهاب إلى ليبيا وينتظر الموافقة عليه.
تعلم ياسين اللغة الروسية من خلال تعامله مع الروس وعمله معهم، وقال إن الانضمام إلى الروس والمشاركة إلى جانبهم في المعارك “مسألة مؤقتة حتى إيجاد حل للأزمة السورية”.
وثقت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” تجنيد ما يزيد على ثلاثة آلاف سوري بينهم أطفال، على يد شركة أمنية روسية للقتال في ليبيا إلى جانب قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بمواجهة حكومة “الوفاق الوطني” التي يترأسها فايز السراج.
ومنذ كانون الأول من عام 2019، بدأت عمليات التجنيد في محافظة السويداء، لتنتقل بعدها إلى دمشق وريفها ودرعا والقنيطرة وحماة وحمص ودير الزور والرقة والحسكة.
وطالت عمليات التجنيد مقاتلين في صفوف قوات النظام السوري، منهم من كانوا عناصر سابقين مع قوات المعارضة قبل إجرائهم “تسوية” مع النظام، إضافة إلى مدنيين لم يسبق لهم حمل السلاح، فضلًا عن حالات تجنيد أطفال دون 18 عامًا، تم بعضها دون علم ذويهم.
وتتم عمليات نقل المقاتلين إلى ليبيا عبر طائرات مدنية تابعة لشركة “أجنحة الشام” السورية، أو على متن طائرات عسكرية تنطلق من قاعدة “حميميم” العسكرية في اللاذقية، ينتهي بها المطاف في قاعدتي “الخادم” أو “الجفرة” العسكريتين في ليبيا، أو في مطاري “بنينا” أو “بني وليد” الدوليين.
اقرأ أيضًا: من درعا والقنيطرة إلى ليبيا.. روسيا تواصل محاولات “تجنيد” سوريين إلى جانب “حفتر”
–