عندما يكون القانون هو المشكلة والحل…
كيف تتم تسوية مخالفات البناء في سوريا
صدرت العديد من القوانين الخاصة بإزالة مخالفات البناء في سوريا، وكان آخرها القانون رقم (40) لعام 2012، ولم تختلف هذه القوانين عن بعضها كثيرًا إلا بما يخص العقوبات والغرامات المفروضة على المخالفات، كما أنها لم تلغ بعضها البعض لارتباط مخالفات البناء بتاريخ وقوعها وتطبيق القانون الساري وقت وقوع المخالفة.
ظاهرة المخالفات في البناء قديمة في سوريا، وقد شهدت في السنوات الأخيرة ازديادًا ملحوظًا بظل حالة الفلتان الأمني والفساد من جهة، والتدهور الاقتصادي الكبير الذي تعيشه البلاد وما رافقه من انهيار لقيمة صرف اللیرة وارتفاع كبير في الأسعار من جهة أخرى، الأمر الذي جعل خیار المواطن السوري في تأمین مسكنه يتجه إلى الأكثر سهولة والأقل تكلفة.
وقد نص القانون رقم (40) على وجوب إزالة كافة مخالفات البناء السابقة وفق القوانين النافذة وقت ارتكاب المخالفة، وذلك ما نصت عليه المادة الخامسة منه بالنسبة لأنواع من المخالفات المنصوص عليها في القوانين السابقة.
وأجاز هذا القانون للوحدات الإدارية تسوية المخالفات المرتكبة قبل صدوره، غير المشمولة بأحكام المادة الخامسة بشرط إثبات قدم المخالفة وتاريخ وقوعها، وتقديم تقرير فني معتمد من نقابة المهندسين يُثبت تحمّل البناء وسلامته الإنشائية.
كما سمح بتسوية الأبنية القائمة المتجاوزة على الوجائب الإجبارية، ومنح رخص لاستكمال بناء الطوابق المسموح بها في نظام ضابطة البناء شريطة ألا يزيد التجاوز على الوجائب للطوابق القائمة والطوابق المراد أو المطلوب استكمال بنائها نسبة 30% من وجائب الرجوع الإجبارية المفروضة في نظام ضابطة البناء، وألا تقل مساحة العقار عن 75% من الحد الأدنى للمساحة المنصوص عليها في نظام ضابطة البناء، وأن تكون كتلة البناء سليمة ومترابطة إنشائيًا وغير مشوّهة للمنظر العام، وأن يتم تقديم تقرير فني معتمد من نقابة المهندسين يُثبت تحمل البناء لحمولات الطوابق المطلوب ترخيصها وفق نظام ضابطة البناء، إضافة إلى دفع رسوم ضعف المنفعة على المساحات المتجاوزة على الوجائب الإجبارية للطوابق القائمة والطوابق المراد أو المطلوب استكمال ترخيصها.
اقرأ أيضًا: ماذا تعرف عن قانون مخالفات البناء في سوريا
ولتسوية المخالفة نص القانون على فرض رسوم مالية على المخالف تعادل ضعف المنفعة التي جناها المخالف أو يتوقع أن يجنيها بالزيادة التي طرأت على قيمة العقار أرضًا وبناءً، ويُعفى منها في حال قيامه بإزالة المخالفة خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ تبلغه الإشعار المتضمن فرضها.
كما أجاز تسوية المخالفات القائمة في مناطق السكن العشوائي بعد تأهيلها وتسوية أوضاع الملكيات القائمة عليها وإدخالها في المخطط التنظيمي بعد استيفاء الرسوم المقررة.
ومن مخالفات البناء غير القابلة للتسوية قبل نفاذ هذا القانون، المخالفات التي تسببت بانهيار كلي أو جزئي، أو التي خالفت شروط السلامة الإنشائية.
وقد أجاز القانون رقم (40) لـ “المجلس الأعلى للإدارة المحلية”، وهو مجلس تأسس بموجب قانون الإدارة المحلية رقم (107) لعام 2011، إصدار قرارات لتحديد أنواع من مخالفات البناء القابلة للتسوية والمرتكبة بعد صدوره.
ولعل من المفارقة أن هذا القانون الذي نص على إزالة المخالفة، قد يجيز هو ذاته الإبقاء علیها وتسويتها، إذ يعلم المواطن الذي ارتكب المخالفة أنه قادر على إجراء تسویة لها، أي أن القانون في هذه الحالة هو المشكلة والحل في آن واحد.
ولعل جذر مشكلة مخالفات البناء یعود في الأصل إلى ضعف عملية التنمية خصوصًا على مستوى الأرياف، إضافة إلى الخلل في التخطيط العمراني الذي لم يلحظ الزيادة السكانية والتوسع العمراني وعلاقته بالشرط الاقتصادي المترافق مع الانهيار المستمر لمستوى دخل الفرد، والذي بلغ ذروته خلال السنوات الأخیرة، ما أجبر المواطن على اللجوء للسكن في العشوائیات ومخالفة أنظمة البناء، وبالتالي تنامي ظاهرة مخالفات البناء واستفحالها رغم وجود عقوبات شديدة كالهدم والغرامات المالية والسجن.
وتجدر الإشارة إلى أن القانون رقم (40) لعام 2012 لم يجعل لتسوية المخالفة تأثير على حقوق الغير، فقد أعطى للمتضرر من جراء التسوية الحق في التقدم إلى المحاكم لمطالبة المخالف بالتعويض عن الأضرار التي أصابته من جراء المخالفة أو المطالبة بإزالتها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :