كتب إيان بلاك في الغارديان
الجهود المبذولة لوضع حد للحرب في سوريا أصبحت هدفًا عالميًا ملحًا، كما أنها كانت محور لقاء بين فلاديمير بوتين وباراك أوباما على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وحُفزت هذه الجهود من خلال أزمة اللاجئين في أوروبا، في الوقت الذي يستمر ناقوس خطر تنظيم “الدولة الإسلامية”، وتنشر موسكو طائراتها المقاتلة في سوريا لتأخذ زمام المبادرة من الولايات المتحدة الأمريكية في ظل الفوضى في الغرب.
الولايات المتحدة وبريطانيا تغيران مواقفهما بمهارة وتبعثان برسائل مختلطة، بينما عقد كل من السعودية وإيران اتفاقيات كما فعلت روسيا، لذلك من الصعب أن نجد طريقًا للخروج من بحر الدماء والجمود السياسي إزاء الوضع في سوريا.
الولايات المتحدة
أوضح أوباما أنه سيعمل مع روسيا وإيران ولكنه لن يقبل بالعودة إلى الوضع السابق قبل الحرب، أي أن مكافحة تنظيم “الدولة” ستستمر، كما يجب أن يكون هناك “انتقال سياسي منظم” في دمشق.
جون كيري أشار إلى أن بشار الأسد يمكن أن يكون جزءًا من هذا الانتقال، وهو تخفيف واضح للهجة واشنطن السابقة والتي طالما طالبت “الأسد يجب أن يرحل”.
أيضًا جهود الولايات المتحدة في تسليح المعارضة السورية المعتدلة فشلت فشلًا ذريعًا، في حين يبدو أن موقف موسكو أصبح أكثر حزمًا من قبل إزاء قدرة أمريكا على فرض منطقة حظر جوي شمال سوريا، فيما لو أرادت ذلك.
روسيا
بوتين زاد من الدعم العسكري للأسد وأكد أنه بذل جهدًا أكبر في ذلك، وقال “سيكون خطًأ كبيرًا عدم التعاون مع الأسد لمحاربة تنظيم “الدولة”.
وأيضًا لمواجهة الجهاديين، يكثف الروس دعمهم الشامل للرئيس السوري، فقد أشار بوتين إلى الحاجة “لحماية” هياكل الدولة السورية والمعارضة “العقلانية”، والتي لا تشمل المعارضة المسلحة.
وتدعم موسكو “مجموعة اتصال” دولية للتعامل مع الوضع في سوريا، تتضمن إيران والمملكة العربية السعودية، ولكن باستثناء بريطانيا وفرنسا، وتدعم الأمم المتحدة هذه الفكرة.
إيران
إيران دائمًا ما كانت صلبة في دعمها للنظام السوري، مثل روسيا، إذ ترفض أي اقتراح يضطر الأسد للتنحي عن السلطة، ويعتبر نفوذها السياسي والعسكري في دمشق أقوى من أي بلد آخر، فدورها القتالي الذي يقوم به حليفها حزب الله اللبناني في دمشق كبير.
وقال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إن طهران مستعدة للعمل مع الآخرين في سوريا ولكن فقط إذا كانت الأولوية لمحاربة الإرهاب وليس لتغيير النظام.
كما استُبعدت إيران من مؤتمر جنيف-2 حول سوريا، وسط تحفظات من الولايات المتحدة الأمريكية إزاء العمل مع إيران خارج إطار المتفق عليه خلال الاتفاق النووي التاريخي في تموز.
المملكة العربية السعودية
في الأسابيع الأخيرة كانت هناك حركة دبلوماسية نشطة، إذ عقد فيه القادة السعوديون محادثات رفيعة المستوى حول سوريا مع إيران وروسيا.
وبشكل علني لا تزال الرياض ملتزمة بدعم المعارضة الإسلامية التي تقاتل للإطاحة بالأسد، وتصر على أنه يجب عليه التنحي، وتشاركها الموقف جارتها الخليجية قطر.
ومن المثير للاهتمام تحدث الرئيس الروسين فلاديمير بوتين، إلى الملك سلمان حول إيجاد حل للأزمة في سوريا يوم السبت الفائت.
تركيا
الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اقترح للمرة الأولى خلال الأسبوع الماضي أن الأسد يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في عملية الانتقال السياسي، وهي الصيغة الأقرب إلى موقف الولايات المتحدة الجديد، لكنه قال أيضًا إنه من المستحيل بالنسبة للسوريين “قبول الديكتاتور الذي قتل قرابة 350 ألف شخص”.
وكان أردوغان أصر في وقت سابق على أن الأسد يجب أن يسلم السلطة، كما لا تزال تركيا داعمًا هامًا للمعارضة الإسلامية مع إعطاء الأولوية لمحاربة الأكراد.
المملكة المتحدة
في وقت سابق من هذا الشهر أشارت بريطانيا إلى أن الأسد ليس مضطرًا للتنحي في الفترة الأولى وحددتها بـ 6 أشهر، والتي تتبع المرحلة الانتقالية.
وكرر ديفيد كاميرون الفكرة مرارًا إلا أنه أصر على أن يواجه الأسد العدالة بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وهو موقف يبدو أنه يعكس ارتباكًا في بريطانيا أو انتقالًا في مواقفها المتغيرة.
وتعتبر بريطانيا جزءًا من التحالف الدولي الذي يستهدف تنظيم “الدولة” في العراق وربما وسعت ضرباتها لتشمل التنظيم في سوريا أيضًا، كما أنها كانت داعمًا كبيرًا للمعارضة السورية المعتدلة، رغم أن مسؤوليها يقرون “بشكل سري”، ضعفها على الأرض.
فرنسا
فرنسا لا تزال أكثر تشددًا حول سوريا من أي بلد آخر في الاتحاد الأوروبي، كما أنها تعارض أي دور للأسد في الفترة الانتقالية، باعتبار “الأسد هو أصل المشكلة”، بحسب فرانسوا هولاند، الرئيس الفرنسي.
هولاند أضاف “لايمكن أن يكون الأسد جزءًا من الحل”، كما تملك منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغريني تحمل وجهة نظر مماثلة.
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قالت إن المحادثات حول مستقبل سوريا يجب أن تتضمن الأسد، في الوقت الذي تستقبل بلادها نسبة كبيرة من اللاجئين السوريين.
دول الاتحاد الأوروبي الأخرى كانت أكثر وضوحًا بشأن الحاجة للتعاون الأمني والحوار مع الرئيس السوري، إذ يقولون إنه الأقدر على محاربة تنظيم “الدولة”، كالنمسا وإسبانيا مثلًا.
إسرائيل
تتناول الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو الحرب في سوريا من منظور ضيق فيما يخص مصالح الأمن القومي الإسرائيلي، مع التركيز على حزب الله في لبنان.
عقد نتنياهو وقادة الجيش الإسرائيلي الأسبوع الماضي محادثات مع بوتين، لضمان ألا تتعارض الطائرات الروسية مع إسرائيل عندما تتخذ إجراءات في المجال الجوي السوري.
وتدعم إسرائيل بشكل سري المعارضة المناهضة للأسد والتي تعمل على مقربة من مرتفعات الجولان المحتلة، وربما في المنطقة الدرزية الجنوبية أيضًا.
النظام السوري
موقف الحكومة في دمشق لا يلين في دمشق وهو قتال الإرهابيين المدعومين من الدول العربية وتركيا والدول الغربية، كما ترفض الحديث عن المظاهرات السلمية عام 2011 وتقول إنها كذبة.
أعيد انتخاب الأسد عام 2014، بعد تأكيده أن السوريين فقط هم من يملك الحق في أن يقرر إلى متى يجب أن يبقى هو في السلطة.
ولطالما جادل الأسد في أن الجيش السوري هو القوة الأقدر على محاربة تنظيم “الدولة” فضلًا عن تنظيم القاعدة المتمثل بجبهة النصرة وغيرها من الإسلاميين.
كما نفى استخدام البراميل المتفجرة ضد شعبه في المناطق المدنية، وحتى استخدام الأسلحة الكيميائية المحظورة والتي قتلت قرابة 1400 شخص في الغوطة الشرقية عام 2013.
وتسيطر الحكومة السورية حاليًا على أقل من 25% من مساحة البلاد.
المعارضة السورية
تشعر المعارضة السورية بالقلق إزاء الخطوات الواضحة التي تجري نحو إعادة تأهيلٍ ممكن للأسد من قبل خصومه السابقين.
وكان رئيس الائتلاف الوطني السوري المدعوم من الغرب، خالد الخوجة، أشار إلى أن القصف الجوي للنظام السوري هو السبب الرئيسي لنزوح اللاجئين وليس تنظيم “الدولة”، كما كرر الطلب حول فرض منطقة حظر جوي لمنع “راوندا أخرى”.
زعيم حركة أحرار الشام الإسلامية تعهد بمواجهة التدخل الروسي والإيراني، كما أنه ليس هناك ما يدل على أن المعارضة المسلحة مستعدة لوقف القتال على الجبهات في سوريا.
نشر في 29 أيلول وترجمته عنب بلدي، لقراءة المقال باللغة الإنكليزية من المصدر اضعط هنا.
–