قال رئيس الحكومة اللبنانية المكلف، سعد الحريري، إنه اتفق مع الرئيس اللبناني، ميشيل عون، على الاجتماع يوم الاثنين المقبل، لتقديم أجوبة حول كيفية الوصول إلى تشكيل الحكومة في أسرع وقت، بحسب ما نقلته الوكالة اللبنانية “الوطنية للإعلام“.
وجاء ذلك بعد اجتماع جمع الطرفين بعد ظهر اليوم الخميس، 18 من آذار، بناءً على طلب الرئيس عون، إثر تجدد تبادل الاتهامات، بينهما حول تأخر تشكيل الحكومة المنتظرة منذ تكليف الحريري بتشكيلها، قبل نحو خمسة أشهر.
وقال عون مساء أمس الأربعاء، 17 من آذار، إن تعطيل تشكيل الحكومة جاء بعد تقديم الحريري مسودة حكومة لا تلبي الحد الأدنى من التوازن الوطني والميثاقية، داعيًا في الوقت نفسه الحريري إلى زيارة قصر بعبدا، من أجل التأليف الفوري للحكومة.
بعدما تقدم الرئيس المكلف سعد الحريري بعناوين مسودة حكومية لا تلبي الحد الأدنى من التوازن الوطني والميثاقية ما أدخل البلاد في نفق التعطيل، أدعوه إلى قصر بعبدا من أجل التأليف الفوري للحكومة بالاتفاق معي، وفق الآلية والمعايير الدستورية المعتمدة في تأليف الحكومات من دون تحجج أو تأخير
— General Michel Aoun (@General_Aoun) March 17, 2021
ودعا عون الحريري، ضمن سلسلة تغريدات نشرها عبر “تويتر“، إلى إفساح المجال أمام كل قادر على تأليف الحكومة في حال عجزه عن تولي المهمة وترؤس حكومة إنقاذ وطني للأوضاع الأخيرة التي تعاني منها البلاد.
من جهته، رد الحريري على تصريحات عون داعيًا عبر “تويتر” لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة في حال عجز الرئيس عن توقيع مراسيم تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لوقف الانهيار.
وأعلن الحريري، في 4 من آذار الحالي، أنه لا ينتظر رضى أي طرف خارجي لتشكيل الحكومة، على خلاف “حزب الله” الذي ينتظر القرارات من إيران، بحسب ما نشره الحريري عبر “تويتر“.
تحركات وزيارات
ويواصل الحريري لقاءاته مع العديد من الأطراف الفاعلة في لبنان، عبر لقاءات داخلية وزيارات متكررة، إذ التقى في 9 من آذار بوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في العاصمة الإماراتية، أبو ظبي، وتباحث الجانبان في التطورات التي يشهدها لبنان.
التقى الرئيس سعد الحريري ظهر اليوم في #أبوظبي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في حضور مبعوث الرئيس الروسي الى الشرق الأوسط وشمال افريقيا ميخائيل بوغدانوف ومبعوث الرئيس الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان، وتناول البحث خلال اللقاء مجمل الأوضاع والتطورات في #لبنان والمنطقة. pic.twitter.com/XVOdvKjLcx
— Saad Hariri (@saadhariri) March 9, 2021
وجاءت زيارة الحريري إلى أبو ظبي، بعد زيارة أخرى سابقة، في 19 من شباط الماضي، التقى خلالها بولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، بعد يوم واحد من لقائه بأمير قطر، تميم بن حمد، لاستعراض المستجدات اللبنانية.
وعقد الحريري لقاءين استقبل خلال أولهما السفيرة الأمريكية في بيروت، دوروثي شيا، في 12 من آذار الحالي، وكشف خلاله عن رغبته بإجراء زيارة إلى الولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة ضمن جولة خارجية يجري الإعداد لها، بحسب ما نقلته وسائل إعلام لبنانية.
كما استقبل في 14 من الشهر الحالي، السفيرة الفرنسية في بيروت، آن غريو، للتباحث بالمستجدات السياسية.
تنافس لبناني على كسب الود الروسي
ولم يكن اللقاء الذي جمع بين الحريري ولافروف هو اللقاء الوحيد من الجانب اللبناني بمسؤول روسي على خلفية تعثر تشكيل الحكومة، إذ بدأ وفد من “حزب الله” بقيادة رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” في البرلمان اللبناني، محمد رعد، منذ 15 من آذار الحالي، زيارة إلى العاصمة الروسية، موسكو، لمدة ثلاثة أيام بناءً على دعوة روسية.
وشملت مباحثات وفد “حزب الله” مع لافروف مسألة تشكيل الحكومة اللبنانية، إذ جدد لافروف تأكيده على موقف موسكو الداعم للبنان، بالإضافة إلى التركيز على تشكيل حكومة يرأسها الحريري بأسرع ما يمكن، بحسب ما نقلته وكالة “سبوتنيك“.
هل هناك مسودة أم لا؟
في تصريحاته مساء أمس، أفصح عون عن تقديم الحريري مسودة حكومية قال إنها لا تلبي الحد الأدنى من التوازن الوطني، والميثاقية.
وتتعارض هذه التصريحات مع تصريح مسرّب لعون، نقلته قناة “الجديد” اللبنانية، في 11 من كانون الثاني.
#عون في تصريح ناري مسرب: سعد #الحريري بيكذّب @LBpresidency @saadhariri @Hassan_B_Diab pic.twitter.com/55i9BWAUdN
— Al Jadeed News (@ALJADEEDNEWS) January 11, 2021
واتهم عون خلال التسجيل المصوّر، الحريري بالكذب، وتقديم تصاريح كاذبة، نافيًا صحة التصريحات الإعلامية التي أطلقها الحريري حينها، والتي نصّت على تقديمه ورقة بأسماء مرشحة لعضوية الحكومة.
وجاء ذلك خلال لقاء جمعه برئيس حكومة تصريف الأعمال، حسان دياب.
دعوة للتدويل بوجه أزمات كثيرة
جدد البطريرك الماروني، مار بشارة بطرس الراعي، دعوته إلى عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان، داعيًا في نفس الوقت الأمم المتحدة للمساعدة في إنقاذ لبنان.
تصريحات البطريرك الراعي التي أطلقها خلال قداس ترأسه في كنيسة “السيدة” شمالي بيروت، في 9 من شباط الماضي، أثارت موجة من ردود الفعل اللبنانية المنقسمة حول فكرة التدويل.
وعارض “حزب الله” هذه الدعوات باعتبارها “دعوة للخراب والحرب واستدراج الخارج للاعتداء على لبنان”.
كما عارض الفكرة “التيار الوطني الحر” الذي يقوده وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، الحليف المخلص لـ”حزب الله”، مقابل تأييد حزب “القوات اللبنانية”، وحزب “الكتائب” للتدويل، بحسب ما نقلته الوكالة “الوطنية للإعلام“.
ويشهد لبنان حالة من عدم الاستقرار منذ انفجار مرفأ بيروت في 4 من آب الماضي، رغم ما تبعه من تحركات سياسية تمثلت في زيارتين للرئيس الفرنسي إلى لبنان، وإطلاقه مبادرة لتشكيل حكومة اختصاصيين بغرض كسب الدعم الدولي لتأمين مساعدات إلى لبنان وإعادة إعمار الأحياء المتضررة جراء الانفجار.
واستقالت حكومة حسان دياب في 10 من آب 2020، على خلفية دعوات شعبية طالبت باستقالة الحكومة ومحاسبة المتسببين بالانفجار، ثم اعتذر مصطفى أديب عن تشكيل الحكومة في 23 من أيلول 2020، ليجري تكليف الحريري في 22 من تشرين الأول 2020، بتشكيل الحكومة التي لم تبصر النور بعد، رغم مضي نحو خمسة أشهر على تكليف الحريري بتشكيلها.
وتتزامن هذه الأحداث مع غياب أي تقدم ملموس في التحقيق الذي يتولاه القضاء اللبناني بقضية انفجار المرفأ الذي خلّف خسائر كبيرة بالأورواح والبنى التحتية، سيما بعد إقالة المحقق العدلي المكلف بمتابعة ملف الانفجار، القاضي فادي صوان، إثر مطالبته في كانون الثاني 2020، باستجواب حسان دياب، وعلى خلفية مطالب قدّمها كل من وزير المالية السابق، علي حسن خليل، ووزير الأشغال العامة السابق، غازي زعيتر، لـ”النيابة العامة التمييزية” بنقل الدعوى لقاضٍ آخر، متهمين صوان بخرق الدستور.
عقبات أمام التشكيل
تتجسد عقبات تشكيل الحكومة اللبنانية بسعي “التيار الوطني الحر” للحصول على عدد وزارات تتيح للتيار وحلفائه الثلث المعطل في الحكومة، بالإضافة إلى تمسك جبران باسيل بالتحالف مع “حزب الله” الذي يصر على تسمية وزراء في الحكومة.
ويعمل الحريري على تشكيل حكومة اختصاصيين كما جاء في المبادرة الفرنسية، في وقت تصر فيه القوى السياسية اللبنانية على أن تكون الحكومة حكومة محاصصة.
وقال المحامي اللبناني طارق شندب، في حديث إلى عنب بلدي، إن الرئيس اللبناني يعمل مع فريقه على تعطيل الدستور عبر المطالبة بالثلث المعطل، بما يخالف الدستور، في حين يسعى الحريري لتشكيل حكومة تكنوقراط.
وحمّل شندب، حاكم المصرف المركزي رياض سلامة ورؤساء مجلس إدارات المصارف، وأصحاب المصارف مسؤولية سرقة ونهب الأموال المودعة في البنوك اللبنانية، كون سلامة لم يقم بالأعمال الموكلة إليه قانونيًا بحماية الأموال، بصفته حاكم مصرف لبنان.
وقلل شندب من أهمية فرض أي عقوبات خارجية على أي مسؤول لبناني، باعتبار هذه الخطوة من مسؤولية القضاء اللبناني الذي يعتبر شريكًا في التآمر على الشعب، طالما أنه لم يوقف أيًا من سارقي المال العام، فالطبقة السياسية في لبنان متفقة على حماية بعضها، وعدم فضح ملفات الفساد الخاصة بها، بحسب شندب.
وحمل المحامي “حزب الله” دورًا فيما وصفه بالنكسة الاقتصادية التي يعيشها لبنان، باستيلائه على الحدود وقيامه بعمليات تهريب تحرم الخزينة من مليارات الدولارات، منتقدًا غياب وجود قوى أمنية قادرة على فض الخلاف السياسي.
وأشار شندب إلى مسؤولية “حزب الله” وأتباع النظام السوري، عن تهريب نترات الأمونيوم التي انفجرت في المرفأ، لافتًا إلى أن لبنان متجه نحو الخراب في حال استمر الوضع على ما هو عليه.
اقتصاد يتهاوى
يعيش لبنان منذ أكثر من عام أزمة مالية خانقة تعرف باسم أزمة المصارف، وتتمثل في تهريب الأموال من المصارف اللبنانية إلى الخارج، مما أفقد المودعين القدرة على الوصول الحر إلى حساباتهم أو التحكم بما يرغبون سحبه من أرصدتهم.
ورافق قضية المال المنهوب (التي توجه أصابع الاتهام بالتورط بها، إلى حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة) انخفاض متواصل في قيمة الليرة اللبنانية، والتي بلغت نحو 15 ألف ليرة لبنانية مقابل الدولار الأمريكي الواحد.
وانعكس الوضع الاقتصادي على معيشة المواطنين وارتفاع الأسعار والازدحام على المتاجر الغذائية، بالإضافة إلى ندرة بعض السلع، وغياب بعضها الآخر.
وفي 13 من كانون الثاني الماضي، وافق البنك الدولي على منح لبنان 246 مليون دولار ضمن ما وصفه بـ”مشروع دعم طارئ جديد”، بعد مفاوضات متبادلة بين الطرفين لنحو شهر تقريبًا.
Recent crises in #Lebanon have threatened to reverse hard-won gains in human capital. Our new World Bank support program will reach the poorest people with cash transfers and also focus on the vulnerable, incl. students, women-headed households, the disabled and the elderly. https://t.co/2iWTABKsXn
— Axel van Trotsenburg (@AxelVT_WB) January 13, 2021
وحمّلت منظمة “هيومن رايتس ووتش” السلطات اللبنانية مسؤولية الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعيشها البلاد، بحسب تقريرها الصادر في 14 من كانون الثاني الماضي.