رفض 86% من الأطفال السوريين النازحين في كل من الأردن ولبنان وتركيا وهولندا العودة إلى سوريا، فبعد عشر سنوات من الحرب، لا تستطيع الأغلبية العظمى من أطفال سوريا تخيّل مستقبل في بلدهم، بحسب منظمة “Save The Children”.
وأصدرت المنظمة، تقريرًا اليوم، الثلاثاء 9 من آذار، بُني على استطلاع أجرته على أكثر من 1900 طفل سوري لاجئ، وعلى مقدمي الرعاية لهم، داخل سوريا وخارجها، جاء فيه أن واحدًا من كل ثلاثة أطفال يفضلون العيش في بلد آخر غير بلدهم.
وجاء في التقرير أن الأطفال الذين فروا من منازلهم يكافحون ليشعروا بالأمان في البلدان التي يقيمون فيها، إذ قال اثنان من بين خمسة أطفال ممن شملهم الاستطلاع، إنهم يعانون من العنصرية والنقص في التعليم، كما يشعر كثيرون منهم أنهم لا يملكون رأيًا في تحديد مستقبلهم.
وقال المدير الإقليمي للمنظمة في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية، جيريمي ستونر، “لا يزال الأطفال السوريون المتضررون داخل سوريا أو خارجها، من الصراع، يكافحون ليشعروا بأنهم في وطنهم حيث يقيمون”.
وأضاف، “لقد كلفت هذه الحرب التي دامت عشرة أعوام شباب سوريا طفولتهم، لكن على العالم ألا يسمح لها بسرقة مستقبلهم، وأدى الصراع الذي طال أمده إلى الخوف والتشاؤم بشأن قدرة الأطفال على بناء حياتهم في بلد مزقته الحرب”.
“يحتاج الأطفال إلى الشعور بالأمان”، بحسب ستونر، فهم “بحاجة إلى الشعور بأنهم ينتمون إلى المجتمعات التي يعيشون فيها وأنهم مرتبطون بها”.
مديرة استجابة المنظمة في سوريا، سونيا كوش، قالت، “على الصعيد العالمي، في خضم جائحة (كورونا)، جرى تذكيرنا بأهمية التعاطف والإنسانية والمسؤولية المشتركة عبر الحدود، إذا لم يتم اتخاذ إجراء الآن، فهناك خطر أن يصبح هذا المعلم البارز علامة قاتمة لجيل ثانٍ من الأطفال السوريين يفقد فرصه في الحصول على عيش طفولة طبيعية ومستقبل لائق”.
وتوزعت نسبة الأطفال الذين شملهم الاستطلاع وأرادوا العودة إلى سوريا بين 3% في تركيا، و9% منهم في كل من الأردن وهولندا، و29% في لبنان.
وكانت أكبر أمنيات الأطفال من جميع البلدان، وضع حد للعنف في سوريا بنسبة 26%، لتليها رغبتهم بتوفير التعليم بنسبة 18%.
كما تحدث التقرير عن تعرض الأطفال بنسبة 44% للتمييز في الحي أو المدرسة، خارج سوريا، بينما وصلت نسبة الأطفال الذين تعرضوا للتمييز والتفرقة داخل سوريا إلى 58%.
وحصل 42% من الأطفال الذين شملهم الاستطلاع على حقهم في التعليم، فتمكن 31% من الأطفال في لبنان من الذهاب إلى المدرسة، بينما تمكن أقل من 49% من الأطفال في الأردن من التعلم.
وبحسب التقرير، شعر الأطفال النازحون داخل سوريا بأنهم أقل ارتباطًا بمجتمعاتهم، وكانت نسبة التبليغ عن تعرضهم للتمييز أكثر من أقرانهم في الأردن أو لبنان، على الرغم من وجودهم في بلدهم الأم.
ويعيش 80% من السوريين تحت خط الفقر الدولي، قبل جائحة “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) والتدهور الاقتصادي الذي تبعها، وبحسب التقرير، فإن 6.2 مليون طفل في سوريا لا يحصلون على الطعام.
وقالت “Save The Children”، إن معاناة الأطفال السوريين وعائلاتهم لم تتوقف عند حدود بلدهم، ففي لبنان الذي يعاني من أزمة اقتصادية وعدم استقرار سياسي وتفشي فيروس “كورونا” وآثار انفجار مرفأ بيروت عام 2020، تعيش تسع من بين كل عشر عائلات سورية لاجئة في فقر مدقع، وفقًا للأمم المتحدة.
وعلى النقيض من ذلك، يرى 70% من الأطفال السوريين المقيمين في هولندا مستقبلًا مشرقًا فيها، وتلقى جميع الأطفال الذين شملهم الاستطلاع تعليمًا، وكانت نسبة الأطفال الذين أرادوا البقاء في هولندا أكثر من ثمانية من بين كل عشرة أطفال، لوجود عوامل مشجعة للبقاء فيها، كاللغة والتعليم والفرص الاقتصادية و”الحرية”.
ودعت المنظمة المجتمع الدولي إلى حماية أطفال سوريا من العنف الجسدي والنفسي الذي ابتليت به حياتهم على مدى السنوات العشر الأخيرة، فللأطفال السوريين الحق في أن يكبروا في بيئة خالية من الخوف المستمر على سلامتهم، وألا يجبروا على العيش في حالة نزوح وخوف دائم، وألا يتعرضوا للتفرقة والتمييز لمجرد هويتهم السورية.
والتحق نحو 685 ألف طالب سوري في المدارس التركية، خلال العام الدراسي 2019– 2020، وهو ما نسبته أكثر من 63% من إجمالي عدد الأطفال السوريين الذين بلغوا سن المدرسة (5– 17) في تركيا.
وبحسب آخر تقرير لمنظمة “يونيسف”، لعام 2020، يوجد ما يقارب 50 ألف طفل سوري لا يذهبون إلى المدرسة، وتتراوح صفوفهم الدراسية بين الأول والعاشر.
–