هنا الحلبي – عنب بلدي
خلال العامين الدراسيين الماضيين (2014، 2013) أجرت هيئة علم امتحانات الثانوية العامة بالمنهاج الليبي بالتعاون مع وزارة التعليم الليبية لمنح الطلاب السوريين شهادات ليبية تعترف بها بعض الجامعات في دول العالم، لكن هذه السنة لم تجرَ الامتحانات حتى اللحظة، بعد مواعيد عديدة للامتحان حددتها الهيئة ثم ألغتها لاحقًا.
وتلقت عنب بلدي عددًا من شكاوى الطلاب، لاسيما الذين اضطروا للسفر إلى تركيا والإقامة فيها قرابة ثلاثة أشهر بانتظار الفحص، متكبدين مصاريف كبيرة.
السفر إلى اسطنبول
وينقل الطالب حسام (رفض الكشف عن اسمه الصريح) تجربته، ويقول «نحن طلاب مقيمون في لبنان، كنا مطمئنين لإمكانية تقديم فحوصاتنا فيها، ولكن تفاجأنا بقرار هيئة علم بعدم قبولنا كطلاب منازل، وأجبرنا على السفر إلى اسطنبول للتسجيل بالمدارس السورية فيها».
ويوضح حسام أنه كان يفضل تقديم الفحص المعياري، الذي فرضته وزراة التعليم التركية مؤخرًا على كافة الطلاب السوريين ويؤهل لدخول الجامعات التركية ويلغي الاعتراف بأي فحص آخر، لكنه يعلل عدم تقديم الفحص بقوله «لم تعلمنا هيئة علم به إلا في وقت متأخر، ولم نتمكن بهذا الوقت الضيق أن نؤمن بطاقات طيران وإقامة في تركيا ففاتنا الفحص»، الذي أجري بتاريخ 28 حزيران وليوم واحد فقط.
بدوره يقول الطالب أمجد، المقيم في اسطنبول، إنه لم يقدم الفحص المعياري التركي لأنه لا يؤهل إلا لدخول الجامعات التركية، وهو يطمح للحصول على الشهادة الليبية التي تحظى باعتراف دولي، ويضيف «عشنا بوعود كاذبة لثلاثة أشهر من هيئة علم ونحن بانتظار إجراء فحوصات الثانوية العامة الليبية»، مردفًا «أول موعد للامتحان حدّد بـ 28 أيار، ومنذ ذلك الحين نحن ننتظر وإلى الآن لم نقدم الفحص».
كلفة كبيرة
والمدارس لم تلتزم بوعودها
وينقل الطالب (أ. ز) المقيم في لبنان قصة تحمّل الطلاب لكلفة السفر «الباهظة»، ويقول «وعدتنا المدرسة في لبنان أن تغطي مصاريف السفر والإقامة في اسطنبول إلى حين انتهاء الفحص، كما وعدتنا بتسهيل دخولنا إلى لبنان حين العودة».
لكن المدرسة لم تلتزم لاحقًا بأي من وعودها، بحسب الطالب، مضيفًا «لم نستطع مغادرة اسطنبول بسبب صعوبة العودة إلى لبنان، فتكلفنا مصاريف لا تقل عن 2000 دولار لكل طالب ونحن ننتظر موعد الفحص».
ويشير الطالب إلى «تخبط واضح بقرارات هيئة علم، إذ لم تعلمنا عن موعد الفحص الأولي، والذي كان من المفترض أن نقدمه خلال العام الدراسي، إلا قبل موعده بعدة ساعات، ولاحظنا أن الكثير من الطلاب المقيمين في اسطنبول لم يقدموه أيضًا في موعده، رغم أن نتائجه تشكل 40% من النتيجة النهائية».
علم تحمّل الحكومة الليبية “التقصير والمماطلة”
بدورها تُحمل نسرين كوارة، وهي عضو هيئة علم، التخبط والتأخير في موعد الفحص، إلى التقصير والمماطلة من الحكومة الليبية، معتبرةً أن الوزارة التي تتعامل مع الهيئة حاليًا هي «وزارة انقلابية» مختلفة عن تلك التي تعاملت معها سابقًا.
وفي اتصال مع عنب بلدي، توضح كوارة «منذ بداية العام الدراسي خاطبنا الوزارة الليبية مرارًا ليؤكدوا لنا استمرارية عملنا على نفس النهج مع الوزارة السابقة دون أي تغيير بالطلبات والشروط، والوزارة بدورها أكدت لنا المضي بعملنا»، مؤكدةً أن «التعامل لم يتغير إلا بعد إلغاء أول موعد للفحص بتاريخ 28 حزيران، وصارت تطلب من الهيئة طلبات تعجيزية»، وفق تعبير نسرين.
وتوضح «كان اتفاقنا الإنساني مع ليبيا في السنوات الماضية يغض النظر عن استكمال أوراق تسجيل الطلاب، نظرًا لظروف الحرب في سوريا، أما هذه السنة طالبتنا الوزارة بوقت متأخر بضرورة توفر شهادة التاسع الرسمية وشهادتي العاشر والحادي عشر بعد أن كانت تكتفي سابقًا بإحداهما فقط؛ وعليه، تقلص عدد الطلاب من 4166 إلى 2230 فقط ممن استطاعوا توفير هذه الأوراق».
اختطاف موفد الهيئة
تجاوبت الهيئة مع طلبات الوزارة الليبية وجمعت الأوراق من الطلاب وأرسلتها، لكن رغم ذلك رُفض كثير من الطلاب واحتفظت الوزارة بأوراقهم، وفق كوارة، مشيرة إلى إعادة الأوراق بعد استكمالها مرة أخرى مع موفد الهيئة، سعيد دينيز أوغلو، والذي يحمل الجنسية التركية، لكنه اختطف في ليبيا مطلع أيلول الجاري، وما يزال التحقيق باختطافه جاريًا حتى اللحظة، بملاحقة من رئاسة الوزراء التركية.
وتحمّل نسرين الوزارة التركية المسؤولية أيضًا، إذ أكدت للهيئة مرارًا أن تستمر بتدريس الطلاب الشهادة الليبية، وعندما صدر قرار الفحص المعياري في الشهر الأول لهذه السنة، لم توضح الوزارة أن الفحص سيلغي الاعتراف بالشهادة الليبية، وأعطت التطمينات لهيئة علم بالاستمرار، وفق عضو الهيئة.
وكان مستشار وزير التعليم التركي، يوسف بيوك، أكد في مؤتمر هيئة علم الأول بتاريخ 1 أيار على استمرار الهيئة بتدريس المنهاج الليبي، لكن «المفاجأة كانت بتاريخ 3 حزيران، حين صدر كتاب الوزارة بخصوص الفحص المعياري وشروط التسجيل وتفاصيله، ومن ضمنها عدم الاعتراف بأي شهادة ومنها الليبية دون إجراء الفحص»، وفق تعبير نسرين، التي تعقب «لم يكن لدى الطلاب الوقت الكافي للتسجيل وأغلق بابه في 12 حزيران وأجري الفحص في 28 منه».
وتبقى هيئة علم حتى اللحظة رهن الوعود الليبية المستمرة، دون تقديم أي تعويض للطلاب الذين أضاعوا سنة دراسية كاملة، زادت من انقطاعهم عن الدراسة قبل خروجهم من سوريا.