ضغط سياسي بأدوات عسكرية وإنسانية.. روسيا والنظام يستخدمان أدواتهما القديمة
دأبت روسيا منذ تدخلها العسكري في سوريا إلى جانب النظام أواخر أيلول 2015، على اتخاذ وسائل ضغط ضد المعارضة، خاصة في السنوات الثلاث الأخيرة.
من تلك الوسائل استهداف منازل المدنيين والبنى التحتية، خاصة المستشفيات، في مناطق سيطرة المعارضة، واتهامها بالتحضير لهجمات كيماوية، وقصف قاعدة “حميميم” الروسية في ريف اللاذقية.
كما يعلن النظام بدوره عن افتتاح معابر لخروج المدنيين من مناطق سيطرة المعارضة، لاستقطاب مدنيين عبرها وكسب مواقف إعلامية وسياسية، لا سيما خلال العمليات العسكرية.
قصف وترويج لفتح معابر
قُتل أمس، الثلاثاء 23 من شباط، مدني نتيجة قصف قوات النظام بلدة بزابور في جبل الزاوية جنوبي إدلب، مع تصعيد ملحوظ بعد هدوء نسبي خلال الأيام الماضية.
ويعتبر قصف بلدة بزابور الأول منذ بدء اتفاق “وقف إطلاق النار”، ويمثل توسعة لمناطق القصف المعتادة، بعد أن قصفت الطائرات الحربية الروسية، في 2 و3 من شباط الحالي، مناطق تعتبر “آمنة” نسبيًا شمال مدينة إدلب.
وأفاد مراسل عنب بلدي في إدلب أمس، بأن قوات النظام قصفت أطراف بلدات شنان وبينين ودير سنبل بأكثر من 40 قذيفة مدفعية، كما استهدفت طائرات حربية روسية الأطراف الجنوبية لبلدة البارة جنوبي إدلب.
ورغم تكرار خروقات اتفاق “وقف إطلاق النار” في ريف إدلب الجنوبي، منذ عقده في آذار من عام 2020، شهدت المنطقة فترة هدوء نسبي بعد اجتماع “أستانة 15”.
وتخضع محافظة إدلب لاتفاق “موسكو”، الموقع بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، الذي نص على إنشاء “ممر آمن”، وتسيير دوريات مشتركة على الطريق الدولي (M4)، تبدأ من بلدة الترنبة (شرقي إدلب) وحتى عين الحور (غربي إدلب) آخر منطقة تحت سيطرة فصائل المعارضة.
ووثق “الدفاع المدني” مقتل 118 شخصًا في شمال غربي سوريا، بقصف قوات النظام وروسيا، منذ إقرار الاتفاق في آذار حتى نهاية عام 2020.
وخلال الشهرين الأخيرين، اتهمت روسيا “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقًا، قبل اندماجها مع عدة فصائل)، صاحبة النفوذ في إدلب وجزء من ريف حلب الغربي، بشن هجوم في جمهورية بشكيريا التابعة للاتحاد الروسي، والتحضير لهجمات مسلحة في مدن روسية خلال الفعاليات المكتظة بالسكان، وهو ما نفته “تحرير الشام”.
وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، الاثنين الماضي، أن قوات النظام افتتحت معبرًا في قرية الترنبة قرب سراقب، لخروج المدنيين من مناطق سيطرة فصائل المعارضة.
وكان نائب رئيس قاعدة “حميميم”، الفريق أول فياتشيسلاف سيتنيك، قال، في 15 من شباط الحالي، إن ثلاثة معابر إضافية ستفتح أمام الراغبين بالخروج من إدلب بسبب تدهور الوضع الاقتصادي والرعاية الطبية في المحافظة.
واتهم النظام ما وصفها بـ”الجماعات الإرهابية” بمنع خروج المدنيين عبر المعابر.
محاولة ضغط
يرى الباحث في مركز “جسور للدراسات” مجد كيلاني، أن تصريحات الروس والنظام لا تتناغم مع الواقع، فالجانبان، التركي والروسي، أكدا على هامش اجتماع “أستانة 15” تثبيت وقف إطلاق النار الذي أقره اتفاق “موسكو”.
لا يتوقع كيلاني أن يكون هناك هجوم على إدلب، ولا حتى على مدينة الباب شمالي حلب، “إنما محاولات ضغط من أجل تحصيل بعض المكاسب في إطار عمليات التفاوض المستمرة”.
وتضمّن البيان الختامي لأعمال الجولة الـ15 من محادثات “أستانة” في 17 من شباط الحالي، الحفاظ على اتفاق “موسكو” في إدلب، ورفض مبادرات “الحكم الذاتي”، وتحديد موعد الجولة الـ16 من المحادثات في العاصمة الكازاخية، نور سلطان، منتصف العام الحالي.
معابر جديدة.. “تحرير الشام”: خطوة غبية لا أكثر
اعتبر مسؤول التواصل في “تحرير الشام”، تقي الدين عمر، في مراسلة إلكترونية مع عنب بلدي، أن إعلان النظام والروس فتح معابر لخروج المدنيين من مناطق سيطرة المعارضة إلى مناطق سيطرة النظام “خطوة سياسية غبية لا أكثر”.
وأوضح عمر أن النظام ادعى هذه المرة فتح المعبر وتقديم خدماته للأهالي، “لتخليصهم من الأوضاع المعيشية المتردية في مناطق سيطرة فصائل المعارضة، لكنه عاجز عن توفير مادة الخبز للأهالي في مناطق سيطرته”.
بدوره، أكد فريق “منسقو استجابة سوريا”، عبر حسابه في “فيس بوك“، عدم خروج أي مدني من مناطق شمال غربي سوريا إلى مناطق سيطرة النظام.
كما لم يرصد الفريق عبر فرقه الميدانية أي تحركات للمدنيين باتجاه المنطقة التي قال النظام إن المعبر افتتح فيها.
وأوضح أن خروج المدنيين من المنطقة سابقًا خلال العمليات العسكرية، كان مدفوعًا بالمخاوف من الانتهاكات التي يرتكبها النظام بعد سيطرته على القرى ضد المدنيين.
الأهالي يرفضون فتح معابر تجارية مع النظام
وقال مدنيون التقتهم عنب بلدي إنهم ضد عملية فتح المعابر مع مناطق سيطرة النظام.
واعتبر ساري الرحمون، وهو مهجر ومدرس موجود في مدينة إدلب، أن فتح معابر لخروج المدنيين إلى مناطق النظام يعني تبخر حلم العودة بالنسبة للمهجرين خلال الحملة العسكرية الأخيرة، من مناطق سراقب ومعرة النعمان وخان شيخون بريف إدلب.
وأضاف أن أي جهة تفتح معابر مع النظام “فقد خانت دماء الأبرياء والمهجرين”، بحسب تعبيره، وتقتصر الفائدة على كونها متنفسًا اقتصاديًا لهذه الجهة.
ورفض مناع غريبي، وهو مدني من ريف إدلب، أي شكل من أشكال التعامل مع النظام وحتى العودة إلى القرى التي سيطر النظام عليها.
في عام 2020، حاولت “تحرير الشام” عدة مرات فتح معابر تجارية مع النظام، بعد توقيع اتفاق “موسكو” في 5 من آذار 2020، الذي نص على وقف إطلاق النار، كأبرز البنود.
إلا أنها لم تستطع تحت الضغط الشعبي، على الرغم من تهديد الناشطين بالاعتقال، وإطلاق النار على متظاهرين ضد فتح المعبر في قرية معارة النعسان شرقي إدلب.
ورضخت “تحرير الشام” لضغط الأهالي، وألغت فتح معبر بين معارة النعسان وأرمناز شرقي إدلب، بداية أيار 2020.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :