بانتظار إشارة واشنطن.. مرحلة مصيرية تنتظر الحوار الكردي- الكردي

  • 2021/02/07
  • 9:27 ص

أطفال يحيون جنودًا أمريكان على ظهر عربة عسكرة في محافظة الحسكة شمالي سوريا - 17 من كانون الأول 2020 (AFP)

عنب بلدي – علي درويش

عادت مسألة الحوار بين الأطراف الكردية في سوريا إلى مرحلة جديدة من النشاط، وذلك بعد توقف شهدته نتيجة الانتخابات الأمريكية، إذ تعد الولايات المتحدة من أبرز الدول الراعية للحوار بدعم دولي.

وتوقفت المفاوضات بين الأطراف الكردية في تشرين الأول 2020، بسبب رحيل المستشار الأمريكي للتحالف الدولي في شمالي وشرقي سوريا، ويليام روبام، والفريق الأمريكي الدبلوماسي إلى الولايات المتحدة، لمتابعة الانتخابات الرئاسية التي انتهت بفوز المرشح الديمقراطي، جون بايدن.

وكانت الناطقة باسم حزب “الاتحاد الديمقراطي” الكردي، سما بكداش، قالت، في 16 من كانون الثاني الماضي، إن المحادثات الكردية- الكردية تُستأنف في شباط الحالي، مشيرة إلى أن الإدارة الأمريكية تحاول إشراك الكرد في العملية السياسية السورية.

ويقود الحوار كل من حزب “الاتحاد الديمقراطي” الذي يشكل نواة “الإدارة الذاتية” المسيطرة على شمال شرقي سوريا، والمدعوم أمريكيًا، و”المجلس الوطني الكردي” المقرب من أنقرة وكردستان العراق، والمنضوي في هيئات المعارضة السورية، والذي سبق أن أُغلقت مكاتبه واُعتقل عدد من أعضائه وطُردت ذراعه العسكرية من المنطقة، من قبل “الاتحاد الديمقراطي”.

وبدأ الحوار برعاية دولية (وهو أحد شروط المجلس الوطني الكردي للدخول فيه)، في تشرين الأول 2019، وجرت عدة لقاءات بين الطرفين، لكن الحوار الأخير سبقته عدة اتفاقات فاشلة منذ “مبادرة الأحزاب الوطنية الكردية” في 2011، حتى اتفاقية “دهوك” في 2014.

الباحث السياسي المختص بشؤون شرق الفرات في سوريا والشأن الكردي بدر ملا رشيد، أوضح لعنب بلدي أن الحوار الكردي يدخل في مرحلة مصيرية، ومن المفترض أن يتناول طرفا الحوار في الجولة المقبلة مجموعة من العناوين التي جرى تأجيلها مرارًا، وهي ما يتعلق بعودة “بيشمركة روج” (المحسوبة على المجلس الوطني الكردي) من إقليم كردستان العراق، والوقوف على العقد الاجتماعي لـ”الإدارة الذاتية”، واتخاذ القرار في كيفية إعادة صياغته.

إضافة إلى الملف الأكثر حساسية وهو مصير عناصر حزب “العمال الكُردستاني”، من غير السوريين، الموجودين في المنطقة، بحسب الباحث ملا رشيد.

وفي حديث سابق إلى عنب بلدي، قال عضو “المجلس الوطني الكردي” فؤاد عليكو، إن الاتفاق على “المرجعية السياسية الكردية” لا يعني التوصل إلى “اتفاق شامل” بين “المجلس الكردي” و”الاتحاد الديمقراطي”، وسط وجود نقاط لم تناقَش، منها عودة قوات “البيشمركة” من شمالي العراق.

نشأت قوات “البيشمركة السورية” أو “بيشمركة روج آفا” (غرب كردستان)، أواخر 2012، من تجمع ضباط كرد انشقوا عن قوات النظام السوري بعد أن وصلوا إلى أراضي إقليم كردستان العراق، وانضم إليهم متطوعون مدنيون، ويقدر عدد عناصر تلك القوات في أفضل الأحوال بــ12 ألف مقاتل.

وتعتبر ذراعًا عسكرية لـ”المجلس الوطني” منذ 2015، وشارك مقاتلوها في معارك مدينة عين العرب (كوباني)، في تشرين الأول 2014، ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”.

وأُسس “المجلس الوطني الكردي”، في 26 من تشرين الأول 2011، في مدينة أربيل شمالي العراق من 15 حزبًا وفصيلًا من كرد سوريا، برعاية الرئيس السابق لإقليم كردستان شمال العراق، مسعود البارزاني.

ويعتبر حزب “الاتحاد الديمقراطي” الذي أُسس في سوريا عام 2003، فرعًا لحزب “العمال الكردستاني”، كما أن “الإدارة الذاتية” أفرزت هيكليتها بإعلان من “الاتحاد الديمقراطي” في 21 من كانون الثاني 2013.

ويصنف حزب “العمال الكردستاني” على قوائم الإرهاب في تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإيران وأستراليا وعدد من الدول العربية.

لكن قائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، ذراع “الإدارة الذاتية” العسكرية، مظلوم عبدي، نفى، في حديثه الأخير مع صحيفة “الشرق الأوسط”، تبعية “قسد” تنظيميًا لحزب “العمال الكردستاني”، قائلًا إن “حزب العمال حزب كردي شقيق”، وعلاقة “قسد” معه كعلاقتها مع بقية الأحزاب الكردية في العراق.

وكان عبدي أقر بوجود مقاتلين تابعين لحزب “العمال الكردستاني”، في مقابلة أجراها مع منظمة “مجموعة الأزمات الدولية”، منتصف أيلول 2020.

وبحسب عبدي، قُتل أربعة آلاف مقاتل من حزب “العمال الكردستاني” خلال المعارك في سوريا، مؤكدًا أنه “إذا اندلعت حرب في المستقبل وتعرّضنا لهجوم من قبل أي قوة، سنطلب المساندة من القوى الكردية، وهذا أمر طبيعي للغاية”.

الجولة الحالية مرتبطة بدرجة اهتمام بايدن

ويرتبط مصير جولة المحادثات الجديدة، حسب الباحث بدر ملا رشيد، بالدرجة التي ستستحوذ عليها ضمن الإدارة الأمريكية الجديدة (إدارة الرئيس بايدن).

وأضاف الباحث، “بحسب الإشارات الأولى لإدارة بايدن، هناك خطوط تلمح إلى احتمالية عودة السياسة الأمريكية بجزء كبير منها لعهد الرئيس الأسبق، باراك أوباما، وهي محاولة ضبط إيران في الملف النووي، وضبط التوسع الروسي”.

و”لكن ليس بالضرورة أن تكون عملية ضبط تصرفات هاتين الدولتين وفقًا لمصالح السوريين، بل أكثر عبر إعادتهما لطاولة المفاوضات” بحسب الباحث بدر ملا رشيد.

ملامح السياسة الأمريكية شرق الفرات

ومن المرجح أن يشهد شرق الفرات استقرارًا على مدى عدة أشهر مقبلة في السياسة الأمريكية، نتيجة استمرار الرغبة الأمريكية بمنع عودة ظهور تنظيم “الدولة الإسلامية”، حسب بدر ملا رشيد.

وزاد تنظيم “الدولة” من وتيرة عملياته بعد مقتل زعيمه، “أبو بكر البغدادي”، بعملية أمريكية، في تشرين الأول 2019، وخاصة منذ مطلع العام الحالي.

وأعلن التنظيم عن تنفيذه نحو 600 هجوم في سوريا خلال عام 2020، أغلبها شرقي سوريا، أسفرت عن ألف و327 قتيًلا وجريحًا، 901 منهم من “قسد”، و407 من قوات النظام السوري، و19 من فصائل المعارضة.

وتركزت معظم الهجمات في دير الزور، حيث تبنى التنظيم 389 هجومًا هناك، ثم الرقة 59 هجومًا، و38 في حمص، و39 في الحسكة، و36 في حلب، و29 في درعا.

وأكد الباحث أن هذه العوامل ستؤثر على ملف الحوار الكردي، وإذا ظهرت في المستقبل رغبة أمريكية بإحداث تغيير حقيقي في سوريا، فمن المتوقع أن تعمل واشنطن بنفس أطول فيما يتعلق بشرق الفرات للوصول إلى صيغة حقيقية للتوافق.

في حديثه إلى موقع “المونيتور“، في 10 من تشرين الثاني 2020، أعرب عبدي عن تفاؤله بشأن الإدارة الأمريكية الجديدة، ويرى أنها ستتبع سياسة “أكثر واقعية” في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية”.

وبعد تسلّم بايدن رسميًا الرئاسة الأمريكية، دعا عبدي الإدارة الأمريكية الجديدة إلى تبني “استراتيجية جديدة” لتفعيل دور أمريكا ووضع نهاية لـ”المحرقة السورية”، آملًا في أن يصحح الرئيس الأمريكي، جو بايدن، “أخطاء” إدارة الرئيس السابق، دونالد ترمب، حسب حديثه لصحيفة “الشرق الأوسط“، في 5 من شباط الحالي.

وكان نائب المبعوث الأمريكي إلى سوريا، ديفيد براونستاين، التقى طرفي الحوار كلًا على حدة أواسط كانون الأول 2020، وقال إن “الوحدة الكردية في سوريا” هدف استراتيجي لبلاده، وتحاول عبر هذا الحوار إشراك الكرد في العملية السياسية.

وأكد مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية لعنب بلدي، عبر مراسلة إلكترونية، أن “الولايات المتحدة تريد تأكيد دعمها للحوار الكردي- الكردي الذي يحرز تقدمًا، والذي نأمل أن يعزز العملية السياسية الأوسع نطاقًا بموجب قرار مجلس الأمن 2254”.

الاعتداءات على مكاتب “المجلس الوطني” تعقّد الأمور

مع تطورات مراحل الحوار الكردي، تعرضت مكاتب “المجلس الوطني” لاعتداءات متكررة، آخرها إطلاق نار وتخريب أحد مقراته بمدينة الدرباسية شمالي الحسكة، في 14 من كانون الأول 2020.

وتصعب العقبات المذكورة سابقًا، والتصريحات من قبل بعض الشخصيات النافذة في “الإدارة الذتية”، التي “أعادت سوية العداء الخطابي إلى ما كان عليه قبل بدء عملية الحوار”، بحسب الباحث بدر ملا رشيد، “التكهن بما ستؤول إليه الأمور” في هذه الجولة من المحادثات.

وكان الاتفاق الأولي الذي توصلت إليه الأحزاب الكردية، في حزيران 2020، خلص إلى تشكيل “مرجعية سياسية كردية”، على أن تكون نسبة تمثيل “حركة المجتمع الديمقراطي” (يمثلها حزب الاتحاد الديمقراطي) فيها 40%، وكذلك نسبة “المجلس الوطني الكردي” 40%، ونسبة 20% للأحزاب والقوى غير المنخرطة في الجسمين السياسيين.

ولاحقًا، اتفقت الأطراف على أن يكون عدد أعضاء المرجعية 30 شخصًا ممثلين وفق الآتي: 12 من “حركة المجتمع الديمقراطي”، و12 من “المجلس الوطني”، وثمانية من القوى السياسية من خارج الإطارين المذكورين.

وبحسب الاتفاق، فإن مهمة هذه المرجعية هي رسم الاستراتيجيات العامة وتجسيد الموقف الموحد، وتشكيل شراكة فعلية في هيئات “الإدارة الذاتية”، والتوجه نحو الوحدة السياسية والإدارية، ومشاركة كل المكونات الأخرى.

كما جرى الاتفاق على تأسيس لجنة مشتركة من المرجعية لدمج القوات العسكرية، ورفض وجود أكثر من قوة عسكرية في المناطق الكردية.

وفي حديثه الأخير لـ”الشرق الأوسط”، قال عبدي، إن الحوار الكردي- الكردي قطع شوطًا “لا بأس به”، وإن أهم مسألة حققتها الأطراف الكردية في الفترة الماضية إعادة الثقة بين الطرفين المتحاورين.

وأُنجزت مذكرة المرجعية السياسية، “وهي الأساس في أي اتفاق لاحق، والمسائل الخلافية الأخرى تبقى ثانوية”، وسيُتفق عليها في جولات الحوار المقبلة، “التي ستنطلق قريبًا”، حسب حديثه للصحيفة في 5 من شباط الحالي.

وسبق ذلك، في 1 من شباط الحالي، تغريدة لعبدي تحدث فيها عن الاستعداد لمرحلة جديدة من الحوار الكردي- الكردي في سوريا، مشيرًا إلى أن هدف “قسد” نجاح الحوار الكردي- الكردي، وأن الاتفاقات التي توصلت إليها الأطراف “مهمة وتحمي مصالح شعبنا”.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا