انتهى التهديد العسكري الذي كان من الممكن أن تشهده مدينة طفس بريف درعا الغربي، بتصوير أمام مراكز حكومية في المدينة وإطلاق تصريحات توحي بتحقيق “نصر” من قبل النظام السوري.
وشدد النظام في مطالبه بعد بدء المفاوضات على اقتحام المدينة أو ترحيل أسماء محددة إلى مناطق المعارضة شمالي سوريا، أو تسليمهم لقواته الأمنية، لكن أيًا من مطالب النظام المرتفعة لم ينفذ.
وكانت “اللجنة المركزية” والنظام السوري توصلا بحضور وفد روسي إلى اتفاق أوقف التوتر، في 8 من شباط، ودخلت قوات النظام في 11 من الشهر نفسه إلى طفس وصورت بعض المباني الحكومية ثم خرجت.
استعراض
واعتبر أحد وجهاء درعا ومطلع على مجريات أحداث طفس وما لحقها من مفاوضات، أن النظام دخل إلى طفس وصور فيها “لحفظ ماء الوجه، واستعراض أمام مؤيديه”، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
كما أن عدم الرضوخ لمطالب النظام، “أحيا جذوة الثورة من جديد في درعا ولم يهجر أي شخص، في حين اقتصر الأمر على تفتيش المزارع والقاء الخطابات والتصوير في المدينة”، حسب ما قاله المصدر المطلع على مجريات الأحداث، الذي تحفظت عنب بلدي على ذكر اسمه.
وأضاف أن النظام لا يستطيع فتح عمل عسكري في درعا، لأن الظروف الدولية والميدانية لا تسمح له بذلك حاليًا، وهو فقط يلوح بالقوة و”لو جازف واقتحم طفس هو يعي أن درعا كاملة ستخرج عن سيطرته”.
وبحسب حديث الباحث في مركز “جسور للدراسات” عبد الوهاب عاصي، لعنب بلدي، يحرص النظام السوري بشكل كبير على فرض السيطرة على الجنوب السوري قبيل الانتخابات الرئاسية، سواء في درعا أو السويداء.
ويعتمد النظام حسب الباحث على السبل السياسية والأمنية والإنسانية وصولًا إلى العسكرية في فرض اتفاقيات إعادة التسوية على مدن ريف درعا الغربي وآخرها طفس.
سكان طفس تنفسوا الصعداء
أبدى أهالي طفس ارتياحهم نتيجة تجنيب المدينة العملية العسكرية، إذ أسهم الاتفاق بـ”الحفاظ على الممتلكات والمنازل والأرواح”، التي كان من المفترض ان تتعرض للخطر في حال اقتحمت قوات النظام السوري، حسبما رصد آراء مدنيين تواصلت عنب بلدي معهم.
وأجمعوا على تخوفهم من اقتحام المدينة و”تعفيش” مملتكاتهم الخاصة من قبل قوات النظام.
وقال محمد (اسم مستعار) لعنب بلدي، إنه يخشى على محله التجاري في حال اقتحام النظام من “التعفيش”، كما أن ترحيل بضاعته خارج المدينة يكلفه جهدًا وخسارة لبضاعته وجودتها.
كما أن التهجير في حال شن عمل عسكري صعب حاليًا خلال فصل الشتاء، وما يعانيه الأهالي من صعوبات العيش خاصة بتدني القيمة الشرائية لليرة السورية مقابل الدولار.
وقال مزارع، لعنب بلدي، إن شن عملية عسكرية سيوقف حركة البيع والشراء في سوق الهال، ما قد يعرض المحاصيل الزراعية للتلف.
وتعتبر طفس رئة الريف الغربي تجاريًا، ويبلغ عدد سكانها 50 ألف شخص، وتكثر فيها الأسواق التجارية ومحلات الجملة وورشات الصيانة.
كما أن وجود سوق الهال الزراعي بالمدينة زاد من أهميتها، إذ يقصدها المزارعين من المناطق المجاورة، إضافة إلى التجار من بقية المحافظات.
اشتباك وتعزيزات عسكرية وسقف مطالب مرتفع
في 23 من كانون الثاني نشرت “الفرقة الرابعة” في جيش النظام، التي يقودها العميد ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام السوري بشار الأسد، حواجز جديدة من درعا حتى اليادودة والمزيريب وخراب الشحم وحاجز مساكن جلين الاستراتيجي.
وتقدمت من جهة طفس الجنوبية وسيطرت على معمل الشيبس جنوب المدينة كما عززت مواقعها في تل السمن شمال طفس وحاجز التابلين غربها .
شن مسلحو المدينة الذين كانوا سابقًا من عناصر “الجيش الحر” هجومًا عكسيًا في اليوم التالي، قتل إثره عدد من قوات النظام، واستعادوا نقاط تقدم النظام إليها.
جرت بعدها مباشرة مفاوضات بين اللجنة المركزية للريف الغربي ووجهاء من مدينة طفس من جهة والنظام من جهة أخرى، وتدخلت اللجنة المركزية لمدينة درعا و”اللواء الثامن” التابع لـ”الفيلق الخامس” المشكل روسيًا على خط المفاوضات بين الجانبين.
وطلب النظام بداية المفاوضات ترحيل عشرة أشخاص من بينهم قائد فصيل “فجر الإسلام” سابقًا خلدون الزعبي، والقيادي السابق معاد الزعبي، والقيادي محمد جادالله الزعبي.
وتراجعت مطالب النظام، وشطب هذه الأسماء من القائمة، واقتصر طلباته على ترحيل ابو طارق الصبيحي المتهم بقتل عناصر مخفر شرطة المزيريب في أيار الماضي والشاغوري وإياد الغانم وإياد جعارة، لكنهم لم يقبلوا قرار النظام.
وبعد التلويح بالقوة العسكرية وتحليق الطيران السوري في سماء درعا، تدخلت لجنة درعا البلد بمقترح كفالة هؤلاء الأشخاص بضمانة عشائرهم.
ووافقت اللجنة المركزية على تفتيش المزارع بحضور اللجنة وبرفقة مجموعات “التسوية” من أبناء المدينة، وتسليم قطعة سلاح متوسط وهاون وقاذف “RPG”، ادعى النظام أنها ظهرت باشتباكات عائلية بين عشيرتي الزعبي وكيوان في كانون الثاني الماضي.
واشترط النظام أيضًا تسليم المباني الحكومية لدوائرها، وانتهت الأزمة بدخول النظام والتصوير داخل مدينة طفس.