كثفت قوات النظام وروسيا قصفهما مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، الأحد 21 من آذار، مستهدفتين عدة مناطق من بينها مواقع استراتيجية.
القصف على مناطق سيطرة المعارضة ليس جديدًا، وهو متكرر على الرغم من اتفاق “موسكو” الموقع في 5 من آذار 2020، والذي قضى بوقف إطلاق النار.
لكن أمس، كان يومًا مختلفًا بقصف مستشفى، ومحيط معبر “باب الهوى” شريان دخول المساعدات الأممية، إلى جانب استهداف مركز محروقات، وعدة مدن وقرى في ريف إدلب الجنوبي.
وجاء القصف بعد يوم من توفير تركيا تغطية نارية غير مسبوقة، بغارات جوية وقصف مدفعي على محيط بلدة عين عيسى شمالي الرقة، التي توجد فيها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) إلى جانب القوات الروسية وقوات النظام، حسبما نشر مركز “جسور للدراسات” في تقرير عن استهداف أمس.
واعتبر قيادي في “الجيش الوطني” (طلب عدم ذكر اسمه) أن قصف أمس من قبل النظام وروسيا، هو رسالة لتركيا بعد استهدافها عين عيسى، أمس، مفادها التحذير من التمدد في مزيد من المناطق بالشمال السوري.
لماذا تحركت تركيا؟
عنب بلدي توجهت بأسئلة إلى الباحث في مركز “جسور للدراسات” عبد الوهاب عاصي، بشأن احتمال أن يكون القصف التركي نتاج خلاف إيراني- تركي بتدخل تركيا في اليمن، أو تركي- روسي باستهداف تركيا لـ”قسد”.
وقال الباحث عبد الوهاب عاصي، إن هذه النقطة تتعلق باستراتيجية تجزيء الخلافات، وغالبًا ما تلجأ الدول الفاعلة في سوريا إلى تجزئة الخلافات فيما بينها في القضايا الأخرى، منها القضايا الإقليمية كليبيا واليمن، وحتى إقليم كاراباخ في أذربيجان.
ويرى عبد الوهاب عاصي أن الروس والإيرانيين غير راضين عن استمرار الالتزام بهذه الاستراتيجية مع تركيا، لأنهما غير مستفيدتين من ذلك، على خلاف تركيا التي بدأت تحقق مكاسب كبيرة من خلال استمرار هذا النهج، سواء بتحقيق استقرار لأكثر من عام في شمال غربي سوريا، وبالتالي استمرار وجودها العسكري، وأيضًا التقدم شرق الفرات بعد عملية “نبع السلام” إلى جانب “الجيش الوطني”، وإنشاء قواعد عسكرية، و”محاولة اقتناص عين عيسى أو التقدم باتجاهها”.
وسيطرت تركيا و”الجيش الوطني” على مدينة تل أبيض شمالي الرقة ورأس العين شمال غربي الحسكة، بعد عملية “نبع السلام” التي أُطلقت في تشرين الأول 2019، وانتهت بتوقيع اتفاق بين موسكو وأنقرة.
واتفق الجانبان على سحب كل “الوحدات” من الشريط الحدودي لسوريا بشكل كامل، بعمق 30 كيلومترًا، خلال 150 ساعة، إضافة إلى سحب أسلحتها من منبج وتل رفعت.
إضافة إلى تسيير دوريات تركية وروسية مشتركة غرب وشرق منطقة عملية “نبع السلام” بعمق عشرة كيلومترات، باستثناء مدينة القامشلي.
كما أوقف اتفاق موسكو في 5 من آذار 2020، بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، العمليات العسكرية لقوات النظام وروسيا على مناطق سيطرة المعارضة.
ونص الاتفاق على تسيير دوريات مشتركة على “M4″، ووقف إطلاق النار كأبرز البنود.
وبعد الاتفاق، عززت تركيا من وجودها العسكري في محافظة إدلب، بسحب نقاطها من مناطق سيطرة النظام، مقابل إنشاء نقاط جديدة في مناطق سيطرة المعارضة.
ونقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن مسؤول “وحدة الرصد والمتابعة” في فصائل المعارضة، أن تركيا أنهت تشكيل خط دفاعي “الدرع الفولاذية” على طول خط التماس.
ونشرت تركيا نحو 6000 جندي تركي، وحوالي 7500 آلية عسكرية، بينها مدفعية ثقيلة وراجمات صواريخ ورادارات وعربات تنصت، بالإضافة إلى أكثر من 200 دبابة ومدرعة وناقلة جند، توزعت في أكثر من 70 نقطة وموقعًا عسكريًا استراتيجيًا.
وأضاف المسؤول أنه في جبل الزاوية جنوبي إدلب أُنشئت 20 نقطة وموقعًا عسكريًا تركيًا.
اقرأ أيضًا: بعد عام على مقتل الجنود الأتراك.. إدلب.. كيف تغيّر الوجود التركي وما احتمالات المواجهة خلال 2021
تركيا تسعى لكسب تحالفات إقليمية.. روسيا وإيران متضررتان
تذهب تركيا إلى تعاون عسكري مع المملكة العربية السعودية في اليمن، وتعاون أمني ودبلوماسي مع مصر في ليبيا، وفي كلتا الحالتين هذا التعاون على “حساب الفاعلين الآخرين، وهما روسيا في ليبيا وإيران في اليمن”، حسب الباحث عبد الوهاب عاصي.
وبحسب عبد الوهاب عاصي، “يأتي هذا التدخل التركي في مصالح إيران باليمن، في توقيت وظروف وحالة غير مرضية لإيران”.
ورجح الباحث أن تكون إيران وراء القصف الذي استهدف مدينة كلّس جنوبي تركيا، والذي اتهمت تركيا النظام السوري بالمسؤولية عنه، على الرغم من أن مصدره منطقة عمليات “قسد”، إذ تحاول إيران الاحتجاج على سياسة تركيا في التدخل، مشيرًا إلى أن التدخل التركي في مصالح إيران وسياساتها لا يقتصر على اليمن، بل هناك تدخل وشيك في سنجار شمال غربي العراق، و”هذا سيكون على حساب إيران”.
وصعّدت قوات النظام المدعومة من روسيا قصفها على مناطق سيطرة فصائل المعارضة في إدلب وحلب أمس، بالتوازي مع قصف استهدف مدينة حلب تحت سيطرة النظام السوري، حمّل الأخير مسؤوليته للمعارضة السورية.
ماذا حصل أمس؟
واستهدفت قوات النظام مدينة أريحا بثماني قذائف صاروخية، مساء أمس، سقطت على منازل المدنيين وفي مدرسة ومنشأة عامة، بحسب فريق “الدفاع المدني السوري“.
وقال “الدفاع المدني”، إن فرقه تفقدت أماكن القصف وتأكدت من عدم وقوع إصابات في صفوف المدنيين.
كما استهدفت غارات جوية للطيران الحربي الروسي محيط قرية بسنقول على الطريق الدولي حلب- اللاذقية، غربي مدينة أريحا، بالتزامن مع غارات جوية على محيط مدينة سرمدا واستهداف مخيمات النازحين قرب قاح شمال إدلب.
وطالت قذائف النظام المدفعية قرية سرجة في جبل الأربعين جنوبي مدينة أريحا، وبحسب “الدفاع المدني”، لم يقع ضحايا في صفوف المدنيين.
وأسفر قصف قوات النظام مستشفى “الأتارب الجراحي” غربي حلب بقذائف مدفعية عن ست ضحايا، و17 جريحًا بين مدنيين وعاملين في المستشفى الذي خرج عن الخدمة، بحسب ما أعلنته “الجمعية الطبية السورية- الأمريكية” (سامز).
–