لم يختر المدرب السوري أسامة عبد المحسن (الغضب) اللجوء إلى أوروبا بسبب الجوع، وإنما هربًا من الظلم والقتل بعد قصف النظام لأحياء دير الزور، مسقط رأسه، واعتقاله على خلفية مشاركته في الحراك السلمي مطلع الثورة السورية، وفق تصريحاته لشبكة CNN. تعاطف الإعلام الغربي مع قضية الغضب ضدّ الصحفية الهنغارية التي عرقلته في بلادها أثناء محاولته اجتياز الحدود بطريقة غير شرعية، ثم دعاه نادٍ إسباني للتدريب في مدرسته وتكفل بإقامته ولم شمل عائلته. ربما تكون قصة الغضب فريدة، لكنه ليس الوحيد بين مئات المواهب السورية التي احتضنتها البلاد الأوروبية وتعاملت معها بطريقة إنسانية، بغض النظر عن عرقها ودينها؛ وبعيدًا عن مواقف الحكومات وغاياتها من استقبال اللاجئين، فإن الدافع وراء ذلك هو المبادئ السامية التي تحولت إلى ثقافة لدى الشعوب. في المقابل، ينقل الإعلام الموالي لنظام الأسد تقارير تصف اللاجئين بالـ «داعشيين» وتحذر الأوروبيين من استقبالهم، ويرى الناشطون المعارضون في هذه السياسة تطبيقًا لمبدأ «لا برحمك ولا بخلي رحمة الله تنزل عليك». كيف يمكن وصف سلوك الأسد تجاه اللاجئين، وهو المسؤول الأول عن تهجير أكثر من نصف السوريين وفق الأمم المتحدة. ورغم أن التدهور الاقتصادي وفقدان العمل وغياب أفق للمستقبل واستمرار الحرب التي أسفرت عن ربع مليون ضحية، إلا أن اللاجئين حُمّلوا مسؤولية تدهور الليرة على لسان وزير الاقتصاد في حكومة النظام، همام جزائري، الذي قدر كلفة المهاجرين بـ 420 مليون دولار. المقارنة بين النظام السوري وحكومات الغرب لن تكون عادلة مطلقًا، لكنها مقاربة تشخص العقلية التي يتعامل فيها الأسد مع أبناء شعبه، مقابل المبادئ التي توجب على الأوربيين استقبال لاجئين من خارج بلادهم وتأمينهم والبحث عن فرص لاندماجهم. ليس تشجيعًا على الخروج من سوريا ولا تحريضًا على إفراغ البلاد من أهلها، فهؤلاء ليسوا مهاجرين مترفين، بل دعوة للبلدان المضيفة -العربية منها خصوصًا- لاحترام اللاجئين السوريين وفسح الطريق أمام مواهبهم وقدراتهم، ليكملوا حياتهم بعيدًا عن «هولوكوست» الأسد. هيئة التحرير
البحث عن الإنسانية
- 2015/09/20
- 8:03 م