على ركام مدرسة “شهداء آفس”، نظمت مجموعة من مدرّسي وأهالي الطلاب في بلدة آفس مبادرة لإعادة بناء المدرسة، والاستفادة من ركامها لتحويلها إلى منشأة تعليمية متواضعة، تُمكّن الأطفال من متابعة تعليمهم الذي انقطعوا عنه لمدة تتجاوز العامين.
محمود عمام، أحد المدرّسين الذين شاركوا في المبادرة، قال لعنب بلدي، “دُمرت كل المدارس في المنطقة، والتي لم تدمر بعد تقع في منطقة مكشوفة على قوات النظام السوري، وهي ليست آمنة لاستقبال الأطفال فيها”.
ولذلك، نظم فريق من المتطوعين مبادرة ترميم المدرسة، باستخراج الحديد الصلب من الركام المدمّر، وباعوه لتأمين الطوب (البلوك) للبناء.
تبعد المدرسة عن مناطق سيطرة النظام في سراقب ما يقارب خمسة كيلومترات، وتقع في بلدة دُمّرت 70% من أبنيتها، بحسب عمام، الذي قال إن “احتمالية عودة القصف مجددًا من قبل قوات النظام واردة في أي وقت”.
وتزايد عدد الطلاب في الفصل الثاني مع هدوء الأوضاع حاليًا، مقارنة بالفصل الأول.
وقال رئيس مكتب الإغاثة بالمجلس المحلي في آفس، حسن أحمد، لعنب بلدي، “السعادة التي شعرتُ بها عندما رأيت الطلاب في المدرسة، وتوافد الأهالي لتسجيل أبنائهم، كانت لا توصف”.
وأردف أحمد، “في بداية مرحلة عودة الأهالي إلى البلدة عام 2020، أحصينا الطلاب الموجودين في القرية آنذاك ووصل عددهم إلى 120 طالبًا، وعليه قررنا فتح المدرسة، ووجهنا كتابًا إلى مديرية تربية إدلب، وجاء الرد بالموافقة على فتح المدرسة”.
وأرسلت مديرية تربية إدلب منحة بقيمة 1500 ليرة تركية، لمرة واحدة، لكل أستاذ في المدرسة، ولا يوجد أي مبلغ آخر (راتب ثابت)، فالمشاركون في المبادرة متطوعون بشكل فردي بهدف عودة الأطفال إلى المدرسة وحصولهم على حقهم في التعليم.
ولصعوبة إرسال الطلاب إلى مناطق تفتناز وسرمين، التي تبعد مسافة تقارب ثمانية كيلومترات، جهز فريق المبادرة بيتًا سكنيًا لتدريس الطلاب من الصف الأول حتى الصف الخامس.
من جهته، قال مدير مجمع إدلب التربوي، عبد الله العبسي، إن المديرية وافقت على إعادة فتح المدرسة، في الوقت الذي أصبحت فيه كل المدارس في متناول صواريخ النظام وقذائفه.
“القرب والبعد ليس مقياسًا لجرائم النظام”، بحسب العبسي، الذي أشار إلى “قصف قوات النظام في عام 2020 عدة مدارس في وسط مدينة إدلب، أسفر عن مقتل عدد من المدرّسين”.
وقدمت المديرية مبدئيًا، “ما تستطيع تقديمه للمدرسة، ولن تتوانى عن تقديم أي دعم ممكن ضمن استطاعتها”، بحسب العبسي.
وقدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عدد الأطفال المحرومين من التعليم في سوريا خلال عشر سنوات من الحرب، بأكثر من مليوني طفل، بحسب آخر بيان لها.
ويوجد أكثر من 2.4 مليون طفل خارج المدرسة، حوالي 40% منهم من الفتيات، بحسب البيان، الذي أشار إلى ارتفاع هذا الرقم بسبب تأثير جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) التي أدت إلى تفاقم وضع التعليم في سوريا.
وذكر تقرير في نيسان 2020 من “يونيسف” بعنوان “الحفاظ على تعليم الأطفال بأمان خلال جائحة (كوفيد- 19)” أن الملايين من الأطفال السوريين تركوا المدرسة أو كانوا عرضة لعدم استكمال تعليمهم بسبب دخول البلاد عامها العاشر من “الصراع”.
وسيطرت قوات النظام في شباط 2020 على بلدة آفس، وانسحبت منها بعد سيطرة فصائل المعارضة على المنطقة.
وتخضع إدلب لاتفاق بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، والروسي، فلاديمير بوتين، وُقّع في 5 من آذار 2020، ونص على إنشاء “ممر آمن” على طريق اللاذقية- حلب (M4).
وتضمّن الاتفاق تسيير دوريات مشتركة روسية- تركية على الطريق بين بلدتي ترنبة غربي سراقب (شرقي إدلب) وعين حور بريف إدلب الغربي، على أن تكون المناطق الجنوبية لطريق اللاذقية- حلب (M4) من الممر الآمن تحت إشراف الروس، وشماله تحت إشراف الأتراك.
–