نفى مدير مؤسسة الحبوب، يوسف قاسم، ارتباط أزمة الخبز الحالية بنقص القمح، معتبرًا أن التخفيض بنسبة 16% لمخصصات بعض المحافظات، لم يؤثر في عدد ربطات الخبز، وجرى تداركه بتخفيض وزن الربطة إلى 1100 غرام.
وأرجع المسؤول، بحسب ما نقلته صحيفة “الوطن” المحلية اليوم، الثلاثاء 2 من شباط، أسباب الأزمة إلى طريقة وآلية توزيع الخبز، واستمرار ظاهرة المتاجرة بالدقيق التمويني التي تشكل نسبة لا تقل عن 15- 20%.
واعتبر أن المتاجرة بالدقيق التمويني أكثر ربحًا من “الحشيش”، فصاحب الفرن يشتري كيلو الدقيق بنحو 40 ليرة، ويبيعه في السوق السوداء بنحو 1200 ليرة، ويضمن بذلك توفير مخصصات إنتاج هذا الكيلو من المازوت المدعوم ومن ثم بيعها أيضًا بسعر مرتفع في السوق السوداء.
وذكر أن عدم تطبيق “البطاقة الذكية” في كل المحافظات يجعل إمكانية الأفران أكبر للتلاعب بكميات الدقيق التمويني، عن طريق جمع الكثير من البطاقات وقطع مخصصاتها لبيعها.
وبحسب قاسم، فإن ارتفاع نسبة الهدر في إنتاج الرغيف سواء في الأفران أو المنازل من أسباب الأزمة، مشيرًا إلى أن تكلفة إنتاج كيلو الخبز تصل إلى 600 ليرة، “وما زال هناك من يشتري الخبز كعلف، بسبب انخفاض سعر الربطة”، بحسب تعبيره.
وقال إنه “لا يوجد في سوريا شخص لا يحصل على حاجته من الخبز بغض النظر عن مشقة الحصول عليه، وعندما يحصل جميع الناس على حاجتهم من الخبز فهذا يعني أن المخصصات كافية وتصل إلى الأفران حاجتها”.
ولم يتحدث المسؤول عن تفاصيل إنتاج الخبز وتأمين القمح، وأوضح أن عقود توريد القمح لعام 2021 تصل إلى 400 ألف طن، وأن هناك عقودًا قيد التوريد من عام 2020 لكمية 250 ألف طن وصل منها 75 ألف طن حتى الآن.
كما أوضح أن المستورد من القمح يضاف إلى الكميات التي يتم استجرارها من القمح المحلي من محافظة الحسكة خاصة، رغم صعوبات وصول هذه الكميات.
تهريب القمح المدعوم
وضبطت الجمارك التابعة لحكومة النظام السوري شاحنة (قاطرة ومقطورة) محملة بـ62 طنًا من القمح مصدره مدينة حماة كانت تتجه إلى إحدى المحافظات الشرقية.
وقال الآمر العام للجمارك، آصف علوش، في تصريح لصحيفة “الوطن” اليوم، إن سائق الشاحنة ادعى في أثناء التحقيق الأولي معه أن حمولة الشاحنة شعير وأن مصدرها من المناطق الشرقية ويتجه بها إلى منطقة منبج.
لكن أثبت الكشف والتدقيق في القضية أن الحمولة قمح مصدره محافظة حماة كان يتجه السائق بها إلى منطقة منبج في ريف حلب.
وأضاف أن الشاحنة احتجزت وسُلمت كميات القمح المصادرة إلى المؤسسة العامة للحبوب وفق الأنظمة المعمول بها في هذا الإطار، وأُحيل الملف إلى القضاء، وقُدرت قيمة الغرامات للمصالحة على القضية بحدود 131 مليون ليرة سورية.
وأوضح علوش أن هذه القضية الخامسة منذ كانون الأول 2020 التي تُضبط فيها حالات تهريب لمادة القمح المدعومة من الدولة، مبينًا أن كل تغيير لوجهة الحمولة من مادة القمح أو الدقيق التمويني بخلاف المهمة المرفقة مع الحمولة هو بحكم التهريب، وتُصادر فورًا وتسلم للمؤسسة العامة للحبوب.
اقرأ أيضًا: أزمات اقتصادية تتربص بالسوريين في عامهم الجديد
أزمة خبز متجددة
وتصدرت صور طوابير المواطنين أمام الأفران في مناطق سيطرة النظام السوري المشهد، للحصول على مادة الخبز، خلال الأشهر الماضية، إذ تعاني مناطق سيطرة النظام السوري من صعوبة في تأمين مادة الطحين.
وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية خصصت ربطتي خبز كل يومين للأشخاص المخصص لهم ربطة واحدة يوميًا، كأحد حلول تخفيف الازدحام على طوابير الخبز، مبررة القرار بأنه في إطار مسعى الوزارة لتخفيف الازدحام على كوات (منافذ) التوزيع.
وبحسب الآلية الجديدة، تحصل العائلة المؤلفة من شخص أو شخصين على ربطة خبز واحدة، والعائلة المؤلفة من ثلاثة أو أربعة أشخاص تحصل على ربطتين، والعائلة المؤلفة من خمسة أو ستة أشخاص تحصل على ثلاث ربطات، ومن سبعة أشخاص وأكثر أربع ربطات، وتحتوي الربطة الواحدة على سبعة أرغفة.
ولا تسمح وزارة التجارة للمخابز ببيع الخبز خارج “البطاقة الذكية”، باستثناء كمية 5% من مبيعات أي مخبز تُخصص للحالات الخاصة التي لا تملك بطاقة بمعدل ربطة واحدة بشكل يومي، ومنها طلاب الجامعات أو الموظفون في محافظات أخرى غير محافظاتهم أو غيرهم، وفقًا لجداول تتضمن الاسم والرقم الوطني ورقم الهاتف.
وتؤمّن حكومة النظام القمح من خلال شرائه من الفلاحين، أو استيراد القمح بعد توقيع عدد من العقود مع روسيا.
“ولصعوبة توفير المواد الأساسية للمواطن وتسديد قيمتها وارتفاع تكاليفها، نتيجة العقوبات الغربية على النظام”، طرحت “المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب” خلال عام 2020 عدة مناقصات لشراء القمح، لتأمين الطحين وصناعة الخبز.
وتراجع إنتاج القمح من نحو أربعة ملايين طن إلى أقل من 1.5 مليون طن عام 2019 في عموم سوريا، وتقدر حصة النظام السوري بأقل من 400 ألف طن، والبقية موزعة بين مناطق المعارضة ومناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في الحسكة، التي هي خزان الحبوب في البلاد، بحسب تقدير المحلل عدنان عبد الرزاق، في لقاء سابق مع عنب بلدي.
–