خطيب بدلة
هناك قصص تحكى على سبيل النكتة، تضحكنا لأنها تعبر عن غباء إنسان ما، وغفلته، وحمقه، والحماقة مرض عضال، بدليل قول الشاعر: لكل داء دواء يستطبّ به، إلا الحماقة أعيت من يداويها.
تقول إحدى النكات الشائعة، إن زيدًا من الناس استيقظ في الصباح، وعندما أراد أن يلبس ثيابه انتبه إلى أن قمصانه كلها غير مكوية، فحدث نفسه بأنه يستطيع أن يستعير مكواة جارته الساكنة في الطابق الرابع، وبينما هو يصعد الدرج راح يقول لنفسه: الآن تقلب خلقتها بي، وتبدي انزعاجها لأنني أطرق بابها بينما زوجها خارج المنزل، أو قد ترحب بي، ولكنها تعتذر عن عدم إعارتي المكواة، لأن فيشها مكسور، أو قد تتذرع بأن أحد الجيران استعارها ولم يعدها، وقد تقول لي إن زوجها حلف عليها إن هي أعارت المكواة لأحد لتكونن طالقًا بالثلاث، وحينما قرع الباب، وفتحت المرأة بادرها بالقول: .. عليكي وعلى زوجك وعلى المكواة، وعلي أنا لأنني فكرت باستعارة مكواة ناس حقيرين من أمثالكم يا كلاب!
قبل أيام أعادت هذه النكتة نفسها مرتين متتاليتين، الأولى، صديق لنا كتب على صفحته مناقشة لموضوع أدبي ثقافي طرحته قناة “العربية”، وإذا برجل أحمق يشن عليه هجومًا كاسحًا جعله ينزمغ، كما لو أنه علق فجأة في عش دبابير. ملخص الهجوم أنه كان يجدر بصديقنا، في رأي ذلك الأحمق، أن يمتنع عن مشاهدة قناة “العربية” (وهو يسميها العبرية)، فإذا كان يقلب محطات التلفزيون وطلعت له بمحض المصادفة، يجب أن يسارع إلى تغيير القناة، ويستغفر الله سبع مرات، مع أن الأفضل، في مثل هذه الحالات، أن يتطهر بالتراب الأحمر سبعة أزوام (مرات)! ووسط دهشة صديقي، وذهوله، تمكن من توجيه سؤال للمهاجم عن سبب كل هذه الزنبريطة، سيما وأنه يناقش موضوعًا أدبيًا عاديًا مما تعرضُه “العربية” في برنامج خاص، فكتب له الأحمق إن المذيعات في قناة “العبرية” يطلعن بالقرعة، اللهم عافنا.
أمام هذا العلاك الفارغ، أراد صديقي أن يغيظ ذلك الرجل، فكتب له ما معناه أن المرأة حينما تذهب إلى الكوافيرة تقص شعرها، والكوافيرة ترميه في الزبالة، وبعد ذلك يمر قرب الحاوية عدد كبير من الرجال، ويرون الشعر المقصوص ولا يثير فيهم أي شعور سوى الاشمئزاز، فما كان من الشخص المهاجم إلا أن كتب له: الحكي معك مضيعة للوقت. الله يلعنك. وصفقه بلوكًا من النوع المكعب.
الطامة الكبرى حصلت حينما نشر صديقي المذكور ملخصًا لتلك الحكاية على صفحة المجموعة الفيسبوكية التي يديرها محسوبكم “مجلة كش ملك”، وإذا بقلب هجوم داعشي يقتحم جمعنا الهادئ، وينقرنا بهدلة من كعب الدست، متهمًا إيانا بالترويج للفسوق، والدعوة إلى خلع الحجاب، والتشبه بالغرب الكافر الذي يجيز زواج الرجل من أخته، عدا عن زواج المثليين، ولم ينسَ أن “يعملها” على صديقي صاحب البوست، وأدمن صفحة “مجلة كش ملك”، وأكد أنه لا يتشرف بأن يكون عضوًا في مجموعة تافهة كهذه، وحينما جئت لأحذفه وجدت أنه غادر الصفحة بالفعل.