لا يزال الحوار بين قطبي التيارات السياسية الكردية في سوريا عالقًا وسط اتهامات متبادلة حول التعطيل، دون تدخل مباشر إلى الآن من الإدارة الأمريكية الجديدة.
ويقود الحوار كل من حزب “الاتحاد الديمقراطي”، الذي يشكل نواة “الإدارة الذاتية” المدعومة أمريكيًا، و”المجلس الوطني الكردي”، المقرب من أنقرة وكردستان العراق، والمنضوي في هيئات المعارضة السورية، والذي سبق أن أُغلقت مكاتبه واُعتقل عدد من أعضائه وطُردت ذراعه العسكرية من المنطقة، من قبل “الاتحاد الديمقراطي”.
اتهامات لـ”الوطني الكردي”
ووُجهت اتهامات لـ”المجلس الوطني الكردي” بتعطيل المحادثات، وعدم اتخاذ موقف جاد من وحدة الصف الكردي، ووضعه شروطًا تعجيزية.
ونقلت وكالة “هاوار” المقربة من “الإدارة الذاتية” في شمالي وشرقي سوريا، عن عضو اللجنة المركزية في الحزب “الديمقراطي الكردي السوري” كلستان عطي، قولها إن هناك مماطلة من قبل “المجلس الوطني”، ويجب أن يكون له موقف جاد من القضية الكردية ووحدة الصف الكردي.
ويرى عضو اللجنة المركزية للحزب “اليساري الكردي” في سوريا عصمت إبراهيم، أن هناك عرقلة لمساعي الوحدة الوطنية الكردية، عبر وضع شروط “يمكن تسميتها بالتعجيزية بسبب تدخل أيادٍ خارجية بها”، في إشارة منه إلى تركيا.
وأضاف أنه يجب على مراكز وقيادات “المجلس الوطني” الموجودة في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” الضغط على قيادتها في الخارج “للسير وراء ما يفيد القضية الكردية والشعب الكردي والوحدة الوطنية الكردية وأهدافها”.
الرد: نريد اعتذارًا
وقال عضو الهيئة السياسية لـ”الائتلاف السوري”، وممثل “المجلس الوطني الكردي”، عبدالله كدو، إنه أمام هذا التخوين والتنصل من النقاط المتفق عليها سابقًا، ينتظر “المجلس الوطني الكردي” تدخل الراعي الأمريكي ليضغط على حزب “الاتحاد الديمقراطي الكردستاني” لتقديم اعتذار عن تصريحاته “اللامسؤولة”، وكذلك للتأكيد على الالتزام بالنقاط التي انطلق منها الحوار.
وأكد كدو، في حديث إلى عنب بلدي، أن “المجلس الوطني” مستمر في رغبته بإنجاز وحدة الصف بينه وبين حزب “الاتحاد الديمقراطي” والأحزاب الحليفة معه، لكن على أساس مرجعية اتفاقية “دهوك”.
اقرأ أيضًا: تقارب كردي- كردي يرسم خريطة تحالفات جديدة
نقاط لم تنفذ
هناك نقاط متفق عليها لم تنفذ من قبل “الاتحاد الديمقراطي”، حسب كدو، هي:
- الكشف عن مصير المعتقلين لديه.
- استمرار فرض مناهجه التي تشوه العملية التعليمية غير المعترف بها من أي جهة رسمية.
- استمراره في فرض التجنيد الإجباري، ما أدى إلى “هروب الطاقة الشبابية التي تهاجر هروبًا من سوقهم الإجباري”، حسب تعبير كدو.
- ما زال “الاتحاد الديمقراطي” يرفض تحقيق الشراكة مع “المجلس الكردي” مناصفة، “بدعوى أنه قدم 14000 شهيد، ولا يجوز مساواته بالمجلس في الإدارة”.
- إطلاق التصريحات الإعلامية من قبل قادة الحزب، ومنهم رئيس الوفد المفاوض، بتخوين مقاتلي “البيشمركة” التابعين لـ”المجلس الوطني”، و”اعتبارهم مرتزقة وكذلك اعتبار المجلس الكردي مجلسًا عميلًا لتركيا”.
- ما زال “الاتحاد الديمقراطي” يرفض أي تأكيد على فك ارتباطه مع حزب “العمال الكردستاني”، الذي تشارك كوادره في “الإدارة الذاتية”، الأمر الذي يثير حفيظة الحكومة التركية التي تهدد المناطق الكردية الواقعة على الحدود مع تركيا.
الباحث السياسي المختص بشؤون شرق الفرات في سوريا والشأن الكردي بدر ملا رشيد، أوضح لعنب بلدي في حديث سابق، أن الحوار الكردي يدخل في مرحلة مصيرية، ومن المفترض أن يتناول طرفا الحوار في الجولة المقبلة مجموعة من العناوين التي جرى تأجيلها مرارًا، وهي ما يتعلق بعودة “بيشمركة روج” (المحسوبة على المجلس الوطني الكردي) من إقليم كردستان العراق، والوقوف على العقد الاجتماعي لـ”الإدارة الذاتية”، واتخاذ القرار في كيفية إعادة صياغته.
إضافة إلى الملف الأكثر حساسية، وهو مصير عناصر حزب “العمال الكردستاني”، من غير السوريين، الموجودين في المنطقة، بحسب الباحث ملا رشيد.
ويصنف حزب “العمال الكردستاني” على قوائم الإرهاب في تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإيران وأستراليا وعدد من الدول العربية.
لكن قائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، ذراع “الإدارة الذاتية” العسكرية، مظلوم عبدي، نفى، في حديثه الأخير مع صحيفة “الشرق الأوسط”، تبعية “قسد” تنظيميًا لحزب “العمال الكردستاني”، قائلًا إن “حزب العمال حزب كردي شقيق”، وعلاقة “قسد” معه كعلاقتها مع بقية الأحزاب الكردية في العراق.
وكان عبدي أقر بوجود مقاتلين تابعين لحزب “العمال الكردستاني”، في مقابلة أجراها مع منظمة “مجموعة الأزمات الدولية”، منتصف أيلول 2020.
وبحسب عبدي، قُتل أربعة آلاف مقاتل من حزب “العمال الكردستاني” خلال المعارك في سوريا، مؤكدًا أنه “إذا اندلعت حرب في المستقبل وتعرّضنا لهجوم من قبل أي قوة، سنطلب المساندة من القوى الكردية، وهذا أمر طبيعي للغاية”.
استئناف الحوار
وتوقفت المفاوضات بين الأطراف الكردية في تشرين الأول 2020، بسبب رحيل المستشار الأمريكي للتحالف الدولي في شمالي وشرقي سوريا، ويليام روبام، والفريق الأمريكي الدبلوماسي إلى الولايات المتحدة، لمتابعة الانتخابات الرئاسية التي انتهت بفوز المرشح الديمقراطي، جون بايدن.
وكانت الناطقة باسم حزب “الاتحاد الديمقراطي” الكردي، سما بكداش، قالت، في 16 من كانون الثاني الماضي، إن المحادثات الكردية- الكردية تُستأنف في شباط الحالي، مشيرة إلى أن الإدارة الأمريكية تحاول إشراك الكرد في العملية السياسية السورية.
اقرأ أيضًا: ضغط دولي وتحول أيديولوجي.. تطورات داخلية وخارجية قد ترسم مستقبل شرق الفرات
وبدأ الحوار برعاية دولية (وهو أحد شروط المجلس الوطني الكردي للدخول فيه)، في تشرين الأول 2019، وجرت عدة لقاءات بين الطرفين، لكن الحوار الأخير سبقته عدة اتفاقات فاشلة منذ “مبادرة الأحزاب الوطنية الكردية” في 2011، حتى اتفاقية “دهوك” في 2014.
طرفا الحوار
أُسس “المجلس الوطني الكردي”، في 26 من تشرين الأول 2011، في مدينة أربيل شمالي العراق من 15 حزبًا وفصيلًا من كرد سوريا، برعاية الرئيس السابق لإقليم كردستان شمال العراق، مسعود البارزاني.
ويعتبر حزب “الاتحاد الديمقراطي” الذي أُسس في سوريا عام 2003، فرعًا لحزب “العمال الكردستاني”، كما أن “الإدارة الذاتية” أفرزت هيكليتها بإعلان من “الاتحاد الديمقراطي” في 21 من كانون الثاني 2013.
–