إيقاعات.. مشروع ثقافي سوري توقف عند الرقم 13
حسين برو: المجلة حملت نفسًا فنيًا وأدبيًا في وقت طغى فيه الخطاب السياسي؛ ومع ذلك هناك من اعتبرنا “بياعين حكي وغير فاعلين”
جمعهم الحزب الشيوعي ذات مرة، وبعد انفصالهم عنه استمرت لقاءات دورية تجمعهم، إلى حين انطلقت الثورة السورية، فكانوا نواة لمجموعة تشكلت في حلب بتاريخ 19 نيسان 2011 باسم «رؤيا»، تقدم «طرحًا يتعلق بالسياسة، وله أفق مدني ثوري».
ومن رؤيا انبثقت عدة مجموعات منها خلية شبابية عملت على تنسيق المظاهرات، وخلية محامين تابعت قضايا المعتقلين، ومنها ولدت فكرة «إيقاعات»، أو «إيقاعات ثورية» كما أطلق عليها بداية. وبحكم خبرته السابقة كعضو هيئة تحرير في مجلة دراسات اشتراكية، تولى «حسين برو»، أحد مؤسسي رؤيا، رئاسة تحريرها.
عنب بلدي سجلت لقاءًا توثيقيًا مع الأستاذ حسين برو، رئيس مجلس هيئة «ميثاق شرف للإعلاميين السوريين»، مؤسس ورئيس تحرير مجلة «إيقاعات» الحلبية، عن بدايات أولى الصحف السورية حرة، التي صدرت عقب الثورة السورية.
حوار: رئيس التحرير
تحرير: أسيمة صالح
كما كان اسم “رؤيا” تهربًا من “القيم الكبيرة، كالعلماني الديمقراطي المدني”، وتعبيرًا عن مجموعة تقدم نفسها بغض النظر ما قد يطرأ، جاء اقتراح برو لاسم “إيقاعات ثقافية” ابتعادًا عن “العقلية القديمة”، وللتعبير عن أن المجلة جزء من إيقاع الحراك الجديد في سوريا، وتماشيًا مع مرحلة “تحمل الكثير من الشكل الجديد ولا شيء ثابت فيها”، لاحقًا ارتأت أسرة المجلة أن توصيف ثقافية هو إضافة تحد المجلة، وألغيت مع اصدار العدد السابع.
في حلب الغربية، ما بين الجميلية وشارع النيل، الخاضعة لقوات الأسد حاليًا، وبكادر مكون من 5 أشخاص، بينهم رئيس التحرير، والمصمم، صدر العدد الأول من مجلة إيقاعات في 14 آب 2011، لتكون رابع مطبوعة ناشئة في الثورة؛ وازن محتواها بين مجهود خاص أنجزه فريقها، وبين مقالات لكتّاب بارزين، أعيد نشرها في إيقاعات بناء على موافقتهم؛ ومع استمرار المجلة ركز المحتوى أكثر فأكثر على الإنتاج الخاص بإيقاعات، سواء من كادرها ذاته أم من كتاب أعدوا مقالات خاصة لنشرها في المجلة، ممن كان يُؤخذ إذنهم لإعادة نشر مقالاتهم، وباتوا يكتبون خصيصًا لإيقاعات مثل سمير عيطة وبكر صدقي.
رؤيا.. بذرة مشاريع إعلامية وسياسية
بدأت رؤيا بـ 50 شخصًا “فيهم مسلمون سنة وعلويون ومسيحيون، وسط أجواء أقرب إلى نموذج الطبقة المثقفة أو المتعلمة، كما ضم بضعة أكراد، لكن الغالبية كانوا عربًا”، انسحب بعضهم لاحقًا، بحجة أن رؤيا “للحكي والتنظير، والثورة لا تحتمل ذلك”، وانضموا إلى حراك آخر، فانبثقت مجموعات أخرى عن رؤيا منها كش ملك، وحلب بألوان الطيف، مع بعض، شباب ربيع حلب؛ وبقي في رؤيا 14 شخصًا هم في تركيا وأوروبا حاليًا. ويعتبر برو أن المجموعة لم تخسر أحدًا إذ “استمرينا بالتشبيك بين تلك المجموعات؛ بالنسبة لي رؤيا وإيقاعات استطاعت بناء علاقات ممتدة داخل حلب”.
ويقول برو إن تركيز رؤيا كان في البداية نحو العمل المدني، لكن ذلك لا ينفي أن لكل من أفرادها توجهًا سياسيًا، لذا لم يكن مرفوضًا أن تتحول لاحقًا إلى “مجموعة سياسية علنية أو حزب سياسي، ضمن أفكارنا التي طرحناها في العددين الأول والثاني”؛ كما كان أحد الطموحات الرقي بإيقاعات إلى مؤسسة إعلامية؛ ففي عام 2011 أيضًا “بدأنا العمل بمشروع إذاعة إنترنت، وجهزنا جزءًا من البرامج القصيرة لها علاقة بالتأفيل والأنكلة، لكن لم يتسن لنا البث لاحقًا”، وعملنا على إعداد “اسكتشات” مسرحية، لكن الخوف الذي سيطر في تلك المرحلة حال دون ذلك.
“إيقاعات” أول مجلة ثورية صدرت في حلب
المجلة كانت تباع وتكاليفها كانت تغطى من البيع؛ قرابة 50 نسخة كانت توزع على شخصيات اعتبارية مجانًا، و100 أخرى كانت تباع بسعر 50 ليرة للنسخة، أي دولار أمريكي واحد آنذاك. عملية الطباعة كانت تجري على دفعات في قبو منزل برو، ويساعده فيها المصمم عبد الله حكواتي؛ في اليوم الأول تطبع 50 نسخة وفي اليوم التالي 30 ثم 20 وهكذا. عدد من النسخ كان يباع “بمنطق الموانة” أي من يريد المساعدة يشتري 3 أعداد مثلًا. وكان هناك ما أطلق عليه برو اسم “العدد المدعوم”، هو نفس النسخة لكن يشتريها أحدهم بـ 500 ليرة سورية، وكان سعر صرف الدولار آنذاك بحدود 60 – 67 ليرة.
بداية التمويل جاءت من اشتراكات شهرية يدفعها أعضاء رؤيا، منه شكل صندوق للإفراج عن المعتقلين يجمع تبرعات من الأصدقاء أيضًا؛ من الاشتراكات أمنا ثمن طابعة للمجلة، وتكاليف تأسيسها الأولي، ولاحقًا مولت المجلة نفسها بنفسها، وهكذا “كان بيع 100 نسخة يؤمن يبقي أحبارنا وأوراقنا جاهزة”.
مرد الوعي المبكر إلى مسألة التمويل الذاتي، بحسب برو، هو التجربة، والعمر والعمل السياسي، “كان بإمكاننا جمع تبرعات من الأصدقاء، لكننا أردنا أن نقول لهم ادفعوا ثمن المجلة”.
محتوى غير خبري، بعيد عن الشعارات
إضافة إلى غياب العنصر الخبري عن صفحاتها، ما يلفت متابع إيقاعات مقارنة بالمطبوعات الصادرة في نفس الفترة، يلمس تجردها من عواطف جياشة، وتداركها لركاكة درجت في غيرها، إذ سلمت من سب النظام والإشادة بالمعتقلين وتحويلهم إلى أساطير بدافع العاطفة لا بدافع المعلومات، ومرد ذلك أيضًا إلى تنبه كادرها لذلك في وقت مبكر، وفقًا لبرو. مضيفًا “أسترجع الآن الافتتاحيات التي كنت أكتبها.. كانت تطرح تساؤلات وتخوفات وصلنا لها الآن”. موضحًا أن الاعتماد كان على كتاب الرأي، والتحقيقات كانت غائبة، “فكرة المجلة هي أن تكون مساحة حوار تخلق تساؤلات، أكثر من كونها بنية جريدة وتحقيقات مراسلين”.
سياسة تحريرية
لم يكن لإيقاعات سياسة تحريرية مكتوبة، لكن كان هناك سياسة تحريرية معتمدة، فلا تستخدم بعض العبارات مثل “عصابات الأسد”، كما ظهرت السياسة التحريرية في تناول مسألة السلاح، “لي موقف حاد من السلاح، لم أظهره في المجلة، بالمقابل لم أشجع التسليح على الإطلاق”، ولذلك “اعتبرنا أحد الجهابذة في صف النظام لاعتذارنا عن نشر مادة مطولة تنظم لحرب تحرير شعبية، واعتبرني جبانًا لأني لم أنشرها”.
الالتزام بالسياسية التحريرية الضمنية لم يكن وعيًا مهنيًا صحفيًا، بقدر ما كان تجسيدًا لتوجه رؤيا، بحسب برو، فهو الوحيد في المجموعة ذو خبرة صحفية سابقة، ولم يتلق الفريق أي تدريبات صحفية كونهم غادروا سوريا في مرحلة متأخرة؛ أما رؤيا في العموم “توجهها سياسي جامع”، لذا ابتعدت عن التجييش السياسي، والتوصيف غير المهني.
إيقاعات والقضية والكردية
في ملاحظات راجعة ضمن استطلاع أجرته الشبكة السورية للإعلام المطبوع برز إهمال صحف الشبكة للشأن الكردي سلبية عليها، وبحسب رؤساء تحرير تلك الصحف، فالمبرر هو التعقيد والتعدد الحزبي في الملف الكردي، الذي لم ينخرط العرب في تفاصيله ومشاكله؛ في إيقاعات، حضر الملف الكردي باكرًا، وكان مقصودًا بحسب برو، “في حلب مثلًا كنا نعول على الكرد بأنهم سيكونون المحرك، بحكم خبرتهم وتحزبهم، لكن القرارات من أحزابهم جاءت بالابتعاد”، وأوضح أن مجموعة “لجان الربيع الكردي” وتضم مثقفين أكرادًا نسقت مع رؤيا على أكثر من صعيد، أحدها كان المساعدة في إعداد مواد الشأن الكردي في المجلة.
وتناولت إيقاعات الملف الكردي من أكثر من جانب وبأكثر من أسلوب، أحدها استخدام لوحات الفنان التشكيلي الحلبي (الكردي) فاتح المدرس، في محاولة لعرض الثقافة الكردية؛ ففي كل عدد كانت إيقاعات تختار لوحة غلاف لفنان معين، وتستخدم لوحات لنفس الفنان في صفحاتها، ويتضمن العدد لمحة عنه، ما اعتبره برو “خطوة ذكية، ولاقت صدى”، مؤكدًا على موافقة الأحياء من الفنانين على استخدام لوحاتهم.
وعن المطبوعات الكردية التي أسست بعد الثورة السورية، يشير برو إلى مجلة “ولات” التي صدرت عن شباب تنسيقيات الثورة في الدرباسية بالحسكة، كما صدرت نشرة عن تنسيقية “سوا” في القامشلي، أشرف عليها جوان محمد ومجموعة صغيرة من الكرد. أما “الأكراد بجرائدهم كأحزاب تقليدية، إلى حدود القرف، ليس لديهم أي تطور أو أي اهتمام بالقصة”. وأوضح برو أنه عمل مع صحف كردية سابقًا لكون عائلته من مؤسسي الأحزاب، وإن كانت عائلته الضيقة غير منخرطة في التحزب السياسي الكردي، واعتبر أن “الأكراد لم يتطوروا للأسف، منهم من أبدع على مستوى الأفراد، لكن كمؤسسات سياسية على العكس، استمرت بارتباطها بأحزاب، ومؤسساتنا السياسية الكردية مرض حقيقي”.
تفاعل القراء مع الأدب فيجو سياسي
يقول برو إن الناس قرأوا المجلة، وكانت كل نسخة تمر على أكثر من شخص ليقرأها رغم أنها كانت تحمل نفسًا فنيًا وأدبيًا في وقت طغى فيه الخطاب السياسي؛ ومع ذلك هناك من اعتبرهم “بياعين حكي وغير فاعلين”.
ويوضح أن انتقاء الغلاف كان يتم بشكل رئيسي اعتمادًا على الناحية الجمالية، موافقًا على أن الفن التشكيلي ثقافة تسبق السوريين ويحتاج نقادًا لفهمه، “لم نكن ننظر كثيرًا، نختار لوحة فيها شيء يشبه سوريا، ونركز على صورة سوريا الملونة المختلفة، وننتقي كل عدد فنانًا من مدينة، لكن الاختيار النهائي يكون بناء على الجمالية أكثر منه على الرسالة التي يقدمها”، ونوّه إلى أن لوحات الأعداد الاثني عشر كانت لفنانين من مناطق مختلفة، بينهم كرد ومسيحيون، “وطبعًا هناك هدف من أن ننوع اللوحات”.
العدد الأخير
توقف إصدار إيقاعات جاء في مرحلة خطة تطويرية تضمنت إنشاء موقع الكتروني للمجلة والاعتماد على نشرها إلكترونيًا بسبب الظروف الأمنية التي أعاقت الطباعة، والاعتماد على هيئة تحرير فاعلة؛ “الشباب شعروا ببرود، البعض أراد السفر، والبعض لم يعد يرى فائدة من عملنا، وبقيت أنا المصر على المجلة”، لكن العائق المادي طرأ على حياة برو بعد فصله من عمله، كون صفحته على الفيسبوك “بتخرب بيوت” كما وصفها مديره حينها.
“جاءتني فرصة مع بصمة حلب لأعمل مدير تحرير، مقابل 200 دولار، ولم يكن رقمًا أسطوريًا لكني كنت بأشد الحاجة إليه، ولم يعد بإمكاني متابعة الجريدة والمجلة معًا، ولم يكن هناك من يساعدني في إيقاعات”.
ويوضح برو أن تسرب الفريق كان تدريجيًا، بدأ بالمصمم، الذي كان ساعده الأيمن، رغم “فوضويته”، لكن “يفهم على مخي بالتصميم”، “وكنا نمضي يومين متتابعين أحيانًا في قبو منزلي إلى أن يصدر العدد”، ومع مغادرته لم يعد لدي مصمم، وتعاملت مع شاب غير متاح دائمًا، وبعد أن قررنا أن نتحول إلى مجلة إلكترونية، صمم العددان الأخيران على 35 صفحة، غير معدة للطباعة. معترفًا بالتراجع الفني في تصميم المجلة “بين مصمم ميكانيكي، وبين حكواتي الذي كان يرسم رسمًا في تصميمه”.
ويقول برو “البعض يتهمني أني تركت مشروع إيقاعات حين عرض علي المال، لكن عجزي عن إدارتها بمفردي هو السبب الأساسي، فحماس المجموعة تجاه إيقاعات خف، وأنا ما زلت أفكر بإصدارها من جديد بين حين وآخر”.
“لا أعرف حقيقةً ما قصة الرقم 13 مع مسألة التشاؤم، لكن ما أعرفه أننا في أسرة تحرير إيقاعات أصابنا هذا الرقم بالشؤم.. أصدرنا العدد 12 وبعدها توقفنا، لظروف موضوعية.. ربما، ولظروف تشبه الإهمال.. ربما، وللدهشة من عسكرة الثورة في حلب وتراجع العمل المدني.. ربما؛ لكننا ولرهان بيننا وبين أنفسنا، ولاحترام حلم صنعناه معًا قررنا أن نصدر من جديد. 15 كانون الأول موعدنا مع العدد 13”.
لكن العدد 13 لم ير النور، وكان ذلك آخر ما نشر على صفحة مجلة “إيقاعات ثقافية” في 11 تشرين الثاني 2012.
شيوعية في مجتمع محافظ
يوضح برو أن المجلة كانت تحاول تنويع وجهات النظر في كل عدد، ولكن المسيطر على موادها هو التوجه اليساري، الغالب على توجه رؤيا أيضًا. ولم تتعرض لكثير من المعارضة في بدايتها، لكن مع انتشارها وصلت العديد من الشتائم إلى فريق إيقاعات، أطرفها “الكتاب اللي لامينهم عندكم لو نلمهم كلهم ونحرقهم مرة وحدة ونخلص منهم كلهم سوا”. ويوافق برو على أن مجموعات العمل المبينة على أسس وطنية صرفة لم تنجح، بل ما نجح منها كان مبينًا على التقارب الفكري، الصداقة، التاريخ المشترك مجموعة السجناء أو الحزبيين أو المتدينين، ويعقب “كنا ندعي أننا كنا أكثر انفتاحًا لكن سمتنا كانت واضحة، سمة اليسار كانت واضحة”.
وصفت المجلة في بدايتها بأنها أسبوعية، ولكنها لم تصدر ولا مرة كذلك، للجهد الذي استغرقته طباعتها، فصدرت نصف شهرية، ثم تحولت إلى شهرية في آخر 3 أعداد؛ وخلال فترة إصدارها توقفت لشهرين متتابعين بين كانون الثاني 2012 وآذار 2012 لغياب برو خلالها في مصر.
الطائفية في إيقاعات
يعتبر برو تعاطي إيقاعات مع ملف الطائفية، الذي تناولته في عددها 12، كان معالجة خاطئة، “غطت على الطائفية ولم تتعامل معها”، عازيًا ذلك إلى “بنية تفكيرنا التي ترى سوريا ملونة، وعجزت عن معالجة جزئية أن النظام قادك نحو الطائفية دون أن تشعر”، موضحًا أنه ومن حوله لم يشعروا بالطائفية على الإطلاق، لكن احتكاكه بالناس أكثر كشف له عن وجودها بل وتغلغلها، وأضاف “في هذا الملف كنا طوباوبين ولم تكن حالة سليمة”.
التمويل والدعم
في آب 2012، جاءتنا فرصة دعم عبر بصمة حلب، رفضناه كمجموعة رؤيا، لأن لدينا الكثير من الملاحظات على الدعم الأمريكي “والمجموعة كلها كانت تعتبر التعامل مع الأمريكان أذية ما بعدها أذية”، ولم يكن قرارًا فرديًا. كذلك كانت الخطوط العامة لإيقاعات كانت تناقش ضمن “رؤيا”.
الإعلام الناشئ
يوافق برو على ضرورة إنعاش الفكر الحقيقي للثورة “الذي تشوه”، وأن القضية السورية باتت تحاكم على أنها صراع بين نظام ومتشددين، وإعلام الثورة بات يقاس بإعلام النصرة وداعش، في ظل إغفال للجهود الإعلامية في البدايات. وعن موقع تجربة إيقاعات المبكرة مع قرابة 300 وسيلة إعلامية ناشئة صدرت في ظل الثورة يعقب برو بأنه “ليس لدي مشكلة مع عدد الوسائل الإعلامية الصادرة، لكن بنوعيتها” مشيرًا إلى صحف “لاهثة وراء الدعم”. ويقول “إيقاعات فيها شيء من الرومانسية، وأحلم أن أعيدها بنفس المستوى، لا أريد مجلة جديدة تنافس عنب بلدي أو تمدن أو سوريتنا؛ أريد أن أطور إيقاعات باتجاه متعلق أكثر بالحالة الثقافية”. ويضيف “شخصيًا، وعلى الصعيد السياسي الخاص بي، أعتبر اللعب على مسألة الهوية الوطنية السورية، والتأسيس لها مرة ثانية، هي أهم ما علينا إنجازه؛ ومسألة بناء المعرفة أمر بات ملحًا”.
“مشروعي يركز على المسألة التي تجمع وتخلق هوية وطنية سورية من جديد، وعندي إحساس أننا سنكون بحاجة هكذا مشروع بعد فترة”.
ولا ينفي برو أنه حاول إعادة إنتاج إيقاعات من خلال عمله الصحفي في وسائل إعلامية أخرى، إذ أدخل صفحتين ثقافيتين إلى كلنا سوريون، وفي ياسمين سوريا ركز على الجانب الثقافي، وهي الصحيفة الوحيدة التي تنشر شعرًا وفنًا، بحسب قوله. موضحًا أن طبيعة محتوى صحف إخبارية أخرى يبرر لها الامتناع عن نشر الشعر. وأعرب أنه “حتمًا مستعد للشراكة مع أي جهة” لإنعاش إيقاعات من جديد، سواء من خلال عمل مستقل، أو ملحق ثقافي “بشرط أن أكون أنا المسؤول عن توجهه وبنيته المتعلقة بالثقافة”.
وكشف برو لعنب بلدي عن بدايات مشروع شبيه بإيقاعات أسماه “ترامواي”، لئلا يتهم بسرقة جهود الآخرين بحال أسماه إيقاعات، عمل عليه في تركيا، لكنه لم يطبع ” أنا أحلم كثيرًا، وأتعب كثيرًا، وعند التنفيذ تضيع الأمور”.
كرئيس مجلس إدارة هيئة “ميثاق شرف للإعلاميين السوريين”، اعتبر برو أن إيقاعات، بالأخذ بعين الاعتبار الحالة الثورية والمرحلة التي صدرت فيها، كانت أقرب من وسائل كثيرة صدرت في نفس الفترة إلى تطبيق الميثاق الذي يجري العمل على إقراره حاليًا، وإن كان فيها “ثغرات”. وتابع “كقيمة، أحسها كانت متميزة جدًا في تلك المرحلة، لم تقم على “الفورة” بل على التأسيس الطويل؛ مشروع معرفي أكثر من مجرد خبري”.
يبقى أن نشير إلى أن “إيقاعات” هي أول من عمل على توثيق المطبوعات السورية بجمع روابطها ونشرها في صفحات المجلة، تجسيدًا للوعي الاستباقي وإدراك كادرها بدور وسائل الإعلام الناشئة في خلق وبناء إعلام، وهو ما تحتاجه المرحلة بشكل كبير بحسب برو، الذي اعتبر أن دور الصحفي المواطن نابع من الأزمة لكنه لا يبني إعلامًا.
- بحسب «أرشيف المطبوعات السورية»، تحتل مجلة «إيقاعات» المرتبة الرابعة في ترتيب صدور المطبوعات السورية التي صدرت عقب الثورة السورية.
- في حلب، صدرت إيقاعات وتمرد وبصمة حلب، وبعد «التحرير» صدرت عديد من الصحف، توقفت كلها عدا حبر
حسين برو، سوري كردي، من مواليد حلب 1964، تخرج من كلية الآداب قسم اللغة العربية في جامعة حلب عام 1998.
بدأ عمله الصحفي منذ أن كان طالبًا جامعيًا في الثمانينات في مجلة «آفاق»، ومن حينها رافقته عبارة «يا الأصدقاء» التي كان يستفتح بها الأعداد الاولى من مجلة «إيقاعات ثقافية».
عمل في صحيفة دراسات اشتراكية، ولاحقًا أسس مجلة إيقاعات ثقافية.
عمل في عدة وسائل إعلامية سورية نشأت بعد انطلاق الثورة، منها بصمة حلب وكلنا سوريون، وياسمين سوريا، وساهم كرئيس تحرير إيقاعات في طباعة «تمرد».
غادر سوريا بداية 2014 مع هجوم داعش على حلب.
انتخب في حزيران 2015 من قبل وسائل الإعلام السورية المشاركة في إعداد ميثاق أخلاقي للإعلام السوري رئيسًا لهيئة «ميثاق شرف للإعلاميين السوريين».
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :