أسلحة وتدريبات خاصة..
ما أبرز تكتيكات التسلل الروسية على نقاط التماس مع المعارضة السورية؟
شنت قوات النظام، بدعم من القوات الخاصة الروسية، هجمات متكررة على نقاط التماس لفصائل المعارضة في محافظة إدلب، وأرياف حماة الشمالي وحلب الغربي واللاذقية الشمالي الشرقي، على الرغم من خضوع المنطقة لاتفاق وقف إطلاق نار.
الهجمات لم تحدث أي تغيير في السيطرة، وفشل معظمها بتصدي المعارضة لها، لكنها أوقعت خسائر في صفوف الفصائل، التي حاولت تطوير أساليب الرصد والدفاع منذ توقف المعارك في آذار 2020.
إذ نص اتفاق “موسكو” على وقف إطلاق نار بدأ سريانه في 6 من آذار 2020، وتسيير دوريات روسية- تركية مشتركة على الطريق الدولي حلب- اللاذقية (M4)، وهي أبرز البنود وأوضحها للعلن، لكن لم تُنفذ بشكل تام.
الرصد والمتابعة ثم الهجوم بأسلحة متطورة
أوضح الرائد ماهر مواس، وهو قائد عسكري في “الجبهة الوطنية”، أن محاولات التسلل لقوات النظام شملت جميع محاور التماس، من ريف حلب الغربي مرورًا بإدلب وسهل الغاب، انتهاء بريف اللاذقية.
إذ تحدد قوات النظام نقطة معيّنة، وتدرس نقاط القوة والضعف بشكل كامل ودقيق، عبر رصدها من طيران الاستطلاع بمدة تتراوح بين عشرة و20 يومًا، حسب حديث مواس لعنب بلدي.
ثم يتسلل عناصر النظام من محاور “عمياء” أي غير مكشوفة من النقطة المستهدفة وحتى النقاط الأخرى المجاورة، وفق مواس، مشيرًا إلى أن هذا الأسلوب استخدمه الروس منذ دخولهم إلى منطقة العمليات في سوريا.
ويعتمدون أيضًا على تكتيك الاقتراب من النقطة بزوايا ميتة والالتفاف من خلفها، أي لا يأتون إلى النقطة عن طريق المواجهة، إنما يسلكون طرقًا طويلة وأحيانًا تمتد لعدة كيلومترات، حتى يلتفوا خلف النقطة، حسب مواس.
ويصلون أحيانًا إلى الطريق الآمن خلف نقطة قوات المعارضة، ويهاجمونها من الخلف بقنص العناصر.
وفي حال قدوم مؤازرة، تصطدم بالعناصر المتسللين إلى طريق الإمداد فجأة، وبذلك تتعرض لهجوم غير متوقع، ما يؤدي إلى خسائر أكبر.
ودرب الروس عناصر من النظام على هذا الأساس، وشكلوا قوات مخصصة لهذا الأسلوب.
وجُهزت القوات المتسللة بأحدث أنواع التقنيات من اتصالات، وطيران استطلاع ليلي، وكل عنصر مجهز بسلاح يوضع عليه منظار حراري.
كيف قُتل عناصر “مرابطة” في سهل الغاب
في 11 من كانون الثاني الماضي، قُتلت مجموعة كاملة (تسعة عناصر من فصيل “جيش النصر”) المرابطة في إحدى نقاط التماس بسهل الغاب، نتيجة تسلل عناصر النظام على محور قرية العنكاوي، ثم قتل ثلاثة من عناصر المؤازرة.
وكان لدى عناصر النقطة منظار حراري، لكن عناصر النظام المزودين بطائرات استطلاع حرارية ومناظير حرارية على الأرض التفوا من خلفهم، بعد دراسة دقيقة لجغرافية الأرض و”نفذوا العملية بحرفية”، حسب الرائد ماهر مواس.
ولم يكن هناك أي كلام على “قبضات أجهزة اللاسلكي”، حسب حديث “المرصد- 20” المتخصص برصد التحركات العسكرية، مرجحًا وجود أنواع أخرى من “القبضات” لا يستطيع التنصت عليها.
وتواصل أحد عناصر النقطة مع المرصد لإبلاغه بتعرضهم لهجوم ووجود إصابات بين العناصر، ووجهت مؤازرة إلى المكان، لكنها فوجئت بإطلاق نار عبر قناصات حرارية مزودة بكواتم صوت، واشتبكت مع المجموعة المتسللة قبل وصول المؤازرة إلى النقطة.
وحاول النظام التسلل من نفس المحور بعد عدة أيام، لكن المعارضة كشفت التسلل وتعاملت مع المجموعة المتسللة بالأسلحة الرشاشة وقذائف المدفعية، ما أوقع قتلى وجرحى بينهم، حسب قيادي (طلب عدم ذكر اسمه).
لم تكن حادثة مقتل عناصر “جيش النصر” الأولى، إذ نعى فصيل “صقور الشام”، في 24 من حزيران 2020، أربعة من عناصره نتيجة تسلل لقوات النظام على حرش بينين جنوبي إدلب.
ويتبع الفصيلان لـ”الجبهة الوطنية للتحرير” التابعة لـ”الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، وهي منضوية ضمن غرفة عمليات “الفتح المبين” التي تدير العمليات العسكرية في إدلب.
وأوقفت غرفة عمليات “الفتح المبين”، خلال كانون الثاني الماضي، أربع محاولات تقدم لقوات النظام على جبهات ريف إدلب، حسبما أكد قائد عسكري في “الجبهة الوطنية للتحرير” في حديث إلى عنب بلدي.
العمليات العسكرية الروسية في سوريا خلال خمس سنوات
قال وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، في مقال نشرته صحيفة “كراسنايا زفيزدا” التابعة لوزارة الدفاع الروسية، في 30 من أيلول 2020 (الذكرى الخامسة للتدخل الروسي)، إن 70% من الأراضي السورية كانت خارج سيطرة النظام قبل التدخل الروسي، وكانت قوات النظام تنسحب من مواقعها بينما تواصل فصائل المعارضة تقدمها في جميع الاتجاهات.
ورجّح التدخل الروسي كفة قوات النظام، وفقًا لشويغو، الذي أشار إلى أن النظام تمكن من استعادة السيطرة على 1024 قرية بفضل الإسناد الجوي الروسي، ونتيجة لذلك صارت 88% من مساحة سوريا تحت سيطرة النظام، على حد قوله.
وقُتل 3966 مدنيًا في سوريا منهم نساء وأطفال، بين 30 من أيلول 2015 و20 من أيلول 2020، على يد القوات الروسية، بحسب تقرير أصدره “الدفاع المدني”، في 28 من أيلول 2020.
بينما فقد “الدفاع المدني” 36 متطوعًا من فرقه، وجُرح 158 متطوعًا جراء الغارات المزدوجة والاستهداف المباشر للفرق من قبل الطيران الروسي، في أثناء عمليات البحث والإنقاذ.
ونفذت روسيا 182 مجزرة في سوريا، أدت إلى مقتل 2228 مدنيًا وإصابة 3172 آخرين، أغلبهم قضوا باستهداف المنازل أو الأسواق والأماكن المكتظة بالمدنيين، بحسب إحصائية “الدفاع المدني”.
ولم تقتصر خروقات الاتفاق على استهداف المناطق العسكرية، بل تستهدف قوات النظام وحليفتها روسيا بشكل مستمر مناطق المدنيين في ريف إدلب وحلب، بالقذائف المدفعية و الصاروخية، والطائرات المسيّرة والحربية.
عمليات التحصين مستمرة من قبل الفصائل
ركزت فصائل المعارضة منذ توقيع اتفاق “موسكو” على تلافي الأخطاء السابقة من ناحية التحصين وتجهيز خطوط الدفاع، برصد الثغرات التي استفاد منها النظام وتقدم من خلالها، حسبما قال مقاتلون على جبهات سهل الغاب وجبل الزاوية جنوبي إدلب، لعنب بلدي.
وقال قيادي في “جيش النصر” (تحفظ على نشر اسمه)، إن الفصائل تستقدم لخطوط التماس كل ما يلزم للمقاتلين، وتابع، “لدينا خطوط خلفية جاهزة لأي طارئ”.
وتحتاج الإجراءات المتخذة من قبل الفصائل إلى تكاليف عالية و”ليست بالأمر السهل”، حسب الرائد ماهر مواس، خاصة فيما يتعلق بأمور التحصين وتوفير المناظير الحرارية للعناصر في نقاط التماس، “على الرغم من التمويل الضعيف للفصائل”.
وتعمل الفصائل على تقليل “الزوايا الميتة”، التي يتسلل منها النظام، وتزويد نقاط الحراسة بالمناظير الليلية، حسب الرائد ماهر.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :