عبر معرفات غير رسمية على الإنترنت، تنتشر الأخبار المتعلقة بأسعار المحروقات في الشمال السوري بشكل شبه يومي، مرفقة بأسباب الارتفاع والانخفاض عند حدوث أي تغيير عليها.
وانخفضت أسعار المحروقات في الشمال السوري للمرة الثانية خلال الأسبوع الماضي، بعد ارتفاعها منتصف كانون الثاني الماضي، بينما لم تنشر شركات المحروقات العاملة في المنطقة الأسعار بشكل رسمي.
وبحسب قناة “أسعار المحروقات في إدلب” عبر “تلجرام”، بلغ سعر البنزين المستورد، الأحد 7 من شباط، 4.66 ليرة تركية، والمازوت المستورد 4.85، والمازوت المكرر أول 3.68، والمازوت مكرر ثانٍ 3.53، وسعر جرة الغاز 75 ليرة تركية.
وكان أدنى سعر لليتر المازوت المستورد 4.82 ليرة بداية العام، ليبلغ سعره، في 15 من كانون الثاني الماضي، 4.93 ليرة تركية، وهو أعلى سعر يصل إليه منذ حزيران 2020، عند بدء التعامل بالليرة التركية.
كما ارتفع سعر ليتر المازوت المكرر أول من 3.77 ليرة إلى 3.82، والمازوت المكرر ثانٍ من 3.62 إلى 3.68 ليرة تركية.
أما سعر جرة الغاز فبلغ أدنى مستوياته نهاية عام 2020، بسعر 71 ليرة للجرة، وعاود الارتفاع حتى وصل إلى 78 ليرة تركية.
وتشهد أسعار المحروقات عدم استقرار وتقلبًا مستمرًا، ما يؤثر على الحركة التجارية والأعمال المختلفة والحياة المعيشية اليومية لسكان المنطقة، وذلك لارتباطها بتحديد أجور النقل والمواصلات، وتكلفة الإنتاج، وتحديد الكميات التي ستستهلك للتدفئة وفقًا لدخل السكان.
خسارات مالية
محمد الحسين يدير معملًا لتصنيع “بلوك” البناء في مدينة إدلب، تحدث لعنب بلدي عن التأثير السلبي لتقلبات أسعار المحروقات في الشمال السوري على عمله.
ويعمل لدى محمد 15 موظفًا، من المفترض أن ينتجوا بشكل يومي من 2000 إلى 3000 قطعة “بلوك”، لأن معدل السحب اليومي يتراوح بين 1500 و3000 قطعة، ويصل أحيانًا إلى 4000 قطعة، حسب الطلب.
ويتعرض محمد في بعض الأحيان إلى خسارات مالية “كبيرة”، بسبب عدم استقرار الأسعار، بحسب ما قاله، إذ يتفق مع متعهد بناء، على سبيل المثال، على عدد معيّن من قطع “البلوك”، الذي يدفع بدوره سلفة مقدمة من قيمة الطلبية المحدد سعرها وفق أسعار المحروقات في وقت تنظيم الطلب.
لكن ارتفاع الأسعار يتسبب بخسارة محمد قيمة المربح المالي المحدد من سعر الطلبية، وقد يضطر أحيانًا لدفع تكاليف إضافية لتغطية مصاريف الإنتاج المتعلقة بأسعار المحروقات، ولا يمكنه مراجعة تحديد السعر مع الزبون عند تغير الأسعار، لتوقيعه عقدًا يتضمن الكمية المطلوب إنتاجها وسعرًا محددًا لها.
وكأحد الحلول لتجنب الارتفاعات المتكررة في سعر المحروقات، فكر محمد في تخزين المحروقات وقت انخفاض الأسعار، لكن معمله يتطلب كميات كبيرة منها، وبالتالي رأس مال كبير للتخزين، وهي تكلفة لا يمكنه تحملها.
ويتأثر عمل محمد الأحمد، وهو مالك محل ألبسة في مدينة الدانا شمالي إدلب، بتقلبات أسعار المحروقات في المنطقة، إذ يضطر لإغلاق محله الساعة الرابعة عصرًا تقريبًا في الشتاء، لغياب الضوء مع وقت غروب الشمس.
ولا يمتلك محمد قدرة على شراء مولدة كهرباء، أو الدخول في اشتراك شهري لإمداد محله بالكهرباء، إذ يدفع شهريًا 100 دولار أمريكي كإيجار ومصاريف لمحله، ولا يمكنه دفع 20 ليرة تركية يوميًا لتأمين المازوت، لأن ذلك سيؤدي إلى الخسارة وإغلاق المحل، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
وإلى جانب ارتفاع أسعارها، يبتعد محمد عن شراء المحروقات للتدفئة في المنزل، لأنها “خطرة، والمحروقات الأوروبية تكون خليطًا من الغاز والكاز”، ما قد يتسبب بإحراق المنزل.
عدم استقرار.. ما الأسباب؟
أكد مدير شركة “كاف” للمحروقات العاملة في الشمال السوري، محمد كيالي، تخفيض أسعار المحروقات في المنطقة، بسبب تحسن سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي.
وأرجع كيالي عدم استقرار الأسعار إلى “التخبط” في أسعار النفط الخام عالميًا، ومن ثم تغير أسعار صرف الليرة التركية مقابل الدولار، كون المحروقات تباع بالليرة التركية في المنطقة الشمالية الغربية من سوريا.
وقال لعنب بلدي، إن أسعار المحروقات تُحدد وفق تغير أسعار شرائها وتغير سعر الصرف.
بدأت قيمة الليرة التركية بالارتفاع أمام الدولار، منذ بداية شباط الحالي، وسجلت أمس، الأحد، 7.05 مقابل الدولار الواحد، بحسب موقع “Doviz” التركي المختص بأسعار صرف العملات الأجنبية.
وتُسعّر المحروقات في إدلب بإشراف وزارة الاقتصاد التابعة لحكومة “الإنقاذ” العاملة في المدنية وأجزاء من ريف حلب الغربي، بحسب مسؤول العلاقات العامة في الوزارة، محمد زكريا دعبول.
وقال دعبول لعنب بلدي، إن سياسة الوزارة في قطاع المحروقات هي تأمين المحروقات للفعاليات الاقتصادية والصناعية بسعر منخفض وجودة مقبولة، وضبط جودة المشتقات النفطية في الأسواق، عبر فرق الرقابة التموينية لمنع حالات الغش ورفع الأسعار من قبل بعض الكازيات.
كما تشمل سياسة الوزارة تأمين مخزون كافٍ من المحروقات للفعاليات الخدمية والأفران والمستشفيات، في حال انقطاع المحروقات لأي سبب كان.
وأضاف أن أي ارتفاع أو انخفاض نسبي لسعر صرف الليرة التركية أمام الدولار، وأي تغيير في السعر من قبل الشركة الموردة، فيما يتعلق بالمشتقات النفطية الأوروبية، سيعدل الأسعار لدى الوزارة.
أما المازوت المفلتر فسعره يخضع لتذبذبات السوق في مناطق الشرق والشمال السوري، وتغير سعر المشتقات النفطية الأوروبية.
ويعاني سكان المنطقة الشمالية الغربية في سوريا من أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة للعديد من الأسباب، أبرزها قلة الدخول المالية وندرة فرص العمل، وتفشي جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).
أسهم في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في مدينة إدلب يوسف غريبي.
–