فوبيا الإسلام وتداعياته على الثورة السورية
جريدة عنب بلدي – العدد 41 – الأحد – 2-12-2012
زين جبيلي – حلب
مع دخول الثورة السورية عامها الثاني، أُخذ عليها من مؤيديها قبل خصومها، بأنها ثورة انطلقت من منابر المساجد، فألبسوها عباءة الإسلام ووصفوها بأنها تأسلمت، تأخونت، تأسلفت، وتطيفت .
وقد لعب النظام منذ بدايات الثورة على الوتر الطائفي لتوليف الثورة نحو صراع بين السوريين أنفسهم وبث فكر الخوف من الإسلام المتطرف أو الإسلاموفوبيا.
الفوبيا تفسر علميًا بأنها الخوف الغير منطقي أو الغير مبرر، ومنه فإن الإسلاموفوبيا هو الخوف اللاشعوري والرفض العشوائي للإسلام.
وإن عدنا لمبررات بعض الثوار ممن يحتسبون بأنهم من مؤيدي المعسكر العلماني ورفضهم لهيمنة الطيف الاسلامي، أن لأسلمة الثورة السورية أثر سلبي لنيل الرضا والدعم الغربي حيث صرح العديد من الوزراء الأوربيين أنهم على استعداد لتقديم الدعم اللوجيستي للثوار بشرط تقديم ضمانات بأن هذه المساعدات لن تقع في أيادي الإسلاميين.
وتقديم المبررات بالخشية من أن يطرح نجاح الثورة في سوريا نظام إسلامي سلفي متطرفًا.
وما يمكن أن يتبعه بعد ذلك من أفغنة التجربة السورية وخوفهم على مستقبل الأقليات الدينية والقومية في سوريا من مسيحيين وكورد وغير ذلك، وما يعنيه لهذه الأطياف من مستقبل غامض والخوض في عالم من البرزخ في حال صعود الاسلاميين لدفة الحكم.
وقد عززت الإشاعات التي بثت سواء عن سوء نية أو عن حماسة دينية بعض هذه المخاوف لتطفو على السطح من جديد فكرة الإسلاموفوبيا.
من المعلوم أيضًا، وضمن إطار توحيد صفوف المعارضة ورأب الصدع بين الإسلاميين والعلمانيين والتصريحات المطمئنة من جانب المعسكر الإسلامي، حيث أعلن قائد لواء التوحيد عبد القادر صالح، أو كما اعتاد أن يلقب (حجي مارع) أن «الدولة المدنية التي ستكون في سوريا هي دولة ينفى فيها حكم العسكر حيث سيكون الحكم للثوار المدنيين».
وكل هذه التصريحات تأتي ضمن حملة لمحاولة رأب صدع الخلاف والمقاربة في وجهات النظر، ويأتي انتخاب المعارض «المسيحي الشيوعي العلماني» جورج صبرا رئيسًا للمجلس الوطني خلفًا لسيدا «الكوردي» وتعيين منذر باخوس من الطائفة العلوية سفيرًا للائتلاف السوري في فرنسا ضمن المحاولات الحثيثة لبث الطمأنة أن قو ى المعارضة ما زالت موحدة وأنها لم تقع في فخ التحيز للطيف السني الذي يشكل الغالبية في النسيج السوري .
وإن حاولنا التحول بأنظارنا عن كل الإيديولوجيات والنظريات وحتى الوقائع التي فرضت على الثورة السورية وعدنا بأنظارنا لتعاليم الدين الاسلامي الحنيف ومن تتابع وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأهل الذمة والمعاهدين حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
«ألا من ظلم معاهدًا، أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة»
سنن ابي داود ج3
فالإسلام أبعد ما يكون مصدر للتطرف أو للتخوف في حال صعوده مع صناديق الاقتراع
ومع ذلك وجب التنبيه والحرص أنه كلما كانت ظروف الثورات أقسى كان هذا تربة خصبة للمتشددين والمتطرفين و أبلغ مثال على ذلك الثورة الروسية وما رافقها من صعود البلاشفة على حساب المناشفة.
كلنا نأمل، مع امتداد و طول الثورة السورية أن تبقى استيعابية وليست استبعادية ويبقى المجال مفتوحًا للأصوات الأكثر اعتدالاً ، ودفن أي رفض أو اختزال للثورة السورية وانغلاقها في قوقعة الخوف من الإسلاميين أو في مصطلح الإسلاموفوبيا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :