الأسعار في المنطقة الجنوبية.. مجنونة

  • 2015/09/27
  • 10:49 م

عنب بلدي- عدنان كدم

أينما ذهبت في سوريا تجد الأهالي منشغلين بتأمين قوتهم اليومي، بعد أن طال الغلاء جميع السلع والمواد الغذائية في الأسواق، فصحن صغير يوضع على المائدة السورية يحتاج اليوم إلى دراسة مالية، سواء كان ذلك في مناطق سيطرة نظام الأسد أو في المناطق المحررة، الذي يزداد الوضع فيها سوءًا.

تكلفة الإنفاق الشهري للأسرة السورية على الغذاء تعادل اليوم ثلاثة أضعاف الأجر الشهري للعامل، في الوقت الذي ينشغل فيه النظام بشراء الأسلحة واستقدام شحنات المحروقات لتشغيل ماكينته الحربية.

لوائح تموينية

أصدرت مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدمشق، نشرة أسعار الفروج والبيض والألبان اعتبارًا من 21 من شهر أيلول الحالي، وحددت سعر كيلو الفروج المذبوح بـ 700 ليرة والشرحات الصافية 1500، والدبوس 750، كما وضعت لصحن البيض وزن 1800 غرام سعر 725 ليرة، والفروج المشوي مع ثوم ورغيف خبز وزن 1.4 كغ 1500، والبروستد مع ثوم وبطاطا مقلية ورغيف خبز وزن 1.4 كغ 1600.

وبلغ سعر ليتر زيت الزيتون 1200 ليرة، وزيت فول الصويا 450، وكيلو السكر 150، والسمن العادي 600، والبرغل الخشن 200، والرز 300، والشاي الفرط خشن نوع أول 1700 ليرة.

كما أصدرت المديرية نشرة أسعار الخضار المفرقة رقم 62 اعتبارًا من 22 أيلول الحالي، وبلغ سعر كيلو البندورة نوع أول 110 ليرة والخيار نوع أول 220، والباذنجان 90، والكوسا 180، والبطاطا 135، والزهرة 150، والفليفلة البلدية حلوة 100، كما حددت أجرة تبديل اسطوانة الغاز نوع منزلي بـ 1600 ليرة.

ضبوط مستمرة

لا تزال عمليات الغش والتلاعب بالأسعار تلاحق المواطنين، لتضاف إلى الأسعار المرتفعة أصلًا رفع التسعيرة وفق ما يحلو للباعة، بحجة تذبذب سعر صرف الليرة أمام الدولار.

فقد كشف مصدر في مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك لعنب بلدي أن مديرية حماية المستهلك كثفت دورياتها في كافة الأسواق بمناسبة افتتاح المدارس وقدوم عيد الأضحى، ونظمت 66 ضبطًا في المراكز التجارية، تضمنت عدم الإعلان عن الأسعار والإعلان بسعر زائد، وسحب عينات غذائية وغير غذائية للتأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية إضافة للدراسة السعرية.

بلغ عدد الضبوط المنظمة في أسواق دمشق خلال 15 يومًا الأولى من شهر أيلول الحالي

428 ضبطًا، تضمنت 197 ضبطًا لعدم إعلان عن أسعار السلع والخدمات، و12 ضبطًا للإعلان عن السعر بشكل زائد، و28 ضبطًا لعدم تداول الفواتير أو إبراز فواتير غير نظامية و159 ضبطًا لمواد غذائية وغير غذائية وعينات دراسة سعرية.

بالإضافة إلى الاستجابة لـ 15 شكوى وردت للمديرية والإغلاق الإداري لـمحلين وإحالة شخصين للقضاء موجودًا، وحجز سيارتين وإحالة 70 ضبطًا إلى القضاء.

ارتفاع جنوني، و»الجظ مظ» بـ 750 ليرة

لجأ النظام لرفع أجور ورواتب العاملين في الدولة بمقدار 2500 ليرة كأجر مقطوع يضاف لقيمة الراتب الشهري، في محاولة منه لتنفيس الاحتقان لدى مؤيديه من العاملين في الدولة، كما يقول الموظفون في الدولة، خاصة بعد ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الليرة السورية لـتسجل في الآونة الأخيرة 330 ليرة مقابل الدولار.

وسجلت أسعار السلع والمواد الغذائية في أسواق دمشق وريفها ارتفاعًا قياسيًا في محلات البيع، طالت الخضراوات ومنتجات الدجاج واللحم والمواد الأساسية.

تقول أم أحمد، وهي سيدة تعاني غلاء المعيشة في دمشق، إن أرخص طبخة تكلف اليوم على أقل تقدير 750 ليرة، فمثلًا أكلة «الجظ مظ»، وهي أكلة شعبية قوامها البندورة والبيض، أصبحت باهظة التكلفة وتشكل عبئًا ثقيلًا على الأهالي، فلإعدادها تحتاج 2 كلغ من البندورة و 5 بيضات ونصف كيلو فليفلة وقليلًا من البصل والسمنة والتوابل.

وتتابع «لو حسبنا أن 2 كليلو بندورة يكلف 300 ليرة و5 بيضات بـ 150 ليرة ونصف كيلوا فليفلة بـ 100 ليرة وربطة خبز بـ 50 ليرة وباقي المواد البصل والسمنة، ..ألخ بـ 150 ليرة، لوجدنا أنها تكلف 750 ليرة ولو ضربنا المبلغ بـ 30 يوم لحساب التكلفة الشهرية للاحظنا مبلغ 22 ألف و500 ليرة لطبخ وجبة واحدة يوميًا».

وأوضحت أم أحمد أنه لم يعد بمقدور الأهالي تحمل الأعباء المعيشية الصعبة في مناطق سيطرة النظام والتي أفرزتها الأزمة السورية، ما دفع العديد من ذويها للهجرة إلى خارج البلاد بحثًا عن حياة أفضل.

غلاء فاحش

تعاني أغلب مناطق سيطرة النظام من غلاء كبير في أسعار المواد الغذائية والسلع جراء رفع أسعار المازوت وارتفاع سعر القطع الأجنبي أمام الليرة التي استمرت في التدهور لتسجل 330 ليرة مقابل الدولار الواحد.

ويرى المحلل الاقتصادي وائل حمدو أن ارتفاع سعر المازوت وصعوبة المواصلات بين المحافظات وارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية، عوامل ساهمت في ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة لدى الأهالي المقيمين في مناطق سيطرة النظام، فأغلب المنشآت النفطية ومحطات الغاز خرجت عن سيطرة نظام الأسد، ووجد نفسه عاجزًا عن إنتاج أي مادة من المحروقات من مازوت وغيره، لذلك بدأ يشتري كافة المشتقات النفطية بالعملة الصعبة ويبيعها للأهالي بسعر التكلفة ولا يعنيه بتاتًا انعكاسات غلائها على وضعهم المعيشي، كما وجد النظام نفسه محاصرًا نتيجة خروج جميع المنافذ الحدودية عن سيطرته باستثناء المنفذ البحري ومنفذه مع لبنان، وزادت الأمور تعقيدًا صعوبة التنقل في محافظات درعا والجزيرة وحماة باعتبارها كانت تزود محافظات القطر بالخضار والقمح والفروج واللحوم ومجرد خروج هذه المحافظات عن الاستثمار ضاعف أسعار المواد الغذائية.

وأشار الحمدو إلى أن ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة رفع من نسبة التضخم بشكل كبير، فكان سعر صرف الدولار بـ 50 ليرة قبل الثورة السورية ووصل سعره الآن إلى 330 ليرة، فتضاعفت أسعار السلع 7 مرات تقريبًا، فمثلًا كيلو البندورة كان قبل الثورة بـ 8 ليرات والآن تضاعف ليصل إلى ما يزيد عن 50 ليرة، وصفيحة زيت الزيتون نوع أول كانت بـ 2500 ليرة ووصلت اليوم إلى 15 ألف ليرة.

ويتابع الحمدو «الأهالي دفعوا ثمن الغلاء الفاحش جراء الحرب الجائرة التي يشنها النظام على الشعب السوري، ففي الوقت الذي يعاني فيه الأهالي من غلاء المعيشة التي لم يعد بمقدورهم تحملها، ينشغل النظام بشراء الأسلحة واستخدامها ضد المدنيين وتتواصل ورود شحنات المشتقات النفطية والأغذية عبر المرافىء والمطارات من الدول الداعمة له، لتشغيل آلته العسكرية من طائرات ودبابات وآليات ولتزويد مرتزقته وميليشياته باحتياجاتهم».

 تذبذب في الأسعار

تتفاوت أسعار السلع والمواد الغذائية بين المناطق السورية، ففي المناطق المحررة أفادت تنسيقية كناكر في الغوطة الغربية أن الأسعار تكون شبه متقاربة مع المناطق الخاضعة لسيطرة النظام بالنسبة للمواد التموينية، وأرخص منها في الخضار والفواكه وأغلى منها في اللحوم، فمثلًا بلغ سعر كيلو البندورة 85 ليرة والخيار 140، والرز 325، والسكر بـ 225، أما الفروج المذبوح بـ 2000 ليرة والضأن الهبرة بـ 2000 وليتر زيت الزيتون بـ 350ليرة، وبلغ سعر تبديل أسطوانة الغاز المنزلية 1750 ليرة وسعر ليتر المازوت 225 ليرة.

وأوضح عضو تنسيقية مسرابا، شفيق أبو طلال، أن الحصار المفروض على الغوطة الشرقية من قبل نظام الأسد فاقم الأوضاع المعيشية للأهالي، فما يحتاجه معيل لأسرة تتألف من 5 أفراد ليعيش حياة عادية يقارب 300 دولار على الأقل، بينما يبلغ متوسط الأجر الشهري للعامل قرابة 100 دولار، فهناك تفاوت بين الأجر الشهري ومعدل الإنفاق على شراء السلع يؤدي إلى عجز في القوة الشرائية بمقدار الضعفين. وقد خفف الوقود، المستخرج من البلاستيك، الحاجة للمحروقات، لكنه لا يزال دون الهدف المطلوب لارتفاع سعره، ورداءة جودته، ناهيك أن البلاستيك أصبح قليلًا.

ونوه أبو طلال أن أغلب العائلات استغنت عن كثير من المواد الغذائية الأساسية لغلاء سعرها.

تكرير للمحروقات

بسبب الحصار الخانق المفروض على الغوطة الشرقية من قبل نظام الأسد، تفتحت براعم الابتكارات للأهالي ليخرقوا الحصار المفروض ويوجدوا وسائل لحل مشكلة غلاء الأسعار، بسبب غلاء المشتقات النفطية، ورغم الإمكانيات المحدودة استطاع المهندسون حل مشكلة شح المحروقات من خلال تكرير مخلفات البلاستيك.

فقد بين المهندس عبد اللطيف محمد، الذي يعمل في منشأة التكرير، لعنب بلدي قائلًا :

«يتم تكرير البلاستيك إلى محروقات عبر خطين رئيسين؛ تحويل البلاستيك إلى شحم ومن ثَم إلى الغاز بالاعتماد على أربع مراحل:

تبدأ أولًا بمرحلة التصفية، وهي نزع الشوائب البلاستيكية بمستويين أعلى وأدنى، وتوضع الكميات المفلترة في برميلين وينتهيان بمفتاح الإغلاق، بعدها تبدأ مرحلة التكثيف تتم فيها عملية تكثيف الغاز و ترقيده وإزالة الشوائب العالقة فيه، ثم مرحلة الضغط حيث يضغط الغاز عبر جهاز ضاغط يعمل على الديزل، تتم من خلال العملية تحويل الغاز إلى سائل، المرحلة الرابعة تتم بتعبئة الغاز المسال في أسطوانات باستطاعة 13 بار».

ويتابع المهندس: «عمليات التكرير تنتج أيضًا البنزين والديزل، بنقل البلاستيك إلى محروقات عبر الخط الثاني من شحم إلى بنزين ومازوت، بعد رفع درجة الحرارة إلى 300 درجة مئوية».

لا بديل عن التكرير

يقول سعيد محضر، أحد العاملين ببيع المحروقات في الغوطة الشرقية، إن المنشأة ساهمت بحل مشكلة شح المحروقات وخفضت أسعارها نسبيًا، فقبل عملها كانت المحروقات في متناول الطبقة الغنية، أما الآن أصبحت في متناول الجميع، فسعر ليتر البنزين الصافي قبل التكرير يباع بـ 4600 ليرة أما حاليًا لا يتجاوز سعره 800 ليرة، أيضًا البنزين العادي وصل سعره إلى 2700 ليرة بينما يباع الآن بـ 500 ليرة، أما ليتر المازوت فوصل سعره إلى 2600 ليرة ويباع الآن بـ 400 ليرة، كما بلغ سعر تبديل أسطوانة الغاز المنزلية قبل التكرير إلى 37 ألف ليرة، بينما تباع بوفرة حاليًا بـ 1000 ليرة.

أحمد كبريته، مزارع يعمل في الغوطة الشرقية، أكد لعنب بلدي أنه توقف عن الزراعة لغلاء سعر المازوت وعدم قدرته على تزويد محركات مزرعته بالوقود اللازم، إلا أنه بعد عمل منشأة التكرير وخفض أسعار الوقود استأنف زراعة الخضراوات وبيعها في أسواق الغوطة.

يشتكي معظم المواطنين في سوريا من حمى ارتفاع الأسعار، في الوقت الذي يستمر فيه النظام بشراء الأسلحة واستقدام شحنات الوقود لتشغيل ماكينته الحربية، دون أن يلقي بالًا لأحد أو يسد رمق أفواه جائعة، طالبت بالحد الأدنى من شروط العيش.

مقالات متعلقة

اقتصاد

المزيد من اقتصاد