حثت الأمم المتحدة بريطانيا على عدم تخفيض المساعدات لسوريا في مؤتمر “بروكسل” الأسبوع المقبل، محذرة من تبعات ذلك في زعزعة الاستقرار بالمنطقة، التي ستؤدي إلى نتائج عكسية على البريطانيين، بحسب ما نقلته صحيفة”The Guardian” البريطانية.
وحذر منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، مارك لوكوك، الجمعة 26 من آذار، الدول المانحة من خفض المساعدات لسوريا، قبل مؤتمر “بروكسل”، في حين طالب منظمو المؤتمر بعشرة مليارات دولار أمريكي، وهو أكبر نداء لسوريا على الإطلاق.
وتابع لوكوك، “يلجأ ملايين السوريين إلى اتخاذ تدابير يائسة من أجل البقاء، وقطع المساعدات الآن من شأنه أن يسهم في زعزعة الاستقرار، بل سيكون خطوة خطيرة في الاتجاه الخاطئ”.
مهمة الدعم المقدم من الدول المانحة مساعدة النازحين في سوريا واللاجئين خارجها في كل من تركيا ولبنان والأردن في قضايا التعليم والإسكان والتوظيف، وبريطانيا هي الجهة المانحة الرئيسة الوحيدة التي تهدد بإجراء تخفيض كبير.
وأضاف لوكوك، “قرار الابتعاد عن سوريا اليوم سيعود ليضربنا جميعًا غدًا، ففي عام 2014، كان تمويلنا سيئًا، وفي عام 2015 كان هناك نزوح جماعي كبير للناس من سوريا إلى أوروبا”.
قدمت المملكة المتحدة 300 مليون جنيه إسترليني عام 2020، وكانت قد قدمت ما يقارب 3.5 مليار جنيه إسترليني بين شباط 2012 وكانون الأول 2020.
وطالب لوكوك المملكة المتحدة بتذكر مسؤولياتها التاريخية تجاه سوريا، كما طالب الدول المانحة في مؤتمر “بروكسل” بالاستمرار في المسار ومواصلة دعم الشعب السوري، ولا سيما أولئك الذين قاموا بدور بارز في الماضي مثل المملكة المتحدة.
استضافت بريطانيا، عام 2016، أنجح مؤتمر لأزمة استجابة نظمته الأمم المتحدة على الإطلاق، حيث جمعت 12 مليار دولار أمريكي، “كان هذا النهج مفيدًا للسوريين وللبريطانيين وللعالم، وساعد في تخفيف المعاناة، واحتواء الفوضى وعدم الاستقرار، وفي النهاية حماية الشعب البريطاني”، بحسب لوكوك.
تظهر الأبحاث الخاصة بالأمم المتحدة أن تسعة من كل عشرة أشخاص في سوريا يعيشون تحت خط الفقر، وتبلغ قيمة الليرة السورية 1% فقط من قيمتها قبل الحرب، ما يجعل من المستحيل على العديد من السوريين تغطية التكاليف الأساسية، مع ارتفاع قيمة أسعار المواد الغذائية بأكثر من 200%.
وخفضت المملكة المتحدة في العام الحالي مساعداتها لليمن بأكثر من 60%، وتحاول خفض برنامج مساعداتها بمقدار الثلث على مدى عامين، مستندة إلى التراجع الاقتصادي الناجم عن فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، لكنها تخفض أيضًا ميزانية مساعداتها إلى ما يعادل 0.5% من الدخل القومي الإجمالي، من أصل نسبة 0.7% المطلوبة قانونًا.
وقلّصت المملكة المتحدة ببطء دعمها لسوريا، لكنها لا تزال واحدة من أكبر المانحين، فالـ300 مليون جنيه إسترليني المقدمة في عام 2020 تلت الـ400 مليون جنيه إسترليني في عام 2019، كما قدمت 450 مليون جنيه إسترليني في عام 2018، و450 مليون جنيه إسترليني في عام 2017، و510 ملايين جنيه إسترليني في عام 2016.
وبحسب الأمم المتحدة، هناك حاجة إلى أكثر من عشرة مليارات دولار هذا العام لدعم السوريين المحتاجين بشكل كامل، وهذا يشمل 4.2 مليار دولار على الأقل للاستجابة في سوريا، و5.8 مليار دولار لدعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة في المنطقة.
يحتاج ما يقدر بنحو 13.4 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية في سوريا، بزيادة 20% على عام 2020، وتهدف الأمم المتحدة وشركاؤها إلى مساعدة 10.5 مليون شخص، بمن في ذلك 5.6 مليون لاجئ والمجتمعات التي تستضيفهم.
وقال الرئيس التنفيذي لـ”لجنة الإنقاذ الدولية”، ديفيد ميليباند، “المساعدات البريطانية تنقذ حاليًا آلاف الأرواح للأشخاص الذين يعيشون في مناطق خارج سيطرة النظام السوري، وهذا ممكن فقط لأن الجهود الدبلوماسية البريطانية استمرت في المعابر الحدودية، لكن تم تقليصها إلى معبر واحد فقط”.
وأضاف أن ثلاثة ملايين شخص في شمالي سوريا يعتمدون على المساعدات الإنسانية من خلال هذه الآلية، ووصفها بأنها “شريان حياة حيوي عملت بريطانيا بجد لحمايته”.
كشفت رسالة إلكترونية مسربة، في 6 من آذار الحالي، عن نية الحكومة البريطانية خفض مساعداتها لسوريا والعديد من الدول الإفريقية بأكثر من 60% مستقبلًا، بسبب تداعيات فيروس “كورونا” على الاقتصاد، وأن المسؤولين البريطانيين يفكرون في خفض المساعدات لسوريا بنسبة 67%، وللبنان بنسبة 88%.
ومن جهته، قال متحدث باسم الحكومة البريطانية، “لقد أجبرنا زلزال جائحة (كورونا) الذي ضرب الاقتصاد على اتخاذ قرارات صعبة ولكنها ضرورية، بما في ذلك التخفيض المؤقت لإجمالي النفقات على المساعدات”.
وأضاف، “ما زلنا نعمل من خلال بعض البرامج الفردية ولم نتخذ القرارات بعد”.
وفي تشرين الثاني 2020، أطلقت الأمم المتحدة نداء لتمويل صندوق أعمالها المتعلق بالاستجابة الإقليمية للأزمة السورية، بقيمة 131.6 مليون دولار أمريكي لبرنامج الاستجابة الإقليمية، لافتة إلى أن الدعم سيشمل 11.7 مليون شخص بحاجة إلى المساعدات الإنسانية داخل سوريا، إضافة إلى وجود نحو 5.6 مليون لاجئة ولاجئ سوري في تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر.
–