د. أكرم خولاني
متلازمة كوشينغ (Cushing`s syndrome)، هي مجموعة من الاضطرابات التي تحدث عند تعرض الجسم لمستويات عالية من هرمون الكورتيزول لفترة طويلة، ولذلك تسمى أحيانًا باسم “فرْط كورتيزول الدم”، وتحدث هذه الحالة عندما ينتج الجسم الكورتيزول أكثر مما ينبغي من تلقاء نفسه، أو عند تناول الكورتيزونات عن طريق الفم بجرعات كبيرة.
كيف تتظاهر متلازمة كوشينغ
تتعدد الأعراض والعلامات السريرية لمتلازمة كوشينغ تبعًا لمستويات الكورتيزول الزائد، وتشمل السمات المميزة لهذه المتلازمة:
- زيادة الوزن بشكل واضح وتراكم الدهون خاصة في الوجه الذي يصبح ممتلئًا (الوَجْه البَدْرِي)، وفي وسط وأعلى الظهر وبين الكتفين (حدبة البوفالو أو سنام الجاموس).
- خطوط وردية أو أرجوانية (تشققات) على جلد البطن والفخذين والثديين والذراعين، تنجم عن تمدد الجلد السريع عقب زيادة الوزن السريعة.
- جلد رقيق ضعيف تحدث به الكدمات بسهولة.
- بطء التئام الجروح ولدغات الحشرات والعدوى.
- حب الشباب (البثور).
- زيادة تصبغ الجلد.
- الإرهاق الشديد.
- ضعف العضلات.
- الأرق الليلي.
- الاكتئاب والقلق والتهيج.
- فقدان القدرة على التحكم بالمثانة.
- فقدان العظام، ما يؤدي إلى كسور مع مرور الوقت.
- ارتفاع ضغط الدم غير المستجيب للعلاج.
- ضعف الاستجابة لهرمون الإنسولين، وبالتالي الإصابة بمرض السكري من النمط الثاني.
- ضعف النمو عند الأطفال.
- انخفاض الرغبة الجنسية وانخفاض الخصوبة وضعف الانتصاب عند الرجال.
- شعرانية وعدم انتظام الدورة الشهرية أو غيابها عند النساء.
ما أسباب متلازمة كوشينغ؟
نميز من حيث السبب بين نوعين لمتلازمة كوشينغ، هما متلازمة كوشينغ داخلية المنشأ، ومتلازمة كوشينغ خارجية المنشأ.
متلازمة كوشينغ داخلية المنشأ:
تنتج عن فرط إفراز الكورتيزول في الجسم، وذلك لأحد الأسباب التالية:
- اضطرابات في الغدد الكظرية ذاتها يؤدي إلى إنتاج زائد للكورتيزول من إحدى الغدتين أو كلتيهما، ولا تعتمد زيادة إفراز الكورتيزول في هذه الحالة على التحفيز الصادر من الهرمون الموجه لقشر الكظر (ACTH)، ويعد الورم الغدي الكظري الأكثر شيوعًا من بين هذه الاضطرابات.
- قد يحدث فرط إفراز الكورتيزول نتيجة فرط إنتاج الهرمون الموجه لقشرة الكظر (ACTH)، وينتج ذلك عن ورم غدي نخامي حميد يفرز كميات زائدة من الهرمون الموجه لقشر الكظر (ACTH)، ما يؤدي بدوره إلى تحفيز الغدد الكظرية على إنتاج المزيد من الكورتيزول، وعند تطور هذا النوع من المتلازمة تسمى بـ”مرض كوشينغ” وهو يحدث عادة أكثر لدى النساء، ويعد النوع الأكثر شيوعًا لمتلازمة كوشينغ داخلية المنشأ.
- في أحيان نادرة قد ينتج فرط إنتاج الهرمون الموجه لقشرة الكظر (ACTH) عن إفراز منتبذ لهذا الهرمون من ورم ينمو في أحد الأعضاء التي لا تنتج هرمون “ACTH” بصورة طبيعية، ويبدأ الورم في إفراز هذا الهرمون بكميات زائدة، ما يتسبب في تطور متلازمة كوشينغ، وعادة ما توجد هذه الأورام، التي يمكن أن تكون غير سرطانية (حميدة) أو سرطانية (خبيثة)، في الرئتين، أو البنكرياس، أو الغدة الدرقية، أو الغدة التوتية.
- في حالات نادرة، يرث الأشخاص الميل إلى الإصابة بالأورام في واحدة أو أكثر من الغدد الصماء، ما يؤثر على مستويات الكورتيزول ويتسبب في متلازمة كوشينغ الوراثية.
متلازمة كوشينغ خارجية المنشأ:
تتطور نتيجة لسبب ما خارج الجسم، مثل تناول أدوية الكورتيزونات عن طريق الفم أو الحقن بجرعات عالية (أعلى من كمية الكورتيزول التي يحتاج إليها الجسم يوميًا) على مدى فترة طويلة من الزمن.
كيف تُشخَّص متلازمة كوشينغ؟
إذا كان المريض يتناول الكورتيكوستيروئيدات لفترة طويلة، يكون التوجه إلى أن متلازمة كوشينغ نتيجة تناول هذا الدواء، أما إذا لم يكن يستخدم الكورتيكوستيروئيدات فيتم اللجوء إلى بعض الاختبارات التشخيصية لتحديد السبب:
اختبارات الدم والبول:
قياس مستويات الكورتيزول في الدم صباحًا أو قياس مستواه في بول 24 ساعة، تكون مستويات الكورتيزول مرتفعة بشكل طبيعي في الصباح لتنخفض خلال اليوم، بينما تكون مستويات الكورتيزول شديدة الارتفاع طوال اليوم عند الأشخاص المصابين بمتلازمة كوشينغ.
ولذلك يتم قياس مستوى الكورتيزول في الدم صباحًا (الساعة 8-9 صباحًا)، فإذا كان مرتفعًا أكثر من الطبيعي يطلب فحص مستوى الكورتيزول في الدم صباحًا بعد التثبيط بالديكساميثازون عن طريق إعطاء جرعة فموية مساء قبل ثماني ساعات من التحليل، حيث يقوم الديكساميثازون بتثبيط الغدة النخامية.
وينبغي أن يؤدي إلى تثبيط إنتاج الكورتيزول من الغدد الكظرية، في حال لم يتثبط إفراز الكورتيزول لدى استعمال جرعات منخفضة من الديكساميثازون تستعمل جرعة أعلى منه، فإن حدث التثبيط مع الجرعة الأعلى كان التشخيص هو مرض كوشينغ (ورم الغدة النخامية).
وفي حال لم يتم التثبيط حتى مع الجرعة العالية من الديكساميثازون يكون التشخيص إما ورمًا في قشر الكظر وإما الإفراز المنتبذ للهرمون الموجه لقشر الكظر.
اختبار اللعاب:
يمكن قياس مستوى الكورتيزول في اللعاب مساء، حيث تنخفض مستويات الكورتيزول بشكل كبير في المساء لدى الأشخاص الطبيعيين، فإذا كانت مرتفعة في عيّنة لعاب مأخوذة في وقت متأخر من الليل فإن ذلك يشير إلى تشخيص متلازمة كوشينغ.
اختبارات التصوير:
يمكن أن توفر اختبارات التصوير الطبقي المحوري أو التصوير بالرنين المغناطيسي صورًا للغدد النخامية والغدة الكظرية للكشف عن التغيرات غير الطبيعية، مثل الأورام.
كيف تعالَج متلازمة كوشينغ؟
متلازمة كوشينغ خارجية المنشأ:
يتم تخفيض جرعة الكورتيزون بشكل تدريجي وعلى مدى زمني طويل لكي يستعيد قشر الكظر نشاطه من جديد، أما الإيقاف المفاجئ لهذه الأدوية فيؤدي إلى نقص مستويات الكورتيزول.
متلازمة كوشينغ داخلية المنشأ:
في حالات الأورام يتم إجراء الجراحة، وبعد العملية يجب تناول أدوية بديلة للكورتيزول لتزويد الجسم بالكمية الكافية من الكورتيزول، ويستمر ذلك لمدة تصل إلى عام أو أكثر، ريثما تستأنف الغدد الكظرية نشاطها من جديد، وعند بعض المرضى لا تستأنف الغدة الكظرية وظيفتها الطبيعية لذلك يحتاجون إلى علاج بديل مدى الحياة.
وفي حال عدم التمكن من إجراء الجراحة لأورام الغدة النخامية، يجب إجراء العلاج الإشعاعي، ويتم على مدار فترة ستة أسابيع، ثم لا غنى عن إجراء الجراحة.
ويمكن استخدام الأدوية للتحكم في إنتاج الكورتيزول مثل الكيتوكونازول، والميتوتان (ليسودرين)، والميتيرابون (الميتوبيرون)، والميفيبريستون (كورليم، ميفيبريكس) الذي يمنع تأثير الكورتيزول على الأنسجة، لذلك يستخدم عند مرضى السكري، وباسيروتيد (سينيفور) الذي يعمل عن طريق خفض إنتاج الهرمون الموجه لقشرة الكظر الناتج عن ورم الغدة النخامية.
ويتم اللجوء إلى استخدام الأدوية عند عدم نجاح الجراحة والإشعاع، أو قبل الجراحة لدى المرضى الذين يعانون من أعراض شديدة لمتلازمة كوشينغ لتحسين العلامات والأعراض وتقليل المخاطر الجراحية.