أكرم الحوراني.. خطط لاغتيال أول رئيس سوري ونفاه “البعث” بعد أن شارك بتأسيسه
“الاشتراكي العلماني في أكثر مدينة سورية محافظة”، وصف أُطلق على خريج الحقوق وأحد مؤسسي حزب “البعث” الحاكم في سوريا منذ 1963، أكرم الحوراني.
لكن الحوراني يعتبر أحد أبرز السياسيين السوريين منذ عهد الاحتلال الفرنسي مرورًا بالانقلابات العسكرية الثلاثة (حسني الزعيم، سامي الحناوي، أديب الشيشكلي)، والوحدة بين سوريا ومصر في عام 1958، حتى وصول حزب “البعث” إلى السلطة عام 1963، في “انقلاب آذار”.
الحوراني من مواليد حماة عام 1911، وهو ابن تاجر الأقمشة رشيد محيي الدين الحوراني، الذي كان ملّاكًا صغيرًا، وتوافق اليوم 24 من شباط، ذكرى وفاته الـ25.
بدأ وعي أكرم السياسي ينشأ على يد مدرّس مادة التاريخ في مدرسة “دار العلم والتربية” عثمان الحوراني، الذي كان يغذي طلابه بروح الحرية والاستقلال والمقاومة المسلحة والفخر بالإرث العربي، كما شارك المدرّس في الثورة السورية الكبرى عام 1925 ضد الاحتلال الفرنسي.
محاولة اغتيال أول رئيس سوري
انتقل أكرم من مدرسة “دار العلم والتربية” في حماة إلى مدرسة “النخبة الثانوية” في مكتب “عنبر” بدمشق، التي خرجت عددًا من القادة الوطنيين، منهم الرئيس السوري الأسبق، شكري القوتلي، وبعد أن أنهى دراسته فيها ذهب إلى بيروت.
انتسب أكرم إلى “الجامعة اليسوعية” لدراسة الطب، وتركها في عام 1931، نتيجة مشاركته باغتيال الرئيس السوري، صبحي بركات.
وذكر أكرم حوراني في مذكراته (الصفحتان 78- 79)، أن “المجلس النيابي السوري” انتخب في حزيران 1932 بركات رئيسًا له بأغلبية 51 صوتًا مقابل 17 صوتًا لهاشم الأتاسي، لكن كان بركات يسيطر على معظم أعضاء المجلس، إذ كان يشكل “الوطنيون” نحو 16 نائبًا من أصل حوالي 90.
ومع ضيق الخيارات لإﺣﺒﺎط ﻣﺴﺎعي ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻓﻲ ﺗﻜﺮﻳﺲ اﻻﻧﺘﺪاب وﻋﻘﺪ معاهدة 1932، كان خيار اغتيال المتعاونين البارزين مع فرنسا مطروحًا، وﻛﺎن ﺑﺮﻛﺎت ﻳﻜﺜﺮ ﻣﻦ زياراته إﻟﻰ ﺑﯿﺮوت ﺣﯿﺚ ﻣﻘﺮ اﻟﻤﻔﻮض السامي.
اتفق الحوراني مع صديقه عبد الباسط البني (طالب بمدرسة الهندسة في بيروت) على اغتيال بركات، ووقعت القرعة على عبد الباسط.
لكن عملية الاغتيال التي نُفذت عام 1932 فشلت وانتهت بمقتل عبد الباسط، إذ استعصت الرصاصة في مسدسه بعد أن كان على مقربة من بركات في بهو فندق “رويال” ببيروت.
وسحب عبد الباسط الذي كان مصرًا على عمليته “مدية” وهجم على بركات، لكن رجال الأخير من حوله منعوه ودار عراك أدى إلى مقتله.
وبحسب “مذكرات الحوراني”، كان لعملية الاغتيال في بيروت أثر على سير الأحداث السياسية في سوريا، برفض بركات اتفاقية عام 1932 مع الفرنسيين (اتفاقية الصداقة والتحالف)، لأنها لا تتفق مع مصالح البلاد، وعُلّق عمل البرلمان على إثرها من قبل الفرنسيين.
اقرأ أيضًا: أول رئيس لسوريا لم يتقن العربية وحابى الفرنسيين.. ماذا تعرف عن صبحي بركات
أكمل أكرم دراسته في جامعة “دمشق”، قسم الحقوق، وتخرج فيها.
من “القومي السوري” إلى “العربي الاشتراكي” انتهاء بـ”البعث”
التحق الحوراني عام 1936 بصفوف الحزب “القومي السوري الاجتماعي” بعد تخرجه في كلية الحقوق، لكنه ترك الحزب بسبب قناعاته المغايرة له.
وفي 1950، أسس الحزب “العربي الاشتراكي”، وكان أول من جمع كلمتي العربي والاشتراكي في اسم حزب واحد، قبل أن يستخدمها الرئيس المصري الأسبق، جمال عبد الناصر، حسبما ذكر الكاتب المصري الدكتور محمد الجوادي، في مدونة “الجزيرة“.
واتحد الحزب “العربي الاشتراكي” مع حزب “البعث العربي” الذي أسسه صلاح الدين البيطار وميشيل عفلق، تحت مسمى جديد هو حزب “البعث العربي الاشتراكي”.
وبذلك صار الحزب ثاني أكبر كتلة نيابية في البرلمان، بعد انتخابات عام 1954.
مشاركات مسلحة خارج سوريا.. تمدد عسكري في الداخل
التحق الحوراني في 1941 مع بعض ضباط الجيش السوري ومتطوعين بثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق ضد البريطانيين، حسب موقع “وزارة الدفاع السورية“.
وعاد إلى سوريا بعد قضاء البريطانيين على الثورة العراقية، واُحتجز من قبل الفرنسيين في دير الزور.
واشترك في الثورة ضد الفرنسيين بحماة 1945، والتحق بجيش “الإنقاذ” الذي حارب في الأراضي الفلسطينية ضد الميليشيات الصهيونية عام 1948.
عزز الحوراني صلاته ببعض الضباط الشباب، كعدنان المالكي وأديب الشيشكلي، وكان الحوراني ورفيقاه، عفلق والبيطار، ينظرون إلى الجيش كأداة للوصول إلى الحكم، وليس كمؤسسة لحماية البلاد.
عُيّن وزيرًا للزراعة في حكومة هاشم الأتاسي في 15 من آب 1949، ووزيرًا للدفاع في حكومة خالد العظم في كانون الأول 1949.
وقف عندما كان وزيرًا للدفاع إلى جانب الشيوعيين في المجلس البرلماني ضد “الإخوان المسلمون” باسم “العلمانية والتحرر”، واتهمهم بـ”العمالة للاستعمار”، كما عمل على زيادة سيطرته على الجيش، وكان له دور في بناء جهاز المخابرات العسكري.
نظم أتباعه من الفلاحين في الحزب “العربي الاشتراكي”، وحرضهم على الملّاكين، وبلغت الاحتجاجات أوجها في مؤتمر “حلب” 1951، ما أدى إلى أحداث عنف وإحراق محاصيل وإطلاق النار على بيوت الملّاكين.
انقلاب مستمر على الساسة.. النهاية بالنفي
وبحسب موقع “وزارة الدفاع السورية”، تعاون أكرم الحوراني مع الزعيم حسني الزعيم في بداية حكمة، فعيّنه أمينًا عامًا لوزارة الدفاع بدل أحمد اللحام، لكن الحوراني “انقلب عليه بعد انحرافه”.
ثم تعاون مع أديب الشيشكلي وانقلب عليه أيضًا بعد استئثاره بالحكم، ثم أصبح واحدًا من أعمدة الحكم السياسي في سوريا أواسط الخمسينيات بفضل “كتلة الضباط” التي كانت تدين له بالولاء.
واُنتخب رئيسًا لمجلس النواب السوري في 1954 و1957، ولعب دورًا مهمًا في مباحثات الوحدة، على المستوى البرلماني، وإقرارها.
وعُيّن نائبًا للجمهورية العربية المتحدة (1958- 1961) في سوريا، لكنه استقال بعد خلاف مع عبد الناصر، وذهب إلى لبنان.
وعاد إلى العمل السياسي بعد الانفصال عام 1961، ومع انقلاب آذار 1963، جرده ضباط “البعث” الذين دعمهم الحوراني سابقًا من حقوقه المدنية واُعتقل فترة، ثم انتقل إلى الأردن التي توفي فيها عام 1996.
وقاد انقلاب آذار ما يسمى “اللجنة العسكرية” لحزب “البعث”، الذي أطاح بالرئيس ناظم القدسي.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :