مرت الثورة السورية بعدة مراحل، بدأت بمظاهرات سلمية في آذار 2011، ثم انتقل الثائرون إلى حماية المظاهرات بسبب قمع النظام لها واستخدام العنف.
ووقع على عاتق المنشقين عن قوات النظام وعدد من الشباب السوري حماية المظاهرات، ثم الانتقال إلى الصدام المسلح مع قوات النظام، أواخر العام 2011، بعد تشكيل قوات عسكرية لـ”الجيش الحر”.
تستعرض عنب بلدي في هذا التقرير أبرز الأحداث العسكرية والسياسية خلال الأعوام العشر الماضية.
2011 تشكيل نواة العمل المسلح
لم ترق الجهود الدولية والأممية لثني النظام عن استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين في مختلف مناطق سوريا، إلى المستوى المطلوب في 2011، واكتفت فقط بالإدانة.
ولذلك أسس الضباط المنشقين عن النظام السوري، أواخر تموز 2011، نواة “الجيش السوري الحر” بهدف إسقاط النظام، تحت قيادة العقيد رياض الأسعد، هدفهم حماية المتظاهرين.
كما يعتبر النقيب حسين الهرموش، الذي يعتقد أن جهات تركية سلّمته إلى النظام السوري، من أبرز الضباط المنشقين عن قوات النظام.
2012.. بداية سيطرة المعارضة وتمددها عسكريًا
شهدت بداية 2012 معارك في مناطق مختلفة في سوريا بين قوات النظام و”الجيش الحر”، منها الخالدية وبابا عمر في حمص، والزبداني بريف دمشق، ومعارك في ريف إدلب، صعد النظام خلالها من استهدافه للمناطق المدنية.
كما نفذت قوات النظام والميليشيات الرديفة العديد من المجازر، ككرم الزيتون والحولة في حمص، والتريمسة في ريف حماة.
وبعد حزيران، شهدت الساحة العسكرية والسياسية في سوريا تحولات متسارعة، إذ دارت معارك بين قوات النظام و”الجيش الحر” في دمشق وريفها سيطر من خلالها الأخير على عدة ثكنات عسكرية لقوات النظام وتمدد في الغوطة الشرقية والغربية ومناطق الريف الأخرى.
أما في حلب، فقد سيطر “الجيش الحر” على الأحياء الشرقية وجزء من الأحياء الجنوبية في المدينة، كما سيطر على مدينتي اعزاز والباب في الريف الشمالي، إضافة إلى السيطرة على “مدرسة المشاة” و”ثكنة هنانو” وثكنات عسكرية أخرى.
في سياق هذه التحولات العسكرية، عقد في حزيران مؤتمر “جنيف- 1” بناء على دعوة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا حينها كوفي أنان.
وفي 18 من تموز، استهدف تفجير اجتماعًا لـ”خلية إدارة الأزمة” في مبنى الأمن القومي في العاصمة دمشق، وقتل إثره كبار الشخصيات في النظام السوري.
وقتل نتيجة التفجير وزير الدفاع حينها، العماد داوود راجحة، ونائبه آصف شوكت صهر الأسد، إلى جانب حسن تركماني رئيس الخلية، ورئيس مكتب الأمن القومي هشام بختيار.
كما أصيب وزير الداخلية محمد الشعار، وتضاربت الأنباء حول مصير شخصيات أخرى كانت مشاركة في الاجتماع، الذي ضم أعضاء الخلية المُشكلة للتعامل مع الثورة في ذلك الوقت.
وبعد الإعلان عن نتائج العملية، عيّن الأسد العماد فهد جاسم الفريج وزيرًا للدفاع، وكان حينها رئيس هيئة الأركان، كما حلّ رئيس إدارة أمن الدولة علي مملوك مكان بختيار، وعُيّن عبد الفتاح قدسية نائبًا له، بينما خلف مملوك في رئاسة أمن الدولة، اللواء محمد ديب زيتون.
2013.. تمدد المعارضة عسكريًا
وسعت فصائل المعارضة من سيطرتها، واستولت في كانون الثاني على مطار تفتناز العسكري في إدلب، ومطار منغ في ريف حلب، وفي آذار على أول مركز محافظة سورية وهي الرقة، كما سيطرت على جميع الريف الغربي لحلب، وعدة مناطق في ريف دمشق ودرعا.
وقصف النظام في آب منطقتي زملكا وعين ترما بصواريخ كيماوية، ما أدى إلى مقتل 1144 شخصًا اختناقًا، منهم 1119 مدنيًا بينهم 99 طفلًا و194 سيدة (أنثى بالغة)، و25 من مقاتلي المعارضة المسلحة.
كما أُصيب 5935 شخصًا بأعراض تنفسية وحالات اختناق، بحسب ما وثقته “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”.
وفي شمال شرقي سوريا، فقد النظام سيطرته على معظم حقول النفط نتيجة سيطرة فصائل المعارضة و”وحدات حماية الشعب” (الكردية) (فرع حزب العمال الكردستاني في سوريا) عليها، نتيجة المعارك منذ أواخر 2012.
لكن التمدد قابله سيطرة النظام و”حزب الله” اللبناني على منطقة القصير بريف حمص الغربي الحدودية مع لبنان، وحي الخالدي في مدينة حمص، وبلدة قارة ومدينتني النبك ودير عطية في القلمون، وقرى صغيرة في الغوطة بريف دمشق.
وقتل القائد العسكري ومؤسس “لواء التوحيد” أبرز فصائل حلب، عبد القادر الصالح، بقصف النظام لمدرسة المشاة خلال اجتماعه مع عدد من قادة اللواء.
2014.. تمدد تنظيم الدولة
لعل أبرز ما شهده العام 2014، هو صعود تنظيم “الدولة الإسلامية” وسيطرته على مناطق واسعة من سوريا والعراق، والمعارك التي دارت بينه وبين فصائل المعارضة المعتدلة والإسلامية كـ”أحرار الشام” و”جبهة النصرة”، خاصة في شمالي سوريا.
كما أجريت انتخابات جدد فيها رئيس النظام السوري، بشار الأسد، سلطته على البلاد لسبع سنوات أخرى.
بدوره أعلم المبعوث الأممي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي فشل محادثات مؤتمر “جنيف- 2”.
وسيطر النظام خلال هذا العام على كامل منطقة القلمون الغربي شمالي دمشق.
2015.. النظام يترنح وروسيا تتدخل عسكريًا
سيطرت فصائل المعارضة خلال النصف الأول من 2015 على ثاني مركز محافظة وهي إدلب، وذلك بعد معارك شنها “جيش الفتح”، المكون من تجمع عدة فصائل أبرزها “حركة أحرار الشام” و”جبهة النصرة” وفصائل من “الجيش الحر”.
وشهد هذا العام تمددًا للمعارضة في شمالي سوريا، ووصلت إلى مشارف حماة، لكن تدخل روسيا عسكريًا إلى جانب النظام أواخر أيلول، أنقذ النظام من خسارته المزيد من الأراضي.
وفي كانون الأول، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار “2254”، والذي يعتبر المرجعية الأساسية للمعارضة من أجل التوصل لحل سياسي.
وقتل مؤسس وقائد “جيش الإسلام”، زهران علوش، بغارة جوية في منطقة أوتايا في الغوطة الشرقية. الذي يعتبر أبرز المشرفين على تأسيس “القيادة العسكرية الموحدة” للغوطة الشرقية سابقًا.
2016.. سقوط حلب وبداية التدخل التركي في سوريا
سيطرت قوات النظام على الأحياء الشرقية لمدينة حلب، بعد معارك طويلة وقصف استهدف المدنيين وفرض حصار على المنطقة، وتهجير أبناء الأحياء إلى مناطق سيطرة المعارضة.
كما سيطرت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) المدعومة من التحالف الدولي لقتال تنظيم ” الدولة الإسلامية” على مدينة منبج شمالي حلب، على حساب تنظيم “الدولة”.
وأطلق الجيش التركي مدعومًا بفصائل “الجيش الحر” في آب عملية “درع الفرات” ضد تنظيم “الدولة” و”قسد”.
كما شهد الشهر مقتل المتحدث باسم تنظيم “الدولة”، أبو محمد العدناني، تبعه مقتل القائد العام لـ”جيش الفتح”، “أبو عمر سراقب”، بغارة للتحالف في أيلول.
وجرى تهجير أهالي مدينة داريا وبلدة معظمية الشام بغوطة دمشق الغربية، ومدينة التل بريف دمشق وحي الوعر في حمص.
وسيطر تنظيم “الدولة” على مدينة تدمر بريف حمص الشرقي.
2017.. تمدد النظام عسكريًا مع فرض الحل السياسي
بعد أكثر من شهر من سقوط حلب، ودخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بين روسيا وتركيا في 30 كانون الأول 2016، بدأت في كانون الثاني مباحثات “أستانة” في العاصمة الكازاخية نور سلطان، برعاية الدول الضامنة تركيا وروسيا وإيران.
ووقع بموجب جولات “أستانة” اتفاق خفض التصعيد، الذي شمل تسع محافظات سورية، لكن الروس والنظام لم يلتزموا ببنود الاتفاق.
ووصلت جولات “أستانة” في 2017 إلى ثمانية جولات، كما أتمت جولات جنيف ثمانية أيضًا.
واستطاع الجيش التركي و”الجيش الحر” السيطرة على أهم معاقل تنظيم “الدولة” في مدينة الباب شمال شرقي حلب في آذار، كما سيطرت “قسد” على الرقة في تشرين الأول.
وفكت قوات النظام الحصار المفروض على مناطق سيطرته في محافظة دير الزور شمال شرقي سوريا من قبل التنظيم.
أما في نيسان، استهدف النظام مدينة خان شيخون بريف إدلب بالصواريخ محملة بمواد كيميائية أدت إلى مقتل نحو 100 مدني، وإصابة العشرات.
https://www.youtube.com/watch?v=pTuTILJ9LvA
وردت الولايات المتحدة بقصف مطار الشعيرات بريف حمص التابع لقوات النظام.
فيما سيطر النظام على وادي بردى وكامل جرود القلمون بريف دمشق، وحيي القابون وبرزة في دمشق، مع تهجير قسري للسكان.
2018.. استمرار لسياسة التهجير
كثف النظام بدعم روسي من قصفه على الغوطة الشرقية وسيطر عليها، وأجرى عمليات تهجير بعد اتفاق مع الفصائل العسكرية، خرج بموجبها مقاتلون وعوائلهم ومدنيون آخرون من المنطقة إلى شمالي سوريا.
كما سيطر على أحياء الزين والحجر الأسود واليرموك جنوبي دمشق بعد انسحاب “تحرير الشام” وفصائل أخرى وتنظيم “الدولة” منها.
وتوصل وفد مفاوض من بلدت وقرى يلدا وببيلا وبيت سحم جنوبي دمشق إلى اتفاق مع الروس بخروج المقاتلين ومن أرداد من المدنيين من المنطقة إلى شمالي سوريا.
وتشابه حال القلمون الشرقي ومدينة الضمير بريف دمشق الشرقي مع معظم المناطق، بعد قصف النظام للمنطقة وتهجير من أراد إلى شمالي سوريا.
حملات التهجير هذه جرت خلال الأشهر الأربع الأولى من 2018.
لكن الأمر لم ينته، إذ سيطر النظام على كامل الريف الحمصي في أيار، وعلى محافظتي درعا والقنيطرة في تموز.
وعلى الصعيد العسكري، خسرت المعارضة سيطرتها على مناطق شرقي السكة ومنطقة أبو الظهور بعد معارك مع النظام.
كما جرت اشتباكات بين “هيئة تحرير الشام” و”جبهة ثوار سوريا” في إدلب، و”هيئة تحرير الشام” وتنظيم “الدولة” شرقي السكة.
وفي بداية 2018، أطلق الجيش التركي وفصائل المعارضة المدعومة من قبل تركيا، عملية “غصن الزيتون” ضد “قسد”، انتهت بالسيطرة على منطقة عفرين شمال غربي حلب.
وعقدت روسيا “مؤتمر الحوار الوطني” السوري في مدينة سوتشي الروسية على مدار يوم واحد فقط، في 30 كانون الثاني، بحضور 1600 شخص من مختلف الطوائف السورية.
وانتهى المؤتمر بالاتفاق على تشكيل لجنة دستورية من ممثلي النظام السوري والمعارضة، لإصلاح الدستور وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولي “2254”.
2019.. النظام يشن هجومًا على شمال غربي سوريا.. التنظيم انتهى
سيطرت “قسد” على آخر معاقل تنظيم “الدولة”، في الباغوز بريف دير الزو، في آذار.
بينما شن النظام عمليات عسكرية متتالية، بدأت في شباط، على مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، سيطر فيها على مناطق استراتيجية.
وقتل زعيم تنظيم “الدولة”، أبو بكر البعدادي، بعملية إنزال أمريكية في ريف إدلب الشمالي، في تشرين الأول.
وشنت تركيا و”الجيش الوطني” المدعوم منها عملية “نبع السلام” في تشرين الأول ضد “قسد” شرقي الفرات، انتهت بالسيطرة على مدينتي تل أبيض شمالي الرقة، ورأس العين شمال غربي الحسكة، وتوقيع اتفاق سوتشي بين تركيا وروسيا.
وعقدت أولى جولات اللجنة الدستورية السورية في مدينة جنيف السويسرية، في تشرين الأول، والثانية في تشرين الثاني.
2020.. انحسار العمل العسكري
استمر النظام في حملته العسكري على حلب وإدلب، وسيطر على مدن وقرى، في ريف حلب الغربي، ومن معرة النعمان وسراقب بريف إدلب.
انتهت الأعمال العسكرية بتوقيع اتفاق “موسكو”، في 5 من آذار، بين الرئيسين التركي، رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، نص على وقف إطلاق النار وتسيير دوريات مشتركة.
ثبتت بعدها خريطة السيطرة العسكرية، إلا أن النظام استمر في قصف مناطق سيطرة المعارضة، وبدورها ترد الفصائل المعارضة على القصف.
وعقدت جولتان من أعمال اللجنة الدستورية، في آب وتشرين الثاني.
طبق قانون قيصر لمعاقبة النظام السوري اقتصاديًا في حزيران، وتدهور سعر صرف الليرة السورية، وشنت إسرائيل نحو 50 غارة في سوريا.
2021.. ثبات الحالة العسكرية مع تحركات سياسية
أكملت اللجنة الدستورية جولتها الخامسة في كانون الثاني، لكن البيان الختامي أشار إلى فشلها.
وتحاول روسيا وتركيا إعادة إحياء أعمالها عبر جولات سياسية لدول عربية، في وقت تثبت فيها الخريطة العسكرية تقريبًا منذ اتفاق موسكو في آذار 2020.