الواقع الطبي في محافظة حلب.. إلى أين؟

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – خاص

“جميع الحالات التي تستقبلها المراكز التابعة لهيئة أطباء حلب الأحرار تُعالج مجانًا”

تأسست هيئة أطباء حلب الأحرار في السادس من تشرين الأول 2013، وهي إحدى المؤسسات الطبية العاملة في محافة حلب، وتحصل على الدعم من منظمات عديدة، كمؤسسة شفق ومنظمة سوريا للإغاثة والتنمية SRD، ومنظمة Medical Relief، والمؤسسة السورية الألمانية.

وتتبع للهيئة العديد من المراكز الطبية والمشافي، كما تنتشر مستوصفات ومشاف ضمن حلب ريفها، كمشفى الشهيد باسل أصلان “القدس”، ومركز بستان القصر الطبي، ومستوصف يوسف العظمة، ومشفى سوريا للإغاثة والتنمية في حريتان “بغداد”، الذي تعرض لقصف بداية أيلول الجاري، أدى إلى إصابة ثلاثة من كادره الطبي وخروجه عن الخدمة بسبب الأضرار المادية الكبيرة التي لحقت بالمبنى.

تضم الهيئة قرابة 190 شخصًا ضمن الكادر الطبي، المكون من مختصين ومجازين أطباء وممرضين ومسعفين، بالإضافة إلى الإداريين، الذين يتوزعون داخل المراكز الطبية التابعة للهيئة.

عنب بلدي التقت الصيدلاني محمد الشيخ، المدير التنفيذي في الهيئة ومدير مركز بستان القصر الطبي، وقال إن مشفى القدس يضم 70 – 75 شخصًا ضمن كادره بين مختصين وممرضين وأطباء، بينما يضم مشفى بغداد 70 – 80 شخصًا، ومركز بستان القصر 30 آخرين.

وتحدث الشيخ عن عمل الهيئة في ظل القصف والدمار الذي تعاني منه مدينة حلب، وعن المشاكل التي تعاني منها المراكز التابعة للهيئة، مشيرًا «فعليًا وصلنا إلى مرحلة جيدة خاصة في ظل القصف وانعدام الأمن».

ولفت إلى أن الهيئة تعاني من نقص المختصين والأجهزة، إلا أنه أضاف «قادرون على أن نُخدّم الطب البارد والإسعاف رغم هذه الظروف»، مردفًا «دائمًا هناك خطط جديدة ومشاريع لتقوية العمل الطبي في حلب وفي حلب وريفها».

القطاع الصحي في حلب

يعاني من “فشل كامل”

في اتصال هاتفي مع زيدون الزعبي، مدير عام اتحاد المنظمات الطبية السورية UOSSM، قال إن الواقع الطبي في سوريا «مؤلم»، مشيرًا إلى «فشل كامل» في القطاع الصحي، كحال القطاعات الأخرى في سوريا كاملة.

وحول الواقع الطبي في محافظة حلب أشار الزعبي لعنب بلدي إلى أن العمل الصحي فيها يحتاج إلى إعادة هيكلة، كونه يضم عدة هيئات كمديرية الصحة والاتحاد الطبي الحر والمجلس الطبي لمدينة حلب وهيئة أطباء حلب الأحرار، “تعدد الهيئات ووجود استقطابات بينهم يُعقد الوضع”.

مديرية الصحة في حلب اتخذت مؤخرًا خطوات إيجابية لإعادة بناء النظام الصحي بالتعاون مع المنظمات الأساسية، بحسب الزعبي، الذي لفت إلى اجتماعات مع مديريات الصحة الأخرى في محافظات إدلب وحماة ودرعا، «وربما الغوطة مستقبلًا»، بالإضافة إلى عدد من المنظمات الطبية السورية مثل UOSSM و SAMS، و SEMA، وخاصة بعد توقيع ميثاق شرف المنظمات الطبية مؤخرًا.

الزعبي أعتبر أنه «لا يوجد حلول سحرية في ظل نظام صحي مهدم بالكامل”، مؤكدًا أن المطلوب في الوقت الحالي “إعادة بنائه من الخلية الأصغر إلى الأعلى عكس ما كان يعمل به سابقًا».

ويتطلب الأمر، وتحديدًا من المنظمات الطبية غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني الطبية، تكريس وقتها ومواردها وجهدها لبناء مديريات الصحة والتراجع إلى مواقع خلفية، “المنظمات تعمل كالدولة حاليًا وهذا أمر خاطئ، يجب عليها التراجع ونقل الأصول الثابتة والمتحركة والمهارات إلى المديريات تدريجيًا».

ويعتقد الزعبي أن عملية البناء ستتطلب وقتًا طويلًا، «أنا شخصيًا لا أتوقع أننا نستطيع إنجاز شيء حقيقي قبل 3 – 5 سنوات وربما 7، ولكننا بدأنا بهذه الخطوة ونأمل منها خيرًا».

مديرية الصحة في حلب..

مشاريع قيد التنفيذ

مديرية الصحة في حلب هي مؤسسة حكومية أسسها كل من هيئة أطباء حلب الأحرار والمجلس الطبي لمدينة حلب والاتحاد الطبي الحر، وهي منظمات غير حكومية ساهمت في تأسيس المديرية بشكل متفاوت الفعالية، بحسب مديرها الدكتور ياسر درويش.

وقال درويش إن المديرية هي المؤسسة الوحيدة الحكومية في حلب، مؤكدًا أنها لا تتبع لأي جهة أو منظمة أخرى، وإنما علاقتها مع المنظمات المؤسسة لها «علاقة مرجعية»، لافتًا إلى أنها مستقلة إداريًا وماليًا.

وتنتهج المديرية سياسة، منذ نشأتها قبل سنة و10 أشهر، لدعم المنشآت الطبية التي لا تستطيع الحصول على الدعم، ساعيةً إلى «إثبات نفسها لتعدل سياساتها وهيكليتها على أساس نظائرها في دول العالم».

وستتفرغ المديرية للخدمات الأساسية، وهي بنك الدم والطبابة الشرعية ومنظومات الإسعاف، بالإضافة إلى الرعاية الصحية الأولية والتي تتضمن رعاية الأسرة والتثقيف الصحي وصحة الأم والطفل واللقاحات، بحسب درويش.

درويش لفت إلى أن المديرية أنشأت مركز أمراض الدم الوراثية في محافظة حلب لرعاية مرضى فقر الدم المنجلي والتلاسيميا، وهي الأمراض الأكثر شهرة في سوريا.

وأشار إلى أن المديرية بصدد إطلاق مركزين آخرين خلال الشهر المقبل، وهما مركز الرنين المغناطيسي ومركز العلاج الكيماوي للأورام ضمن محافظة حلب.

هيئة رقابة دوائية

تبدأ عملها نهاية العام الحالي

القسم الآخر من نشاط المديرية يصب في مجال العمل الإداري، إذ عمل كادرها قرابة 4 أشهر على مشروع إطلاق هيئة رقابة دوائية، من المتوقع أن تبدأ عملها نهاية العام الحالي، بحسب درويش.

وستمارس الهيئة رقابتها على كافة معامل الأدوية والصيدليات، والأدوية التي تدخل عن طريق المعابرإلى محافظة حلب، بالإضافة إلى بعض السلع الموجودة في السوق كاللحوم والمعلبات.

وفيما يخص المشاريع الأخرى للمديرية قال درويش “نظمنا ورشة عمل لبعض الأطباء الخبراء في مجال الرعاية الصحية الاولية ووضعوا معايير للمراكز الصحية التي تستحق أن تصنف على أنها أولية، وللمناطق التي تعاني نقصًا في هذه المراكز».

وسلمت لجنة الأطباء معاييرها قبل عيد الأضحى بيومين، وفقًا لدرويش، الذي أكد أن المشروع سيطبق اعتبارًا من بداية الشهر المقبل، من خلال رسم خريطة صحية اعتمادًا على المعايير لتوجيه المنظمات إلى المناطق المحتاجة وسد النقص في مراكز الرعاية الصحية الأولية.

درويش كشف أن المديرية تجهز برنامجًا كاملًا للطبابة الشرعية في محافظة حلب، وسيكون هناك طبابة شرعية مركزية في مدينة حلب ولها أفرع في الريف، على أن تضم أطباء محلفين أمام المحاكم الشرعية، مؤكدًا أن العمل فيها سيبدأ قبل تشرين الثاني المقبل.

وحول العلاقة بين المديرية ووزارة الصحة التابعة للحكومة السوية المؤقتة، قال درويش «عندما يتغير وضع الوزارة الحالي لتستطيع أن تكون فعالة على الأرض داخل سوريا سنسلم السياسات العامة لها ونتبع لها”، مردفًا “وضع الوزارة لا يمكننا من التعامل معها على هذا الأساس في الوقت الراهن».

تبذل العديد من المنظمات والهيئات الرسمية الطبية داخل محافظة حلب جهدها في محاولة للسيطرة على الواقع الطبي المتردي في المحافظة، التي تتعرض للقصف بعشرات البراميل المتفجرة يوميًا، ويبقى السؤال إلى أين سيؤول القطاع الطبي في حلب في ظل المحاولات التي تقوم بها المنظمات الرسمية وغير الرسمية للنهوض به إلى بر الأمان؟

أعدت هذه المادة بدعم من البرنامج الإقليمي السوري

 

مستوصف يوسف العظمة

يعمل كادر مستوصف يوسف العظمة، المكون من 15- 20 شخصًا، على استقبال الحالات ومعاينة المرضى ومعالجتهم، كما يؤمن الحقن العلاجية لحالات الليشمانيا التي انتشرت مؤخرًا في المدينة، بحسب الشيخ.

وفي آخر إحصائية أصدرتها الهيئة، وثق المسؤولون عن المستوصف الطبي خلال الفترة بين 8 و14 أيلول الجاري معاينة 51 مريضًا، بينهم نساء وأطفال، كما استقبل 31 حالة في أقسام الضغط والقلب والشحوم، إضافة إلى 45 حالة أخرى في قسم السكري، بينما أمن حقنًا علاجية ضد مرض اللشمانيا لقرابة 42 شخصًا.

الناشط الطبي حذيفة دهمان، تحدث لعنب بلدي عن الواقع الطبي الذي تمر به مدينة حلب، في ظل النقص في الكوادر الاختصاصية والأدوية، «تعاني المحافظة من نقص في الاختصاصات الطبية، حتى أن بعض الاختصاصيين ذهبوا لأداء فريضة الحج وتركوا الناس رغم الحاجة إلى خدماتهم».

ويستمر القصف بشكل يومي بينما لا تستطيع المشافي في المدينة استيعاب كافة الإصابات، بحسب دهمان، الذي أشار «حاليًا في بستان القصر يوجد عيادات ومراكز علاج فيزيائي يقدمون خدمات طبية مجانية ويستقبلون حالات كثيرة، كما أننا في النقاط الطبية نحول إليهم الحالات التي تحتاج إلى اختصاصيين».

ويردف دهمان إن المشافي غير قادرة على استيعاب المرضى وقت القصف، وهنا تكمن أهمية هذه العيادات، لافتًا «يوجد في بستان القصر نقطة طبية تخفف الحمل عن المشافي أيضًا، وتستقبل الحالات التي تعاني من إصابات باردة، كتغيير الضمادات ومعالجة الحروق والجروح القديمة».

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة