ألغت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام السوري الدعم عن مادة البنزين، الأمر الذي أثر بشكل مباشر في حياة المواطنين، وفرض اتخاذ قرارات سريعة لتعديل السلوك الاستهلاكي، للتكيف مع الظرف الجديد، الذي يفرض دفع مبالغ أعلى لتشغيل المركبات التي يُعتمد عليها بشكل أساسي للتنقل.
إذ حددت الوزارة سعر ليتر مادة البنزين الممتاز “أوكتان 90” للكميات المخصصة على البطاقة الإلكترونية “مدعوم وغير مدعوم” بـ750 ليرة سورية لليتر الواحد، بدلًا من 475 ليرة للمدعوم و675 ليرة لغير المدعوم.
وتضمن قرار صادر عن الوزارة، في 16 من آذار الحالي، رفع سعر مادة البنزين “أوكتان 95” للمستهلك إلى 2000 ليرة سورية لليتر الواحد، بدلًا من 1300 ليرة، وأسطوانة الغاز المنزلي إلى 3850 ليرة بدلًا من 2700 ليرة سورية.
وأثار القرار الفجائي دون ذكر أسبابه استياء لدى مالكي السيارات، في ظل ما يعيشونه من أزمات اقتصادية خانقة، إذ تشهد أسعار المواد الأساسية في سوريا ارتفاعًا بشكل مستمر بالتوازي مع انخفاض قيمة الليرة السورية.
التخلي عن السيارات جزئيًا أو كليًا
لا يقوى القاطنون في مناطق سيطرة النظام إلا على إيجاد بدائل وحلول ترقيعية لأزماتهم بأنفسهم، إذ لا قرارات حكومية تنصفهم.
علي السعيد (40 عامًا) من سكان ريف درعا، قال لعنب بلدي، إنه يستهلك يوميًا عشرة ليترات من البنزين، ومع اختلاف سعره بعد هذا القرار، سيضطر إلى دفع 2500 ليرة إضافية يوميًا، وهذا ما لا يقدر عليه، لذا فضّل التقليل من استخدام السيارة للتنقل، وقضاء جميع احتياجاته برحلة واحدة فقط في النهار.
واختار يوسف عبد الكريم (25 عامًا) من سكان ريف درعا، أن يستعين بالدراجة النارية لقضاء حوائج منزله، لتوفير ما سيشتريه من البنزين لاستخدامه “عند الحاجة الماسة فقط”.
سائقو سيارات الأجرة محبطون
أحمد جمعة (42 عامًا) سائق سيارة أجرة (تكسي) في مدينة حلب، قال لعنب بلدي، إن ارتفاع أسعار البنزين جعله ينفر من عمله.
وأضاف أن كثيرًا من أصدقائه من سائقي سيارات الأجرة توقفوا عن عملهم مؤقتًا، إلى أن ترتفع تعرفة الأجرة بشكل يتناسب مع سعر البنزين والمصاريف التي يتكلفها السائق على سياراته، من إصلاح للأعطال المتكررة.
وقال محمد عبد العزيز (47 عامًا) سائق سيارة أجرة في مدينة درعا، لعنب بلدي، إن الحالة معقدة جدًا، إذ يشتري البنزين بالسعر الغالي، ولا يستطيع رفع الأجرة لتعويض ما دفعه، لأن ذلك يعرضه للمخالفة المرورية، وبالمقابل، إن صدر قرار برفع تعرفة ركوب سيارات الأجرة ستخف الطلبات، إذ سيكون هذا الارتفاع عبئًا إضافيًا على الناس.
البنزين النظيف هو ما يهم
يوسف عمار من سكان مدينة تلبيسة بريف حمص، قال لعنب بلدي، إن البنزين “أوكتان 95” أفضل بكثير للسيارات التي تعتمد محركاتها على البخاخات، لذا يضع يوسف بعضًا منه كل فترة، بعد تعبئة البنزين “أوكتان 90″، لضمان سلامة بخاخات المحرك، فسعر طقم البخاخات يصل إلى 600 ألف ليرة سورية في الوقت الحالي.
وتكمن مشكلة يوسف الأهم بتأمين البنزين النظيف دون شوائب، للحفظ على سيارته دون أعطال أطول فترة ممكنة، إذ لا يفي البنزين ذو السعر الرخيص بالغرض.
أزمات عامة
وتزداد الأوضاع المعيشية والاقتصادية تدهورًا في مناطق سيطرة النظام السوري، لعدة أسباب أبرزها، في الآونة الأخيرة، انخفاض قيمة الليرة وارتفاع الأسعار وزيادة التضخم وانخفاض قدرة المواطنين الشرائية نتيجة لذلك، في ظل غياب فرص العمل وتدني الأجور.
كما يؤدي غياب إجراءات مؤسسات النظام النقدية والمالية لضبط سعر الصرف والأسعار، وتوجهها إلى الإجراءات الأمنية في ذلك، إلى مزيد من التدهور الاقتصادي.
ويعاني 12.4 مليون شخص في سوريا، أي حوالي 60% من السكان، من انعدام الأمن الغذائي، في “أسوأ” حالة أمن غذائي شهدتها سوريا على الإطلاق.
وتتصدر سوريا قائمة الدول الأكثر فقرًا في العالم، إذ يعيش تحت خط الفقر في سوريا 90% من السوريين، بحسب ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، أكجمال ماجتيموفا.
–