وليمة الذئاب
أحمد الشامي
الروس قادمون؟ الحقيقة أنهم لم يغيبوا يومًا عن المشهد السوري.
لنتذكر أن فصائل «النصرة» التي حاولت وضع يدها على مستودعات «السفيرة» في حلب وجدت قوات روسية خاصة من النخبة في انتظارها.
بعدها، تم إسقاط طائرة «فانتوم» تركية بصاروخ روسي، وفي الصيف الماضي تم إسقاط طائرة أردنية، أيضًا على يد وحدات دفاع جوي روسية، ونُسب اﻷمر «لدفاعات داعش» الجوية!
في آب المنصرم تناقلت المواقع الاستخباراتية أنباء حول إسقاط طائرة إسرائيلية قرب القنيطرة، على يد ذات الوحدات.
تدريجيًا، ينتقل سيد الكرملين إلى الخطة «باء»: الدخول العلني إلى المسلخ السوري.
الدخول الروسي الفظ يندرج في مسار تصاعدي سبقه الدخول التركي على خط المواجهة مع «داعش» بهدف مواجهة حزب العمال الكردستاني، صديق اﻷسد وبوتين.
أيضًا، «فرنسا» و»استراليا» و»بريطانيا» وحتى «الدانمارك» قررت توسيع عملياتها لتشمل الداخل السوري بعد العراقي، ضد «اﻹرهاب».
تدريجيًا يتم تقاسم «البقرة» السورية على يد الذئاب الذين أسهموا في إيقاعها، بالتكافل والتضامن مع نظام العصابة والرئيس اﻷسمر.
في الشمال السوري، بعدما أشبعنا «اردوغان» دعمًا خطابيًا وخطوات إنسانية انتقل الرجل إلى المرحلة «باء» لضمان مصالح دولته: «تصدير» السوريين إلى أوروبا وخلق «منطقة آمنة» لتركيا وليس للسوريين! هذه المنطقة الآمنة خالية من «حزب العمال» ومفتوحة أمام براميل اﻷسد وصواريخ التحالف.
إيران تستكمل هلالها الشيعي وترسم حدود محافظتها الخامسة والثلاثين بغطاء روسي ورضا غربي، وها هي حدود الإمبراطورية الساسانية الجديدة تصل إلى المتوسط.
حزب «نصر الله» يريد السيطرة على الجزء اﻷوسط من المحافظة 35، ويحاول ضمان التواصل الجغرافي بين الدويلة العلوية ودويلة حزب «الممانعة» مع «شرفة» تطل على حدود إسرائيل، بغرض إطالة عمر مهزلة المقاومة واﻹبقاء على رافعة ضغط ضد الدولة العبرية، علّ وعسى.
إسرائيل، التي لم تكن لها أصلًا مشكلة مع التنظيمات الجهادية، وجدت ضالتها في «جدار طيب» أقامته بصمت على امتداد حدود الجولان المحتل، أهدأ بقعة في الشرق اﻷوسط. إسرائيل بنت تفاهمات مع فصائل تتبع لجبهة النصرة بما يكفل أمن الدولة الصهيونية مقابل كلفة أقل مما كان يتقاضاه اﻷسد! أيضًا، فرضت إسرائيل حظرًا جويًا على مدى عدة كيلومترات من حدودها لم يتزعزع حتى التدخل الروسي، وها هو «نتنياهو» يطير إلى موسكو من أجل التفاهم حول منطقة الحظر هذه.
«داعش»… باقية وتتمدد.
اﻷردن وجد لنفسه مخرجًا، عبر «حزام آمن» يبعد عن المملكة الهاشمية شر «داعش» وشر نظام العصابة.
الدولتان الوهابيتان، السعودية وقطر وجدتا مصلحتهما في إلهاء «داعش» وأشباهها في الشام والعراق، ﻹبعاد الخطر «التكفيري» عن حدود ممالك الرمال.
الروس لعبتهم أكبر من ذلك، فهم يريدون حصتهم من سايكس بيكو وهي الدويلة العلوية، وسيتفاهمون مع إيران من أجل ذلك، دون أن ينتفي التنافس بين اﻷزعرين، الروسي واﻹيراني.
مافيات «بوتين» تريد حصتها في حقول غاز شرق المتوسط وتعد «إسرائيل» بحماية استثماراتها الغازية في البحر، شرط مشاركة «غازبروم» في الحقول المكتشفة.
إذا كان كل هؤلاء الذئاب قد وجدوا ﻷنفسهم تفاهمات ومصالح فأين مصلحة الذئب اﻷكبر، اﻷمريكي؟
إيران، روسيا، إسرائيل، تركيا، الخليجيون، اﻹسلام الجهادي ونظام العصابة، هؤلاء كلهم ساهموا في «شرشحة» جنود العم سام في العراق، آخرون «خذلوا» أمريكا التي انتظرت منهم طاعة عمياء. هؤلاء الذئاب كلهم سيكونون «مشغولين» ببعضهم عما قريب.
لعل هذه هي النقلة الاستراتيجية التي يريدها «اوباما»، وضع اﻹسلام الجهادي في مواجهة منافسي أمريكا وخصومها.
الرجل يعرف تمامًا أن الذئاب ستنتهي إلى التهام بعضها البعض، يكفي بعض الصبر وبعض التحريض ثم التسلي بمراقبة أنهار الدماء، غير اﻷمريكية، تسيل..
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :