يعود الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى واجهة الملف السوري فيما يخص العقوبات الأمريكية على سوريا وما يتداول عن محاولات تخفيفها بإيعاز منه.
ومع تغير الإدارة الأمريكية ووصول جو بايدن إلى الحكم، وكذلك عدم وجود خطة واضحة حتى الآن حول تعامل واشنطن مع الملف السوري، أرسلت شخصيات سياسية ورجال دين مسيحيون رسائل إلى واشنطن وحكومات أوروبية لرفع العقوبات المفروضة على النظام السوري، في 21 من كانون الثاني الماضي.
وذلك بحجة أن العقوبات تضغط على الشعب السوري، وتحرمه من المساعدات الإنسانية، رغم أن العقوبات تستثني المساعدات الإنسانية، بحسب ما أعلنته وزارة الخزانة الأمريكية.
وتأتي هذه المساعي في رفع العقوبات الأمريكية عن النظام السوري بإيعاز من الرئيس الفرنسي شخصيًا، بحسب ما قاله الإعلامي السوري المعارض ورئيس جمعية “سوريون مسيحيون من أجل السلام”، أيمن عبد النور.
وحول علاقة ماكرون بهذه الرسالة، قال عبد النور لعنب بلدي، وهو من بين الموقعين على رسالة مناهضة لرفع العقوبات، إنه “يبدو أن ماكرون سمع من (حزب الله) بعد زياراته الأخيرة إلى لبنان أنهم يرغبون بتخفيف العقوبات ومساعدة النظام السوري، وذلك مقابل تسهيلهم للدور الفرنسي في لبنان”.
اقرأ أيضًا: تحرك مضاد يواجه حملة فواز الأخرس لرفع العقوبات عن النظام السوري
وأبدى ماكرون استعداد ببلاده لتنسيق الدعم الأوروبي للبنان، وذلك خلال زيارته الأولى بعد ثلاثة أيام من انفجار مرفأ بيروت في 6 من آب 2020، كما دعا في 31 من الشهر نفسه، خلال زيارته الثانية، إلى تشكيل حكومة لبنانية بمهمة محددة.
كما أبدت الشركات الفرنسية جاهزيتها أيضًا لعملية إعادة بناء مرفأ بيروت، إذ أعلنت جمعية “أرباب العمل الفرنسيين” (ميديف) أنها “مستعدة للعمل إلى جانب الشعب اللبناني”.
وبمقابل تخفيف العقوبات على النظام السوري، سيسهل الحزب حركة الشركات الفرنسية في إعادة إعمار مرفأ بيروت وما حوله من الأبنية التي دُمرت بعد الانفجار، بحسب عبد النور.
وكذلك تلعب فرنسا مستقبلًا دورًا في المشاركة بعملية إعادة إعمار سوريا، إذ يرى ماكرون أن هناك فرصة اقتصادية للشركات الفرنسية في سوريا تعوقها عقوبات “قيصر”، بحسب عبد النور.
وأضاف عبد النور أنه حصل على تسريبات تفيد بأن رئيس جهاز الأمن الفرنسي أرسل إلى سوريا لفتح خطوط التعاون بطلب من “حزب الله”.
من جهته، وفي حديث إلى عنب بلدي، نفى دبلوماسي فرنسي مطلع على إدارة الملف السوري (تحفظ على نشر اسمه)، أن يمتلك “حزب الله” أداة ضغط على فرنسا حول موضوع العقوبات على سوريا.
ونفى أيضًا وجود علاقة بين “الإليزيه” والمجموعة التي أرسلت الرسالة من أجل إلغاء العقوبات.
وأكد على عدم صحة المعلومات المتداولة حول رغبة ماكرون في رفع العقوبات، وقال المصدر، إن “الموقف الفرنسي ثابت، وليس هناك رفع للعقوبات دون أن يحصل تقدم في العملية الدبلوماسية الأممية”.
تذبذب في تصريحات ماكرون تجاه الأسد
أظهر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تذبذبًا في موقفه تجاه الأسد منذ تسلمه الرئاسة في 2017، إذ صرّح في حزيران من العام نفسه أن “رحيل الأسد لم يعد شرطًا مسبقًا لحل الصراع السوري”، معتبرًا أنه “لا يرى أي بديل شرعي للرئيس السوري، بشار الأسد”.
وتناقضت تصريحاته مع الإدارة الفرنسية التي سبقته، إذ أخذ ماكرون نهجًا يركز على المخاطر الأمنية ضد فرنسا، قائلًا إن “الأسد عدو للشعب السوري لكنه ليس عدوًا لفرنسا”، وإن “أولوية باريس هي الالتزام التام بمحاربة الجماعات الإرهابية وضمان ألا تصبح سوريا دولة فاشلة”.
أما في آب 2018، فحذّر ماكرون من أن “عودة الوضع إلى طبيعته” في سوريا مع بقاء بشار الأسد في السلطة سيكون “خطأ فادحًا”، وهدد في العام نفسه بتنفيذ ضربات في سوريا إذا ثبت استخدام دمشق أسلحة كيماوية ضد المدنيين.
وقال خلال لقائه مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في أيار 2017، إن أي استخدام للأسلحة الكيماوية في سوريا يمثل “خطًا أحمر يستوجب ردًا فوريًا” من جانب بلده.
وفرضت السلطات الفرنسية، في كانون الثاني 2018، عقوبات على 25 كيانًا وفردًا من سوريا وفرنسا وكندا ولبنان، اشتبهت بضلوعهم ببرنامج الأسلحة الكيماوية السورية.
–