سياسات مالية ونقدية.. كيف تتدخل الحكومات لعلاج التضخم والانكماش الاقتصادي
تعد السياسة الاقتصادية العامة مجموعة من قواعد السلوك التي تحكم عمل السلطات العامة في الدولة عند التدخل في الحياة الاقتصادية للمجتمع، من أجل السعي إلى تحقيق أهداف اقتصادية معيّنة.
والسياسة الاقتصادية بمفهومها الضيّق، هي التدخل المباشر من قبل السلطات العامة في حركة النظام الاقتصادي عن طريق الرقابة المباشرة للمتغيرات الأساسية للاقتصاد القومي، كالإنتاج والاستثمار، والاستهلاك، والأجور، والأسعار، والواردات، وغيرها.
وتعالج الدولة الاختلال في التوازن الاقتصادي وتقلباته الدورية باتباع سياسات اقتصادية، تتمثل في سياسات مالية ونقدية، توسعية أو انكماشية.
السياسة المالية
تبادر الحكومة لاستخدام الإنفاق الحكومي والضرائب كأدوات للقضاء على الفجوات التضخمية والانكماشية والتقلبات الاقتصادية، لتحقيق معدل مقبول من النمو الاقتصادي المصحوب باستقرار نسبي في الأسعار.
وعند زيادة الدولة للإنفاق الحكومي يزداد الإنفاق الكلي، والعكس بالعكس، كما أن تخفيض الضريبة يؤدي إلى زيادة القدرة الشرائية للأفراد، فيزيد الطلب الاستهلاكي، وبالتالي يزيد الإنفاق الكلي، والعكس في حالة زيادة الضريبة.
والسياسة المالية إما أن تكون سياسة انكماشية وإما سياسة توسعية.
السياسة المالية الانكماشية
هي السياسة التي تلجأ إليها الحكومة لعلاج حالات التضخم، وذلك بتقليص حجم الطلب أو الإنفاق الكلي إلى الحد اللازم لتحقيق العمالة الكاملة.
ويكون ذلك عن طريق تخفيض الإنفاق الحكومي، أو زيادة الضرائب، أو تخفيض الإنفاق الحكومي وزيادة الضرائب معًا.
السياسة المالية التوسعية
هي السياسة التي تلجأ إليها الحكومة لعلاج حالات الانكماش، وتهدف إلى زيادة حجم الطلب أو الإنفاق الكلي إلى الحد اللازم لتحقيق العمالة الكاملة.
ويكون ذلك عن طريق زيادة الإنفاق الحكومي، أو تخفيض الضرائب، أو زيادة الإنفاق الحكومي وتخفيض الضرائب معًا.
السياسة النقدية
هي عبارة عن الإجراءات الخاصة التي يتولاها المصرف المركزي للتأثير على مستوى الناتج والتوظيف عن طريق عرض النقود.
وعرض النقود، هو مجموع عرض النقود المصدر للتداول مضافًا إليه مجموع الودائع تحت الطلب والودائع الآجلة.
والسياسة النقدية إما سياسة انكماشية تستخدم في حالات التضخم، وتهدف فيها السلطات النقدية المتمثلة في المصرف المركزي إلى تخفيض الإنفاق الكلي والطلب عن طريق الحد من كمية النقود المعروضة، من خلال:
- زيادة سعر الفائدة.
- زيادة سعر الخصم.
- زيادة نسبة الاحتياطي النقدي.
- بيع السندات الحكومية.
وإما سياسة توسعية، تستخدم في حالات الانكماش، وتهدف إلى زيادة الإنفاق أو الطلب الكلي، وذلك بزيادة كمية النقود المعروضة في المجتمع، من خلال:
- تخفيض سعر الفائدة.
- تخفيض سعر الخصم.
- تخفيض نسبة الاحتياطي النقدي.
- شراء السندات الحكومية.
تستخدم السلطات النقدية لتنفيذ سياساتها النقدية عددًا من الأدوات والوسائل، وهي:
عمليات السوق المفتوح
تتمثل عمليات السوق المفتوح في بيع وشراء المصرف المركزي للأوراق المالية بمختلف أنواعها، وعلى الأخص السندات الحكومية.
ويهدف المصرف المركزي من بيع السندات في السوق المفتوح إلى تخفيض كمية النقود المعروضة، عن طريق شراء أفراد المجتمع تلك السندات.
وتعطي المصارف التجارية قيمة هذه السندات نقودًا إلى المصرف المركزي، وبالتالي تقل قدرتها على الإقراض.
وبذلك فإن عملية بيع السندات في السوق المفتوح تؤدي إلى انكماش حجم الائتمان وتخفيض حجم النقود المعروضة، ولذلك تسعى السلطات النقدية إلى بيع السندات في حالات التضخم.
وتسعى السلطات النقدية أو المصرف المركزي إلى شراء السندات من السوق المفتوح للتوسع في حجم الائتمان وزيادة حجم النقود المعروضة، في حالات الانكماش.
ويعطي المصرف المركزي قيمة هذه السندات نقودًا إلى المصارف التجارية، وبالتالي تزيد قدرتها على الإقراض.
سياسة نسبة الاحتياطي النقدي على الودائع
تعتبر هذه السياسة من أهم الأدوات التي يستخدمها المصرف المركزي للتأثير على إمكانية المصارف للإقراض.
ونسبة الاحتياطي النقدي المطلوب، هي ما يفرضه المصرف المركزي على المصارف التجارية للاحتفاظ به لديه، كاحتياطي بنسبة محددة من قيمة الودائع.
عندما يريد المصرف المركزي تقليل عرض النقود كوسيلة لتخفيض حجم الطلب أو الإنفاق الكلي، فإنه يلجأ إلى رفع نسبة الاحتياطي النقدي، ما يقلل من قدرة المصرف التجاري على منح القروض، وتستخدم هذه الآلية في حالات التضخم.
أما إذا كانت السلطة النقدية تهدف إلى زيادة عرض النقود، فإنها تعمد إلى تخفيض نسبة ذلك الاحتياطي، ويكون ذلك في حالات الانكماش.
سياسة سعر البنك أو سعر الخصم
سعر البنك أو سعر إعادة الخصم، هو السعر الذي يتقاضاه المصرف المركزي لقاء إعادة خصم الأوراق التجارية والأذون الحكومية للمصارف التجارية، ويمثل أيضًا سعر الفائدة الذي يتقاضاه المصرف المركزي من المصارف التجارية لقاء تقديم القروض لها.
ويعتبر سعر إعادة الخصم من الأدوات المهمة التي يستخدمها المصرف المركزي للتحكم في حجم الائتمان.
فإذا أراد المصرف تخفيض الكمية المعروضة من النقود، يلجأ إلى رفع سعر إعادة الخصم، وهذا يحد من قدرة المصارف التجارية على زيادة الائتمان، من جهة.
ومن جهة أخرى، يعتبر سعر البنك أو سعر إعادة الخصم بمثابة تكلفة تتحملها المصارف التجارية للحصول على الأموال من المصرف التجاري، وعندما ترتفع هذه التكلفة فإنه من الضروري أن يرتفع أيضًا سعر الفائدة الذي تتقاضاه المصارف التجارية من المقترضين.
وارتفاع سعر الفائدة يعني انخفاض الطلب الاستثماري وبالتالي الإنفاق الكلي، وبناء على ذلك، فإن سياسة رفع سعر البنك لتخفيض الطلب الكلي هي سياسة لعلاج حالات التضخم.
والعكس في حالات الانكماش، إذ يلجأ المصرف المركزي إلى تخفيض سعر إعادة الخصم، وبالتالي انخفاض سعر الفائدة لزيادة حجم الائتمان وكمية عرض النقود.
سياسة التأثير والإقناع الأدبي
تسعى سياسة التأثير والإقناع الأدبي إلى توجيه النصح للمصارف بعد التوسع في تقديم القروض، إذا ما رأى المصرف المركزي أن الاقتصاد يمر بحالة من التضخم وارتفاع الأسعار، الأمر الذي يقتضي تخفيض حجم الطلب الكلي عن طريق تخفيض حجم الائتمان.
ويحدث العكس في حالات الركود والانكماش الاقتصادي، إذ يغري المصرف المركزي المصارف التجارية للتوسع في حجم القروض التي يقدمونها بهدف زيادة حجم الطلب الكلي.
وتتخذ هذه السياسة أشكالًا مختلفة، كإرسال مذكرات إلى المصارف، أو تكون على شكل مقابلات وندوات، أو على شكل تحذيرات.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :