“هيومن رايتس ووتش” تطالب بالتوزيع العادل للقاح “كورونا” في سوريا

  • 2021/02/02
  • 4:50 م
مسعف يتفقد درجة حرارة رجل داخل مركز عزل صحي أقيم على الحدود السورية التركية من أجل نقل القادمين من تركيا إلى إدلب كإجراء وقائي من انتشار فيروس كورونا. الغربوطلي _dpa

مسعف يتفقد درجة حرارة رجل داخل مركز عزل صحي أقيم على الحدود السورية التركية من أجل نقل القادمين من تركيا إلى إدلب كإجراء وقائي من انتشار فيروس كورونا. الغربوطلي _dpa

طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” بضرورة حصول منظمات الإغاثة الدولية على الدعم اللازم لتوزيع لقاح فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، بجميع مناطق القوى المتصارعة في سوريا.

وقالت المنظمة في تقرير لها اليوم، الثلاثاء 2 من شباط، “إن فشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في إدخال المساعدات عبر الحدود لشمال شرقي سوريا، يعني أيضًا عدم وجود قناة مضمونة لتوزيع اللقاح على مليوني شخص”.

وقالت الباحثة السورية في “هيومن رايتس ووتش” سارة الكيالي، إن “على أولئك الذين يزودون سوريا باللقاحات، أن يبذلوا قصارى جهدهم لضمان وصول لقاحات (كورونا) إلى الفئات الأكثر ضعفًا بغض النظر عن مكان وجودهم في البلاد”.

وأضافت، “لم تخجل الحكومة السورية أبدًا من حجب الرعاية الصحية كسلاح حرب، لكن لعب هذه اللعبة باللقاح يقوّض الجهد العالمي للسيطرة على الوباء”.

وقالت الكيالي، “بين التدمير الكبير الذي لحق بالبنية التحتية الصحية من قبل الحكومة السورية في أثناء النزاع، والافتقار إلى تقديم مساعدات موثوقة، سيكون توزيع لقاح فيروس (كورونا) في سوريا صعبًا للغاية حتى من دون نهج الحكومة التمييزي في تقديم المساعدة”.

وما زال الوقت مبكرًا لتقديم ضمانات حول حصول كل شخص داخل سوريا على اللقاح بطريقة عادلة، بحسب كيالي.

ويؤكد التقرير أحقية كل فرد بموجب القانون الدولي في الحصول على “أعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة البدنية والعقلية”، ما يرتب على الدول واجبًا يتمثل في “إتاحة جميع المساعدات للجميع دون تمييز، ولا سيما للفئات الأكثر ضعفًا للتمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه”، ويمتد هذا الالتزام إلى المناطق التي تخضع لسيطرة حكومة النظام.

الانضمام إلى “كوفاكس”؟

وقدمت حكومة النظام السوري، في 15 من كانون الأول 2020، طلبًا رسميًا للمشاركة في اتفاقية “كوفاكس”، وهي مبادرة عالمية لتوسيع الوصول إلى اللقاح بقيادة منظمة الصحة العالمية، وليس من الواضح ما إذا كانت الخطة المقدمة تشمل جميع أنحاء البلاد، بحسب “هيومن رايتس ووتش”.

كما قال وزير الصحة السوري، حسن الغباش، في 21 من كانون الثاني الماضي، إن “من أهم شروط شراء سوريا للقاح هو التأكد من أنه لا يؤثر على سيادة سوريا”، الأمر الذي يشير إلى أنه من غير المرجح أن تكون حكومة النظام قد ضمنت وصول اللقاح إلى الشمال الشرقي، الذي لا يقع تحت سيطرتها ومن ضمن خططها.

وقالت القوى المسيطرة على معظم شمال غربي سوريا لـ”هيومن رايتس ووتش”، إنها قدمت بدورها عرضًا رسميًا لـ”كوفاكس”، بشأن المناطق الخاضعة لسيطرتها، ولم يعلَن عن هذه الخطط بعد، ومع ذلك، لا يوجد في شمال شرقي سوريا حاليًا أي ترتيب للحصول على اللقاحات بشكل مستقل.

عوائق سابقة تتجدد مع دخول اللقاح

يتطلب إرسال المساعدات عبر الأمم المتحدة الحصول على إذن من الحكومة السورية لكل عملية تسليم ومشروع وقافلة من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة إلى تلك التي تسيطر عليها “الإدارة الذاتية” (في الشمال الشرقي)، وغالبًا تحجب حكومة النظام الإذن أو تؤخره.

كما حظرت بعض الإمدادات الطبية وغيرها من الوصول إلى المناطق غير الخاضعة لسيطرة الحكومة، ومنعت وكالات الأمم المتحدة من تنفيذ مشاريع أساسية في هذه المناطق، كعرقلتها وكالات الأمم المتحدة بإنشاء مراكز اختبار فيروس “كورونا” في شمال شرقي سوريا، كما أن لوجستيات التسليم عبر الخطوط أبطأ بكثير من نقلها عبر الحدود.

ووثقت “هيومن رايتس ووتش” التوزيع التمييزي للمعدات المتعلقة بفيروس “كورونا”، حتى داخل المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، بما في ذلك معدات الحماية الشخصية، وأدوات الاختبار الخاصة بكشف فيروس “كورونا”، وأجهزة التنفس الصناعي.

ولفت التقرير إلى أن تلف شبكة الكهرباء في سوريا يؤدي إلى انخفاض متكرر في الكهرباء، وهو عامل آخر من شأنه أن يضر بتوزيع اللقاح، وعليه سيتعيّن على الجهة التي ستقدم اللقاح وتدعم طرحه، أن تأخذ بعين الاعتبار  تحديد نوع اللقاح المراد تخصيصه والتأكد من توفر المراقبة الخارجية لتوزيعه.

قلق لدى وكالات الإغاثة

وتحدثت “هيومن رايتس ووتش” إلى أربعة موظفين في وكالات الإغاثة، وأعربوا عن قلقهم بشأن عدم الوضوح فيما إذا كان شمال شرقي سوريا قادرًا على الحصول على اللقاحات، وتخوفوا من عدم تضمين حكومة النظام هذه المناطق في برنامج “كوفاكس” الدولي، وقالوا إن الوسيلة الوحيدة لضمان تأمين اللقاحات للمنطقة، هي من خلال تطبيق اتفاق “كوفاكس” لمن تُركوا خارج الخطط الحكومية.

وبناء عليه، يمكن للمنظمات الإنسانية أو منظمات المجتمع المدني أو وكالات الأمم المتحدة طلب جرعات إضافية من اللقاح، ومن المتوقع أن تكون النسبة بمقدار 5% من النسبة المقدمة عالميًا، ما يعني أن المخزون المؤقت قد يصل إلى 100 مليون جرعة بحلول نهاية عام 2021.

وسيستخدم “كوفاكس” نظرة عامة على الاحتياجات الإنسانية العالمية والمبادئ التوجيهية والبيانات المشتركة بين الوكالات لتحديد السكان المستهدفين.

وقالت “هيومن رايتس ووتش”، إن المنظمات غير التابعة للأمم المتحدة يجب أن يكون لها حق الوصول إلى هذا الحاجز الإنساني، بالنظر إلى أن الأمم المتحدة لا يمكنها العمل إلا في شمال شرقي سوريا في ظل القيود الجسيمة التي تفرضها الحكومة.

وطالبت المنظمة حكومة النظام بضمان التوزيع العادل للقاحات داخل المناطق السورية التي تسيطر عليها الحكومة، بناء على الاحتياجات ونقاط الضعف، والتركيز على دور الوكالات الإنسانية في مراقبة الإمدادات المقدمة بشكل مستقل، وتخصيصها بما يتماشى مع التزام منظمة الصحة العالمية و”كوفاكس” بالتوزيع العادل.

ماذا عن الواقع الصحي؟

هرب 70% من العاملين الصحيين من مناطق النزاع في سوريا، وتعرض أكثر من 50% من البنية التحتية الصحية للضرر أو الدمار، بسبب ما يقرب من 600 هجوم على المرافق الطبية من قبل التحالف العسكري السوري- الروسي في المقام الأول، كما أن ضعف قدرات النقل وأزمة الوقود قد زادا من تعقيد إمكانية شراء وتوزيع الإمدادات.

ويتطلب القانون الإنساني الدولي من جميع الأطراف في أي نزاع مسلح السماح بدخول المساعدات المحايدة للمدنيين، وتسهيل المرور السريع دون عوائق.

وطالبت “هيومن رايتس ووتش” كلًا من منظمة الصحة العالمية و”يونيسف” باستئناف حوارهما المستمر مع حكومة النظام السوري، للضغط من أجل خطة توزيع عادلة داخل مناطق سيطرة النظام والمناطق التي تحتفظ فيها الجماعات الأخرى.

وأعلنت وزارة الصحة السورية عن وجود 12 ألفًا و462 حالة إصابة بفيروس “كورونا” في المناطق التي يسيطر عليها النظام منذ بداية الجائحة حتى 12 من كانون الثاني الماضي، مقارنة بثمانية آلاف و227 حالة إصابة في الشمال الشرقي و20 ألفًا و717 حالة في الشمال الغربي.

ويقدر الأطباء ومجموعات الإغاثة أن الأرقام على الأرجح أعلى بكثير، بسبب قدرات الاختبار المحدودة والتقارير المشكوك فيها، ولا سيما في شمال شرقي سوريا.

مقالات متعلقة

صحة وتغذية

المزيد من صحة وتغذية