ثلاثة عوامل جعلت طرطوس خارج دائرة الحرب في سوريا
تخضع محافظة طرطوس لسيطرة النظام السوري بالكامل، وتتفرد وحدها من بين 13 محافظة سورية بهذه السمة التي حافظت عليها طيلة الأعوام الأربعة الماضية على الرغم من محاولات “الانتفاضة” ضد نظام بشار الأسد، والتي أجهضت بالقوة.
وساعدت ثلاثة عوامل على بقاء المحافظة بمنأى عن الحراك العسكري، الذي بات جزءًا من هوية سوريا الحالية، لكنها وبنفس الوقت تعتبر جزءًا أساسيًا فيه، وأبرز هذه العوامل هي:
النسيج الطائفي في المحافظة
وتتمتع طرطوس بنسيج طائفي غني ومتنوع، امتازت فيه خلال العقود الماضية، فعدا عن الديانة المسيحية التي تتركز في مركز المدينة وقرى صافيتا ومشتى الحلو، هناك عدد من الطوائف التي شكلت الهوية الدينية للمحافظة، وأبرزها الطائفة العلوية.
ويعتبر معظم سكان المحافظة من الطائفة العلوية، عدا عن تواجد المسلمين السنة في مدينة بانياس وعدة قرى محيطة بها، إضافة إلى مدينة طرطوس نفسها، لكنهم يبقون أقلية بالمقارنة مع أعداد العلويين، جرى اضطهادهم في مواقع عدة أبرزها مجزرتي بانياس والبيضا 2011 و2012.
أيضًا، تحتوي المحافظة مواطنين من طوائف أخرى، وهي الإسماعيلية والمرشدية والشيعية (الاثني عشرية)، وينحصر تواجد الاسماعيليين في قرى منطقة القدموس وصافيتا فقط.
وبناء على هذه المعطيات التي استقيناها من عدة مراجع تاريخية، فإن الغالبية العلوية في طرطوس جعلت منها خزانًا بشريًا لنظام الأسد، وداعمًا حقيقيًا في حربه ضد المنتفضين ضده..
الحدود الجغرافية وتضاريس المحافظة
تشكل طرطوس الجزء الجنوبي من الواجهة البحرية لسوريا، ويمتد ساحلها لمسافة 90 كيلومترًا، وتحدها لبنان من الجنوب بشريط حدودي يبلغ 30 كيلومترًا، إضافة إلى محاذاتها من الشمال مع محافظة اللاذقية، ومن الشرق مع محافظتي حمص وحماة.
وشكلت جغرافية المحافظة عاملًا إضافيًا ساعد في خروجها من معادلة الصراع العسكري، إضافة إلى أن معظم القرى والبلدات المحيطة بها من المحافظات الثلاثة (اللاذقية وحمص وحماة) يقطنها مواطنون من الطائفة العلوية، الأمر الذي حصنها من أي هجمات أو معارك خلال الأعوام الماضية.
كذلك فإن تضاريس المحافظة الوعرة واستيطان آلاف من سكانها في القرى الجبلية التابعة لسلسلة جبال اللاذقية، جعل لقاطنيها حدودًا طبيعية وشريطًا دفاعيًا صلبًا، بحسب ما تظهره خريطتها عبر غوغل.
القاعدة الروسية على شواطئها
تضم شواطئ طرطوس على البحر الأبيض المتوسط، القاعدة الرئيسية للبحرية السورية، والتي تحتوي على سفن وغواصات وزوارق حربية، بإمكانيات متواضعة، بحسب تقرير موقع الأمن العالمي 2012.
لكن روسيا، ومنذ عام 1971، أنشات قاعدة بحرية لها على شواطئ المدينة إبان الاتحاد السوفيتي المنحل، وما لبثت أن جددت هذه القاعدة نشطاتها بالتزامن مع مرسوم خطه بشار الأسد ببناء قاعدة عسكرية روسية دائمة في طرطوس عام 2008.
اليوم، تعتبر القاعدة العسكرية الروسية ذات أهمية بالغة لنظام الأسد، لاسيما بعد التقارير التي أفادت باستقدام موسكو عناصر وضباط من جيشها للقتال إلى جانب قوات الأسد، ودعمه بالسلاح والمعدات اللازمة لذلك، وتعتبر طرطوس الوجهة الأساسية لهذا التدفق.
صحيفة الغارديان، كانت أوردت قبل 3 أيام تقريرًا يفيد بأن دعم روسيا المستميت لنظام الأسد ينبع في الرغبة منها للحفاظ على قاعدتها العسكرية في طرطوس، الأمر الذي يعزز بدوره بقاء المحافظة خارج دائرة الصراع أيضًا.
لكن، ورغم هذه المعطيات، تدفع طرطوس ثمن الاصطفاف الطائفي مع نظام الأسد، من دماء أبنائها الذين اختاروا القتال في صفوف قواته أو الميليشيات الداعمة له، وسط إحصائيات غير رسمية تؤكد مقتل 10 آلاف منهم في المعارك التي تشهدها المدن والبلدات السورية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :