تداولت وسائل إعلام محلية، تعميمًا صادرًا عن مديرية صحة إدلب، يقضي بسحب قرار ترخيص مزاولة المهنة الصحية من ثلاثة أطباء وقابلة، بسبب استخدامهم وثائق رسمية مزوّرة، وإيقاف قرار ترخيص المزاولة لصيدلاني، بسبب عدم معادلته للشهادة.
وأوضح التعميم الصادر في 21 من شباط الماضي، أنه تبيّن للمديرية بعد التدقيق بالوثائق والشهادات، ثبوت تزوير بالوثائق الرسمية، وطلبت من جميع المستشفيات والمؤسسات الصحية إيقاف أي عقد عمل للأشخاص الواردة أسماؤهم في القرار.
وقال مدير المكتب الإعلامي بمديرية صحة إدلب، عماد زهران، لعنب بلدي، إن القرار لم ينشر على موقع المديرية الرسمي، لأنه تعميم داخلي خاص بالمستشفيات والمنشآت الصحية.
ورفض مدير صحة إدلب، الدكتور سالم عبدان، التعليق على التعميم، معتبرًا أن انتشاره على وسائل الإعلام تسريب لقرارات المديرية.
مدير صحة إدلب قال لعنب بلدي، إن نسبة تزوير الشهادات الصحية التي اكتشفتها المديرية إلى الآن تعد قليلة جدًا نسبة إلى الشهادات التي تم التأكد من صحتها، موضحًا أن المديرية تعمل “بحزم” على جميع المستويات الإدارية، ليتم التحقق من صحة الشهادات المقدمة إليها.
وأضاف عبدان أن بعض المهجرين إلى إدلب فقدوا وثائقهم الرسمية، ومن باب الإنصاف بحقهم، شُكّلت عدة لجان من الخبراء، بالإضافة إلى عدد من الشهود يحضرهم الفاقد لوثيقته، للتأكد من صحة حصوله على الشهادة.
واستغل آخرون الوضع غير المستقر في المدينة، ولا سيما ازدياد عدد المهجرين في إدلب، وعدم تمكن المديرية من التواصل مع الجامعات في مناطق سيطرة النظام السوري، للتأكد من قرارات التخرج، فقاموا بتزوير شهادات لم يحصلوا عليها أساسًا.
ويُكشف التزوير عبر مقارنة الشهادات بأخرى لطلاب تخرجوا من نفس الدفعة، وسؤال طلاب الدفعة نفسها عن صحة معلومات صاحب الشهادة، وسؤال زملائه عن مكان عمله السابق، وسؤاله عن الكادر التدريسي للمؤسسة التعليمية التي تخرج منها، بالإضافة إلى فحص الشهادة الفيزيائي، والتواقيع والأختام المرافقة لها.
ما الدافع إلى التزوير
محمود سيجري (30 سنة)، اضطر لتزوير شهادة في التمريض، كغيره من الكثيرين بعد تهجيرهم إلى شمالي سوريا في مناطق سيطرة المعارضة، إذ توفرت له فرصة عمل وحيدة، كممرض في منظمة إغاثية “تعطي رواتب جيدة مقارنة بالدخل الشهري لمعظم العاملين في المنطقة”، كما قال لعنب بلدي.
وعمل الشاب على أساس الشهادة المزوّرة لثلاث سنوات، ولكن المنظمة طلبت بعد ذلك إثباتات للتحقق من صحة الشهادة، ككشف علامات وعدة أوراق تثبت انتسابه للجامعة وتخرجها منها، فلم يتمكن من إحضار أي منها، ما تسبب بفصله من العمل.
لم يدخل محمود إلى أي فرع في الجامعة، ولكنه مارس مهنة التمريض واكتسب الخبرة الكافية على حد قوله، من العمل في النقاط الطبية للفصائل المعارضة التي انضم إليها منذ اندلاع الثورة السورية.
تعديل الشهادات
أوضح مسؤول المكتب الإعلامي في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، التابعة لحكومة “الإنقاذ” السورية، بمحافظة إدلب، عبد الله الدليمي، لعنب بلدي، أن الوزارة لا تعترف بالشهادات التابعة للجامعات في مناطق سيطرة النظام السوري، الصادرة بعد عام 2016.
وتطلب الوزارة معادلة الشهادات بجامعات إدلب للاعتراف بها، متوقعًا صدور قرار جديد يقضي بعدم إمكانية تعديل الشهادات الصادرة بعد عام 2019، من ذات الجامعات.
وعزا الدليمي أسباب القرار إلى حالات الغش العلنية بجامعات مناطق سيطرة النظام، وورود شهادات من جامعات خاصة مغلقة، تبين لاحقًا أنها أُعطيت مقابل مبالغ مادية.
وحول موضوع معادلة الشهادات، قال الدليمي، إن الآلية ذاتها تُتبع مع جميع الشهادات التي تحتاج إلى التعديل، إذ يجب أولًا أن تكون الشهادة معترفًا بها في البلد الأم، وتدقق تفاصيل الشهادة من قبل لجنة تدقيق الوثائق المعتمدة في وزارة التعليم العالي.
يتقدم بعدها صاحب الشهادة بطلب المعادلة، لتعرض الوثائق على لجنة معادلة الشهادات، ثم تحول إلى اللجنة العلمية المختصة، وبحسب تقارير اللجان يصدر قرار بمعادلة الشهادة.
الوثائق المطلوبة لمعادلة الشهادة
نقل عبد الله الدليمي عن مسؤول بوزارة التعليم العالي في قسم معادلة الشهادات، لعنب بلدي، قوله إنه يجب على صاحب الشهادة تقديم طلب خطي يطلب فيه معادلة الشهادة، وإشعار بتسديد رسوم المعادلة، وصورة عن البطاقة الشخصية، وصورة عن جواز السفر تبين تاريخ الدخول والخروج للبلد المانح للشهادة خلال فترة الدراسة، وصورة شخصية.
كما يطلب إرفاق النسخة الأصلية من الشهادة المراد تعديلها مصدقة من الجهة المانحة ومن وزارة الخارجية للبلد المانح للشهادة، والنسخة الأصلية من الشهادات السابقة للشهادة المطلوب تعديلها مستوفية شروط التصديق، والخطة الدراسية وتوصيف المقررات الدراسية مصدقتين من الجهة المانحة ومن وزارة الخارجية للبلد المانح للشهادة، وجميع كشوف العلامات المصدقة، وصورة عن الشهادة الثانوية أو ما يعادلها مستوفية شروط التصديق، وأطروحة الدكتوراه أو الماجستير إن وجدت.
وتعترف وزارة التعليم العالي في إدلب بجامعات وأكاديميات محددة لا تحتاج إلى تعديل شهاداتها، وهي جامعة “إدلب”، و”الشمال الخاصة”، و”ماري”، و”الحياة”، و”أكاديمية العلوم الصحية”، و”أكاديمية الطاقة البديلة”، و”أكاديمية الشريعة والدراسات الإسلامية”، وجامعة “آرام”، بحسب تعميم صادر عن الوزارة في 2 من شباط الماضي.
وتعرض القطاع الطبي في مدينة إدلب لأضرار كبيرة منذ نيسان 2019، ودمرت قوات النظام وروسيا خلال هجماتهما على مناطق سيطرة المعارضة أكثر من 70 منشأة طبية، أُعيد تفعيل بعضها، بينما دُمّر معظمها بشكل كامل، وخسرت مديرية الصحة في إدلب العديد من الكوادر الطبية والأبنية والمعدات اللازمة.
وقُدر عدد الأطباء العاملين بـ600 طبيب مسجل في شمالي سوريا، يقدمون خدماتهم لـ4.2 مليون شخص في مناطق الشمال السوري، بمعدل 1.4 طبيب لكل عشرة آلاف نسمة، وهذا المعدل أقل من الحد الأدنى المقبول في وقت الأزمات، والذي يكون خمسة أطباء لكل عشرة آلاف نسمة.
–