عشرون شخصًا اغتيلوا خلال شباط في درعا.. من يقتل من ولمصلحة من؟
“أخاف على ابنتي في أثناء ذهابها أو عودتها من المدرسة من حدوث عمليات اغتيال، إن نجت من الحادثة جسديًا فأثر القتل لن يمحى من ذاكرتها”، قالت هدى ذات الـ30 عامًا لعنب بلدي.
تستمر الفوضى الأمنية في درعا، متمثلة بعمليات ومحاولات الاغتيال مجهولة المنفذين، تضاف إلى عمليات الاعتقال التي تنفذها الأجهزة الأمنية في المحافظة.
وثق “مكتب توثيق الشهداء والمعتقلين في درعا” مقتل 20 شخصًا خلال شباط الماضي، في 36 عملية ومحاولة اغتيال، وإصابة 12 شخصًا بجروح متفاوتة، في حين نجا أربعة من محاولات اغتيال.
وشهد ريف درعا الغربي النصيب الأكبر من عمليات ومحاولات الاغتيال، إذ وثق المكتب 20 عملية في المنطقة، في حين شهد الريف الشرقي 11 عملية اغتيال ومحاولة للاغتيال، وخمس عمليات شهدتها مدينة درعا.
عمليات الاغتيال “ضد مجهول”
لا تُعرف الجهة التي تنفذ عمليات الاغتيال في درعا، باستثناء تبني تنظيم “الدولة الإسلامية” بعض العمليات عبر خلاياه، وغالبًا ما تنفذ على يد مجهولين ملثمين، على دراجات نارية، ويتميز تنفيذ العمليات بالمفاجأة وسرعة التنفيذ ثم الفرار، حسبما رصد مراسل عنب بلدي من شهادات السكان الذين شهدوا بعض العمليات.
“أبو حسين”، أحد سكان ريف درعا الغربي، قال لعنب بلدي، إن عمليات الاغتيال تتم بشكل “مفاجئ وسريع دائمًا”، وبعد التنفيذ، “تبدأ التساؤلات إن كان المقتول عنصرًا سابقًا في المعارضة أو يعمل مع تشكيلات النظام”.
وبيّن “مكتب توثيق الشهداء” تبعية تسعة قتلى في شباط الماضي لفصائل المعارضة السابقة، خمسة منهم كانوا قد انضموا إلى صفوف قوات النظام بعد “التسوية”، التي فرضها النظام على من رفضوا التهجير للشمال من المقاتلين بعد سيطرته على المنطقة في تموز من عام 2018.
وجرت 17 عملية اغتيال بالرصاص المباشر، وعملية واحدة بعبوة ناسفة، وعمليتان نفذتا بطريقة الإعدام الميداني بعد الاختطاف، ولم يتمكن المكتب من تحديد الجهات المسؤولة عن هذه العمليات.
فراغ أمني رغم تعدد جهات السيطرة
لا تخضع أغلبية المنطقة الجنوبية لسيطرة فعلية لقوات النظام، إذ تنتشر مجموعات “التسوية”، التابعة لـ”الفرقة الرابعة” في عموم المنطقة الغربية، ويسيطر “اللواء الثامن” التابع لـ”الفيلق الخامس”، المدعوم روسيًا، على مدينة بصرى الشام، وبعض المناطق المحاذية لها.
في حين تسيطر “المخابرات الجوية” على بقية المنطقة الشرقية، ومدينة داعل وإبطع بريف درعا الأوسط، وتسيطر قوات “أمن الدولة” على الريف الشمالي، دون أن تتمكن قوات النظام من وضع حد لتنفيذ عمليات الاغتيال حتى ضمن المناطق التي تنتشر فيها بشكل فعلي.
ولا يعوّل “أبو حسين” على قدرة قوات النظام السوري على ضبط الوضع الأمني، إذ يعتبرها جزءًا من الفوضى الحاصلة، وبرأيه فإن الحل يكمن في تشكيل فرق حراسة من قبل أبناء البلدات على المداخل، والمخارج، ومفترقات الطرق، ومنع وضع اللثام و”تفييم” السيارات بشكل كامل.
ورصدت عنب بلدي آراء عدد من سكان ريف درعا، أجمعوا على ضرورة منع اللثام لمعرفة أصحاب الدراجات النارية، إذ إنه رغم صدور قرارات من النظام السوري تحظر تجول الدراجات النارية في محافظة درعا، لم يخفف ذلك من عمليات الاغتيال.
في حين يرى نبيل (33 عامًا)، أحد سكان ريف درعا ومن العناصر السابقين في فصيل “جيش الثورة”، أن لا حل لمشكلة الاغتيالات، وذلك لجهل الجميع بالجهة المنفذة، وتنوع عمليات القتل بين أشخاص كانوا يتبعون لفصائل المعارضة، وأشخاص يتعاملون مع أجهزة الدولة الأمنية، وأشخاص يعملون في تجارة المخدرات، “المنفذ مجهول ولكن الواضح أن تنفيذ العمليات يخضع لأكثر من جهة لتنوع استهداف الأشخاص”، حسبما قال لعنب بلدي.
ولم تقتصر الفوضى الأمنية في درعا على عمليات الاغتيال، إنما شملت الخطف والاعتقال في معظم مناطق محافظة درعا وخاصة على الحواجز الأمنية، ووثق “مكتب توثيق الشهداء والمعتقلين في درعا” اعتقال 24 شخصًا في شباط الماضي، أُفرج عن تسعة منهم في وقت لاحق.
ولا تتضمن هذه الإحصائية الأشخاص الذين اُعتقلوا للسَّوق للخدمتين الإلزامية والاحتياطية.
وتوزعت عمليات الاعتقال من قبل الأفرع الأمنية، حسبما ذكر المكتب، عشرة اعتقلهم “الأمن الجنائي”، وعشرة لدى شعبة “المخابرات العسكرية”، واثنان لدى فرع “المخابرات الجوية”، واثنان لم يتمكن المكتب من تحديد الجهة التي اعتقلتهم.
وسيطرت قوات النظام السوري مدعومة بالقوات الجوية الروسية على محافظتي درعا والقنيطرة قبل ما يزيد على عامين ونصف، وفرضت “تسوية” انتهت بتسليم السلاح الثقيل والمتوسط، مقابل شروط تعهدت روسيا بتنفيذها، منها الإفراج عن المعتقلين، وعودة الموظفين المفصولين إلى أعمالهم، و”تسوية” أوضاع المنشقين عن الجيش.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :