ارتفاع أسعار اللحوم يدفع سوريين لاستخدام نكهاته بديلًا عنه
لا يسمح الدخل المحدود لعبد المنعم من سكان حي الزبدية في مدينة حلب بشراء لحم الغنم إطلاقًا، بعد أن أصبحت اللحوم من “الكماليات”.
وتستعين عائلة عبد المنعم (رفض نشر اسمه كاملًا لأسباب أمنية) بالزيوت والسمن للطبخ، بعد أن وصل سعر كيلو لحم الغنم إلى 24 ألف ليرة سورية، وهو ما يعادل ربع راتبه الشهري، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
وأضاف أنه في حال أراد شراء لحم الغنم، فيكون المبلغ المخصص لذلك “بسيطًا” لا يتجاوز خمسة آلاف ليرة سورية، وتُحضّر الوجبة لمدة يومين، ولا تتكرر خلال الشهر الواحد.
يامن من سكان مدينة حلب، أكد لعنب بلدي أن أسعار اللحوم حاجز يمنع الأهالي من شرائها، ومع ارتفاع سعر لحم الغنم، ارتفعت أسعار الدهن أيضًا، ووصل سعر الكيلو منها إلى 18 ألف ليرة سورية.
وعلى الرغم من ارتفاع أسعار الزيوت والسمن أيضًا، فإنها “جيدة” مقارنة بأسعار اللحوم، وتستخدم بديلًا للحم الغنم في الأكلات التقليدية، وفقًا ليامن (رفض نشر اسمه كاملًا لأسباب أمنية).
ويصل سعر ليتر زيت “عباد الشمس” النباتي إلى نحو ستة آلاف ليرة سورية، وسعر الصفيحة البالغ وزنها 16 كيلوغرامًا إلى نحو 91 ألفًا.
ولامس سعر ليتر زيت الزيتون “نوع أول” حاجز 850 ليرة سورية، ووصل سعر صفيحة زيت الزيتون بوزن 16 كيلوغرامًا إلى نحو 136 ألف ليرة.
“الماجي” بديل عن اللحوم
خولة من سكان ريف دمشق، أم لستة أطفال ويعمل زوجها موظف دولة براتب شهري 35 ألف ليرة سورية (ما يعادل تقريبًا سبعة دولارات ونصفًا)، تستعمل “الماجي” (مكعبات مرق الدجاج) لإضفاء طعم اللحم على الطبخات التي تُعدها لعائلتها.
وقالت لعنب بلدي، إنها لم تجلب لحم الغنم إلى منزلها منذ أكثر من سنة كاملة، وألغت طبخ العديد من الأكلات التي تعتمد على اللحم، بسبب سؤال أبنائها عن عدم وجود اللحم في أطباق مثل الملوخية أو الفاصولياء.
مع ارتفاع أسعار اللحوم، تبحث العديد من العائلات السورية في مناطق سيطرة النظام السوري عن بدائل للحوم، لاستخدامها في وجباتهم اليومية، بسبب عدم قدرتهم على شرائها لارتفاع أسعارها.
ويعاني 12.4 مليون شخص في سوريا، أي حوالي 60% من السكان، من انعدام الأمن الغذائي، في “أسوأ” حالة أمن غذائي شهدتها سوريا على الإطلاق، بحسب تقرير لبرنامج الأغذية العالمي (WFP)، في 11 من شباط الماضي.
وذكر برنامج الأغذية أن التدهور الملحوظ هو في المقام الأول نتيجة النزاع الذي طال أمده، والنزوح الجماعي للسكان الذي أدى إلى تآكل سبل العيش والقدرة على الصمود، بالإضافة إلى أزمة اقتصادية منذ عام 2019.
ما أسباب ارتفاع الأسعار؟
وكان رئيس “جمعية اللحامين في دمشق وريفها”، أدمون قطيش، أوضح في لقاء مع إذاعة “شام إف إم” المحلية، أن 40% هي نسبة شراء اللحوم بسبب الغلاء، وتقتصر على ميسوري الحال، مشيرًا إلى أن 15% من محال بيع اللحوم أُغلقت لتراجع الطلب عليها.
وحذر قطيش من أن الثروة الحيوانية في سوريا “مهددة بالانقراض”، داعيًا إلى منع تهريب الأغنام من المحافظات الجنوبية باتجاه محافظات الشمال، وإبقائها في دمشق وريفها، لأن “النسبة الكبرى التي تهرب منها حاليًا هي من الولادات الجديدة، ويمكن ألا يكون لهذا تأثير خلال الفترة الحالية، لكن هذا الأمر سيؤدي إلى خفض الإنتاج ونسبة التربية خلال السنة المقبلة”.
ورجح رئيس الجمعية ارتفاع أسعار اللحوم أكثر، معللًا ذلك بأن كيلو العلف المدعوم يبلغ 850 ليرة، بينما يصل إلى 1300 ليرة في السوق السوداء.
وقال قطيش، “وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي تدعم الأعلاف بحوالي 50%، ولكن هذا غير كافٍ”.
وفيما يخص أسعار اللحوم، أوضح قطيش أن سعر تكلفة الخروف الحي في المسلخ اليوم تبلغ نحو 9700، والعجل الحي نحو تسعة آلاف، مشيرًا إلى أن سعر أصغر خروف بوزن 40 كيلوغرامًا يصل إلى قرابة 480 ألف ليرة، وسعر أصغر عجل وزنه بحدود 300 كيلوغرام نحو 2.7 مليون ليرة.
وتزداد الأوضاع المعيشية والاقتصادية تدهورًا في مناطق سيطرة النظام السوري، لعدة أسباب أبرزها، في الآونة الأخيرة، انخفاض الليرة وارتفاع الأسعار وزيادة التضخم وانخفاض قدرة المواطنين الشرائية نتيجة لذلك، في غياب فرص العمل وتدني الأجور.
كما يؤدي غياب إجراءات مؤسسات النظام النقدية والمالية لضبط سعر الصرف والأسعار، وتوجهها إلى الإجراءات الأمنية في ذلك، إلى مزيد من التدهور الاقتصادي.
وتتصدر سوريا قائمة الدول الأكثر فقرًا في العالم، بنسبة بلغت 82.5%، بحسب بيانات موقع “World By Map” العالمي.
أسهم في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في مدينة حلب صابر الحلبي
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :