“الكونت دي مونت كريستو”.. الانتقام على نار هادئة
تقدم رواية “الكونت دي مونت كريستو”، لكاتبها الفرنسي ألكسندر توماس، وصفة طويلة الأمد للانتقام الذي يصوره في البداية باعتباره إحقاقًا للعدالة.
الكاتب الذي يحمل لقب ألكسندر الكبير كتمييز له عن ابنه الذي يحمل الاسم نفسه، كان من الكتّاب المنتجين بغزارة، وقدّم هذه الرواية لتكون واجهة أعماله الأدبية.
والقضية أن شابًا في مقتبل العمر يتعرض لمكيدة تفقده سنوات طويلة من حياته دون أي دور منه، فالمكيدة حيكت في الخفاء، وطُبخت على نار الحسد من قبل منافسه في العمل بصحبة اثنين آخرين.
“أدمون دانتس”، البطل الضحية في الرواية، يعمل مساعدًا في سفينة تُدعى “فرعون”، لقبطان سرعان ما يموت، بعد أن يوكل مهمة قيادة السفينة للشاب النشيط، لكن حسد “دانجلر”، وهو زميل “دانتس” في العمل ويتحرك بدافع الغيرة للتخلص من الشاب المسكين.
ويعينه في ذلك أن لـ”دانتس” أكثر من طرف يود التخلص منه، وأبرزهم “فرناند” ابن عم “مرسيدس” وهي حبيبة “دانتس” التي تتحضر للزواج منه، لكن غيرة ابن العم تعترض الطريق، فيجد فيه “دانجلر” بيئة خصبة وأداة طيعة لتنفيذ مخططاته بحق الشاب.
ويضاف إلى هؤلاء “كادروس” الذي يستهجن القصة، ولكنه لا يسهم في حلّها رغم أنها أوصلت “دانتس” إلى نهاية شبه مؤكدة في سجون محصنة بالارتفاع والبحر.
ويتقدم “فرناند” إلى السلطات بتقرير كتبه “دانجلر”، فحواه أن “دانتس” يتعامل مع أطراف وجهات معادية للسلطة، وإثر هذا التقرير الظالم يودع الشاب في السجن دون مؤنس لوحدة أو مبدد لهمّ، حتى يلتقي بطريقة ما بسجين عتيق يُدعى “الراهب فاريا”، الذي يستطيع بناء على معطيات ما جرى ورواه “دانتس” تفسير وشرح القضية، وتبسيطها وتحديد المستفيدين من زج “دانتس” في سجن لا خروج منه.
لكن شيئًا ما قدريًا لا يتكرر كثيرًا حتى في الأدب، يحمل الشاب إلى الحرية مجددًا مشحونًا بثروة طائلة تركها “فاريا” قبل موته لرفيق سجنه، وبحقد يمشي على قدمين، لا سيما بعد تخلصه على يد الراهب الراحل من سذاجة الصبا، وأوهام البراءة التي يراها في وجوه الناس، وتلقينه الكثير من علوم الحياة، وأساليب التعامل معها.
وبعد اجتماع المال والدهاء، يبدأ “دانتس” دونما استعجال يوميات انتقامه ممن رموه في قاع سجن بارد والتفتوا ليعيشوا حياتهم، وكأن شيئًا لم يكن.
ينجح الشاب بتنفيذ خططه الانتقامية دون أن يعترض طريقه أي حذر من الذين ستحصدهم هذه الخطط، فالكل يعتقد أنه مات في السجن.
تحمل الرواية ثقافة منقطعة النظير، تعكس قدرة الكاتب على تقديم موضوعه بأسلوب متكامل، فهناك فصل كامل من هذا النص الأدبي الذي جرت أحداثه في القرن الـ19، يتحدث عن الكيمياء والسموم.
وينهي توماس روايته بشكل غير متوقع، تاركًا للقارئ ما يفكر به بعد طي الصفحة الأخيرة من الرواية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :