إيجارات بالدولار تزيد مصاعب السكان في القامشلي
الحسكة – مجد السالم
يحاول عدنان منذ شهرين إيجاد بديل للمنزل الذي يستأجره بما يتناسب مع دخله الشهري، فزار نحو سبعة مكاتب عقارية موزعة في أحياء المدينة لكن دون جدوى، “لم يعد المؤجر يقتنع بالعملة السورية، فأنا أدفع له شهريًا مبلغ 75 ألف ليرة سورية (22 دولارًا)، وهو مصر على جعل الإيجار بالدولار هذه المرة”، حسبما قال الشاب الثلاثيني لعنب بلدي.
عدنان أحمد لديه طفلة حديثة الولادة من زوجته التي ما زالت طالبة جامعية و”لا تستطيع المساعدة في المصاريف”، وصف شعوره بـ”القلق” كلما شاهد اسم صاحب المنزل على شاشة الموبايل، بعد مطالبته برفع مبلغ الإيجار إلى 140 ألف ليرة سورية (40 دولارًا) أي نحو ضعف ما كان يدفعه تقريبًا، في حين لا يتجاوز راتبه الحكومي مبلغ 45 ألف ليرة سورية (12 دولارًا) فقط.
ارتفاع وتغيير عملة
كسواه من المستأجرين في مدينة القامشلي، وغيرها من مدن محافظة الحسكة، يعاني عدنان من الارتفاع بإيجارات المنازل والعقارات، مع قلة المعروض منها، وتفضيل ملّاك العقارات تحصيل إيجاراتهم الشهرية بالدولار.
سلام حسن من ريف القامشلي، حاول جاهدًا إيجاد بيت يستأجره في المدينة، كي يكون قريبًا من مكان عمله في محل لبيع وصيانة الأجهزة الخلوية، بما يتناسب مع دخله الشهري، لكن ارتفاع إيجار محله الذي بلغ 150 دولارًا (523 ألف ليرة سورية) حال دون ذلك، “خصوصًا أن أغلب البيوت المعروضة يشترط أصحابها أن يكون الإيجار بالدولار، وحتى الذين يؤجرون بالعملة السورية يطلبون إيجارًا شهريًا مرتفعًا، مع ضرورة الدفع عن ستة أشهر إلى سنة مقدمًا”.
قرر سلام، كما قال لعنب بلدي، التخلي عن فكرة السكن في المدينة وشراء دارجة نارية تقله من قريته التي تبعد نحو 30 كيلومترًا جنوب القامشلي إلى مكان عمله كل يوم.
ماذا عن صاحب العقار؟
أحمد زيدان، يمتلك شقة في حي السريان، قال لعنب بلدي، إن مالك العقار “لا يُلام” على رفع الإيجار الشهري لعقاره، سواء كان محلًا تجاريًا أو بيتًا للسكن، لأن “كل شيء ارتفع سعرهُ” نتيجة تدهور قيمة العملة السورية وارتفاع سعر صرف الدولار، الذي زاد خلال شباط الحالي على 3500 ليرة مقابل الدولار.
وبرأي أحمد، فإن صاحب العقار عليه “الكثير من الالتزامات”، إذ يبلغ سعر أي عقار الآن نحو 250 مليون ليرة سورية (72 ألف دولار) “ولا يعقل” أن يكون إيجار العقار هذا 50 ألفًا (14 دولارًا) فقط.
ويرى ناصر الحبيب، مالك لأحد العقارات في المدينة، أن تقاضي الإيجار الشهري بالدولار أصبح “أمرًا ضروريًا”، حسبما قال لعنب بلدي، مشيرًا إلى أن أي ضرر يُلحقه المُستأجر بالبيت يكلف مالكه “أضعاف الإيجار الشهري الذي يدفعه المُستأجر”.
وضرب ناصر مثالًا بالأدوات الصحية التي تتكرر أعطالها، إذ إن جميع قطعها تباع بالدولار، “خلّاط المياه الخاص بالحمام تبديله يكلف صاحب العقار نحو 250 ألف ليرة سورية (72 دولارًا)، إذا كان متوسط الجودة”، وهذا يعادل “ثلاثة أضعاف الإيجار الشهري الذي يدفعه لي المُستأجر”.
لم يخفِ مكتب “العلي العقاري” في القامشلي أن المكاتب العقارية استفادت “كثيرًا” من ارتفاع الإيجارات الشهرية، فهي “الرابح الأكبر” في أي صفقة بيع أو شراء أو رهن أو إيجار، إذ يتقاضى صاحب المكتب عند توقيع العقود إيجار شهر من كلا الطرفين، المؤجر والمستأجر، لذلك فإن “بعض المكاتب العقارية تحرص على أن يكون الإيجار مرتفعًا”، حسبما أوضح لعنب بلدي.
ويبلغ أقل إيجار شهري 100 ألف ليرة سورية حاليًا، ويزيد حسب درجة الاقتراب من مركز المدينة، ومساحة البيت وتجهيزه ومستوى الحي، إذ بلغ إيجار بعض المنازل 200 ألف ليرة شهريًا، وبعضها أُجّر بـ260 ألفًا.
وحسبما ذكر المكتب العقاري، فإن سبب ارتفاع الإيجار الشهري هو ارتفاع سعر صرف الدولار، مع زيادة الطلب على المنازل، بعد أن سكن في المدينة عدد كبير من النازحين من محافظات أخرى، وقدم آخرون من الريف للاستقرار والبحث عن فرص للعمل.
وأضاف المكتب أن “جميع المنظمات العاملة في المنطقة تستأجر المنازل بعقود سنوية تدفع بالدولار”، ومتوسط ما تدفعه أي منظمة لصاحب العقار يبلغ نحو 500 دولار شهريًا (مليون و750 ألف ليرة سورية)، وهو ما “فتح بابًا كان يخشاه جميع المستأجرين”.
“الإدارة الذاتية” حلول تنتظر التطبيق
انحسار وجود “النظام” في مربعين أمنيين فقط بالحسكة والقامشلي، وعدم تدخله بعملية ضبط الإيجارات ومنع التجاوزات وفوضى سوق العقارات، جعل “الإدارة الذاتية” تتحمّل كامل المسؤولية عن معاناة المستأجرين، ما دفع “لجنة اتحاد الأصناف”، في 14 من كانون الثاني الماضي، لاقتراح حلول لمشكلة ارتفاع إيجارات المنازل في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية”، وتنظيم آلية عمل المكاتب العقارية، وإصدار قرارها في 23 من شباط الحالي.
وحصرت، وفق القرار، مقدار الإيجار الشهري بين عشرة آلاف و50 ألف ليرة سورية للمنزل المجهز بالمواصفات العادية، ومن 50 ألفًا إلى 75 ألف ليرة سورية للمنزل المجهز بمواصفات متوسطة، ومن 100 ألف إلى 150 ألف ليرة للمنزل بمواصفات “سوبر ديلوكس”.
أما العقود التي نُظمت قبل صدور القرار فتبقى على حالها حتى انتهاء مدتها، وتجدد بموافقة الطرفين بعد تسوية البنود المخالفة لبنود القرار، وفي حال المخالفة يُفرض على صاحب العقار غرامة قدرها ضعف الإجار، وتُضاعف في حال التكرار بالإضافة إلى فسخ العقد المخالف.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :