نريد أن نتعلم، نلعب، نأكل، نريد حياة طبيعية
مخيمات عرسال لاجئون.. يواجهون مصيرهم لوحدهم
محمد عمر الشريف
من بلدة عرسال اللبنانية، أكبر تجمع للمهجرين في لبنان، والتي تحتضن ما يقارب 120 ألف نسمة، معظمهم من حمص وريفها والقلمون وقراها، سوريون يرفعون أصواتهم إلى العالم الذي تخلى عنهم، في زمن بدأ الحصار عليهم فيه من كافة النواحي، ليجدوا أنفسهم داخل رحى شظف الحياة.
المياه هي المشكلة الرئيسية
يقيم السوريون في مخيمات يبلغ تعدادها حوالي 150 مخيمًا، غالبيتها من شوادر النايلون سريعة العطب، ما يضطر اللاجئين إلى تغييرها مرتين في العام، كما أن وضع المخيمات بلغ مستوىً عاليًا من السوء، والافتقار لمتطلبات الحياة، بما فيها الخدمات، التي غالبًا ما يتحمل تكاليفها اللاجئون، كأجور النظافة والكهرباء.
في حديث مع أحد ناشطي المنطقة، ويدعى «أبو رامي»، قال إن المشكلة الرئيسية في المخيمات هي المياه، التي تؤمنها الأمم المتحدة عن طريق مؤسستين، acf والانترسوس، فقد خفضت حصة الشخص اليومية من 35 لترًا إلى 10 لترات بذريعة «قلة التمويل والدعم».
وأضاف الناشط إن تدني مستوى نظافة بعض الصهاريج التي تنقل المياه إلى المخيمات أدى إلى انتشار الأمراض فيها، وخاصة بين الأطفال (التهاب الكبد، طفح جلدي، أمراض الأمعاء)، ما اضطر اللاجئين لسد النقص في الماء بشرائه على حسابهم، رغم كل المصاعب المالية التي يعانونها، لاسيما بعد تخفيض كرت التغذية المدعوم من الأمم المتحدة من 30 دولار شهريًا إلى 13.5 دولار للشخص الواحد.
مخيمات تركت قبل أن تنتهي
يقول المحامي زياد الأخرس، المدير السابق لأحد المخيمات في لبنان، إن وحدة تنسيق الدعم أنشأت ثلاثة مخيمات في عرسال تستوعب حوالي 500 عائلة، أطلقت عليها مخيمات «من هنا مر السوريون»، لكن اندلاع أحداث عرسال في آب 2014 حال دون إنهاء المخيم الأخير، فتركته المؤسسة وتوقفت بشكل كامل عن رعاية المخيمات، وأغلقت مكتبها في عرسال، تاركة اللاجئين يواجهون مصيرهم بأنفسهم، ما انعكس سلبًا على حياتهم، فزاد العوز وانعدمت فرص العمل، وانتشرت المشاكل العائلية والاجتماعية بسبب انقطاع الدعم.
توقف العملية التدريسية
معاناة أخرى للاجئين في بلدة عرسال بدأت منذ أيام، مع إعلان بدء الموسم الدراسي في أربع مدارس سورية، هي مدرسة بناة المستقبل، مدرسة شام أبناء الشهداء، مدرسة قرية حياة، مدرسة أزهر البقاع.
إذ لا تستوعب المدارس جميع الطلاب المهجرين، رغم التكاليف التي يدفعونها شهريًا، من أجور نقل وقرطاسية، ويخشون تكرار ما حصل في العام الماضي، عندما طرد الأطفال من المدارس اللبنانية، قبل أن يساهم بعض أهالي عرسال بحل جزئي للمشكلة، بوساطة لتخصيص دوام ثان (بعد الظهر) للطلاب السوريين.
مخيم بالأجرة
أزمة أخرى يعايشها اللاجئون السوريون في المخيمات اللبنانية، وهي أجرة الخيمة التي فرضت عليهم من أصحاب الأراضي التي أنشئت عليها الخيام، وهي بالأساس مؤلفة من قطع خشبية وشوادر من النايلون، بالكاد تعزل سكان الخيمة عن محيطهم الخارجي. وتبلغ أجرة الخيمة الواحدة شهريًا ما بين 20 و 35 دولارًا، بالإضافة إلى ما يترتب على اللاجئين من أجور الماء والكهرباء وخدمات النظافة والنقل والطبابة.
نريد أن نعيش حياة طبيعية
مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني لا تدخل عرسال بحجة أنها غير آمنة، وليس بإمكان اللاجئين الوصول إلى مكاتبهم في الداخل اللبناني بسبب الاعتقالات المحتملة، كما لا توجد مؤسسات أو جهات لتسجيل الولادات الجديدة وحالات الزواج والوفاة، وهو ما أدى إلى ضياع الحقوق والثبوتيات.
في كلمة وجهها الشيخ محمود بلسان من أهل المخيم، قال «نحن اللاجئون نناهز مئة ألف، وضعنا الصحي سيئ، وخاصة أصحاب الأمراض المزمنة، والعمل إن وجد يكون فيه استغلال، حتى أصبحنا غير قادرين على تأمين ثمن الأكفان لموتانا، نجدد النداء ومن قلب مخيمات النازحين السوريين في عرسال، وهذه المرة بصوت أطفالهم: نريد أن نتعلم، نلعب، نأكل… نريد حياة طبيعية».
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :