نشرت صفحة تحمل اسم “معبر كسب Kasab crossing“، في “فيس بوك”، إعلانًا لتسجيل الراغبين بالسفر من سوريا إلى تركيا عبر معبر “كسب” بريف اللاذقية.
وتضمن الإعلان، المنشور في 16 من شباط الحالي، بدء تسجيل المغادرين إلى الأراضي التركية وفق شروط، هي وجود صلة قرابة للمغادر، ووجود كفيل له في تركيا.
وحدد الإعلان الأوراق المطلوبة بجواز سفر صالح المدة، وصورتين شخصيتين، ورقم هاتف، وصورة جواز السفر أو هوية لقريب المغادر في تركيا.
كما تضمن أن عدد الحجوزات المسموح به هو 120 مغادرًا فقط، دون ذكر مبلغ مادي في الإعلان.
أثار الإعلان أسئلة حول مدى المصداقية، خاصة أن المعبر بين سوريا وتركيا مغلق منذ عدة سنوات، ولا يعمل بانتظام.
كما لا يوجد معبر حدودي بين دولتين يعمل عبر إرسال الوثائق في “فيس بوك”.
دفعت أسئلة وردت إلى عنب بلدي حول فحوى الإعلان، وتفكير سوريين داخل سوريا بإرسال بياناتهم، إلى التحقق من حقيقة الإعلان.
الصفحة تظهر أنها تُدار من تركيا، بحسب بيانات الشفافية التي يتيحها “فيس بوك”.
وحرص القائمون على الصفحة على نشر منشورات إخبارية توحي بأنها صفحة رسمية.
كما تنشر الصفحة قائمة بأسماء أشخاص على أنهم حصلوا على موافقة الدخول إلى تركيا.
محادثة بصيغة رسمية
يستغل القائمون على الصفحة حاجة السوريين للسفر إلى أقاربهم في تركيا، بالتزامن مع إغلاق الحدود لتحصيل مبالغ مادية.
تواصلت عنب بلدي مع صفحة المعبر بصيغة شخص يرغب في التسجيل لإدخال مواطن عبر المعبر إلى تركيا.
تفاعل مدير الصفحة بسرعة مع المحادثة مع ترحيب بصيغة رسمية للإيهام بالصبغة الرسمية للصفحة.
طلب مدير الصفحة بيانات الراغب بالسفر في سوريا تتضمن الاسم الثلاثي ووثائق لقريبه في تركيا، هي جواز السفر.
ومن إجراءات الدخول إلى تركيا، بحسب مدير الصفحة، إيداع مبلغ في حساب داخل تركيا قدره 230 دولارًا أمريكيًا، أو 1590 ليرة تركية، على أن يسترد المبلغ بعد ثلاثة أشهر من دخول الشخص إلى تركيا.
وقال إن عدد المقاعد المتبقية للدخول إلى تركيا 12 فقط.
بعد دقائق أرسل مدير الصفحة رسالة بأن الحجز أُلغي بسبب عدم إرسال البيانات، في محاول لتعجيل الدفع.
عرضنا على صاحب الصفحة تحويل مبلغ لضمان حجز اسم بين القائمة التي من المفترض أن يُدخلها المعبر إلى تركيا، لكنه رفض بداية، بطريقة أيضًا توحي بأن الصفحة رسمية.
وافق بعدها صاحب الحساب على الدفع على أن ترسل البيانات لاحقًا، وأرسل معلومات في بنك “زراعات” في تركيا (IBAN)، وطلب إيداع المبلغ فيه.
وتعود معلومات الحساب إلى شخص مقيم في تركيا (اسمه محمد .م)، وليس لمؤسسة أو شركة.
بعد التأخر بالدفع أرسل مدير الصفحة رسالة تتضمن إلغاء الحجز، وبعدها بدقائق حظر الحساب المرسل.
نفي رسمي
تواصلت عنب بلدي مع الجانب التركي من المعبر “Yayladağı Sınır Kapısı”، ونفت إدارة المعبر أن يكون هناك دخول من سوريا عبر هذا المعبر.
ولدى الاستفسار من المعبر عن وجودة صفحة “فيس بوك” تكتب إعلانات لدخول السوريين، أكد أنها ليست عائدة للمعبر ولا يعلمون بوجود مثل هذه الصفحات.
المعبر متوقف
أعلنت وزارة الداخلية في حكومة النظام السوري، في آذار 2020، إغلاق معبر “كسب” مع تركيا، في إطار إجراءات التصدي لفيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، حتى إشعار آخر.
ولم يصدر أي إعلان من ذلك الوقت حول فتح المعبر مرة أخرى.
خلال فترة افتتاحه لم تستقبل تركيا سوريين عبره بالطريقة الاعتيادية، بل تقتصر الحركة من خلاله على استثناءات بتنسيق بين الطرفين.
معبر “كسب” من أهم المعابر الحدودية بين سوريا وتركيا، للتجارة والسفر، وقد أغلقته السلطات التركية بعد استعادة النظام السوري بلدة كسب، التي سيطر عليها مقاتلو المعارضة منتصف آذار من عام 2014، فيما سمي وقتها بـ“معركة الأنفال”.
لكن أُعيد فتحه عقب ذلك، وبدأ النظام السوري بالترويج لعودة اللاجئين السوريين من تركيا عبره.
ومنذ شباط 2019، أُعيد تفعيل عمل المعبر أمام العائدين من تركيا، برعاية وسيط المصالحات في سوريا عمر رحمون، الذي تحدث أن “السوريين يعودون بالآلاف من تركيا”.
وعقب الحملة التركية التي استهدفت السوريين المخالفين، برزت حالات العودة التي تحدث عنها رحمون إلى العلن، ودفعت الماكينة الإعلامية للنظام باتجاه الترويج لـ“أمان العودة”، بمنشورات تداولتها الصفحات الموالية، نشرت فيها “تعليمات رحمون لخطوات العودة إلى سوريا”.
لكن تبقى الرواية الرسمية للنظام السوري حول عودة اللاجئين من تركيا، وليس خروج السوريين عبر المعبر إلى تركيا.
كيف يمكن الدخول إلى تركيا رسميًا؟
ومنذ عام 2015، تفرض تركيا تأشيرة دخول على حاملي جواز السفر السوري، تستخرج من سفاراتها في الخارج.
ومن مناطق سيطرة المعارضة في الشمال السوري، تسمح أنقرة بإدخال المرضى بتحويلة طبية للعلاج في المستشفيات التركية.
–