كيف تتحكم الإشاعات بسعر الصرف بعد طرح ورقة الـ5000 ليرة

  • 2021/01/31
  • 9:05 ص

تعبيرية (تعديل عنب بلدي)

عنب بلدي – زينب مصري

تراجعت قيمة الليرة السورية مجددًا أمام الدولار الأمريكي متجاوزة حاجز 3000 ليرة للدولار الواحد، بعد أيام من طرح مصرف سوريا المركزي ورقة نقدية جديدة من فئة 5000 ليرة سورية للتداول في الأسواق.

وسجل سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق السوداء 3020 ليرة سورية للمبيع، و2990 للشراء، في 28 من كانون الثاني الحالي، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار الليرة السورية والعملات الأجنبية، بينما بقي سعر الصرف الرسمي مستقرًا عند حاجز 1256 ليرة، بحسب بيانات مصرف سوريا المركزي.

وشهدت أسعار الصرف خلال الشهرين الماضيين تقلبات بين سعري 2740 و2950 ليرة سورية للدولار الواحد قبل أن تتجاوز حاجز الـ3000 ليرة للمرة الثانية، بعد أن كانت الليرة السورية سجلت انحفاضًا قياسيًا في تاريخها، وبلغ الدولار 3175 ليرة سورية، في 8 من حزيران 2020.

نفي الإشاعات

بُعيد إعلان طرح الورقة الجديدة، في 24 من كانون الثاني الحالي، شاعت أنباء عن نية النظام السوري طرح ورقة جديدة من فئة عشرة آلاف ليرة سورية، وربط محللون اقتصاديون عملية طرحها بانخفاض قيمة الليرة السورية وارتفاع معدلات التضخم وبالتالي ارتفاع الأسعار، ما سبب جمودًا في بعض الأسواق المحلية بعدد من المناطق.

لكن مسؤولي النظام أكدوا من خلال تصريحاتهم أن الطرح لن يؤئر على معدلات التضخم، وذلك لأن النظام السوري لم يلجأ إلى التمويل بالعجز، وإنما طرح الورقة النقدية الجديدة سيجري مع استبدال العملة المتداولة المهترئة، دون زيادة بالمعروض النقدي.

وكان مدير الخزينة في مصرف سوريا المركزي، إياد بلال، قال في تصريح لإذاعة “شام إف إم” المحلية، في 24 من كانون الثاني الحالي، إنه سيجري العمل على سحب الأوراق النقدية التالفة من التداول، وإن كمية الأوراق النقدية من الفئة الجديدة تساوي كمية الفئات النقدية التالفة التي ستسحب من التداول، ولن يكون هناك عرض نقدي أكبر من العرض النقدي الحالي.

واعتبر أن “كل ما يشاع عن مخاوف حول انهيار العملة غير صحيح”، وطرح الفئة الجديدة يحقق الوفر للاقتصاد الوطني من خلال توفير تكاليف الطباعة للأوراق النقدية، إضافة إلى تسهيل التداول بين المواطنين وسهولة التخزين، بحسب تعبيره.

المحلل الاقتصادي جلال بكار قال لعنب بلدي، إن الاقتصاد السوري أو العملة السورية بشكل عام أصبحت لا تملك الأصول التي تعبر عن قيمتها الحقيقية، وحتى تداولها اليوم في الداخل السوري وتحديد قيمتها “غير منطقي”.

وأضاف أن العملات الورقية في الوقت الحالي بشكل عام مثل الدولار أو اليورو في انخفاض، وذلك لأن الاقتصادات متجهة إلى العملة الرقمية، وهذا سيضعف الاقتصادات التي لا تحتوي على أصول حقيقية، مثل الاقتصاد السوري أو السوداني، على سبيل المثال.

وأشار المحلل إلى أن حال الاقتصاد السوري لا تعكس حقيقة أن هناك اقتصادًا حقيقيًا في البلاد، إذ لا يتجاوز متوسط ميزانية المصرف المركزي السوري 14 مليار دولار أمريكي بشكل عام.

ما دور العامل النفسي؟

تؤثر عوامل عدة على سعر الصرف، منها العامل النفسي في تعاملات سوق الأوراق المالية، والاضطرابات والحروب والإشاعات والأخبار، إلى جانب كمية النقود المعروضة، والموازنة العامة، وميزان المدفوعات، والتضخم والتغيرات في سعر الفائدة.

وتعتبر الإشاعات والأخبار من المؤثرات السريعة على سعر الصرف بغض النظر عن درجة صحتها، إذ إنها تعمل على رفع أو خفض قيمة العملة لمدة قصيرة ثم ما تلبث أن تعود قيمة العملة إلى وضعها الطبيعي بعد زوال أثر الإشاعة أو الخبر.

وتعتمد سرعة تأثر سعر الصرف بتلك الإشاعات على مدى تجارب قوى السوق تبعًا لاستجابات المتعاملين فيه.

كما يعتبر العامل النفسي داخل سوق الأوراق المالية من العوامل المهمة التي تؤثر في سعر الصرف، فإذا حدث انخفاض لأسعار الأسهم في أحد الأسواق، وتخوف المستثمرون الأجانب من وقوع خسائر في استثماراتهم، وإذا استمر تدهور أسعار الأسهم، فسيخرجون من السوق، حيث يحولون ما لديهم من عملة وطنية إلى عملات قابلة للتحويل.

لكن المحلل الاقتصادي جلال بكار اعتبر أن تأثير العامل النفسي لا ينطبق على حالة الاقتصاد السوري لغياب المستثمر “الحقيقي”، لأنه “اقتصاد ميليشيات” أو مستفيدين من النظام أو من أزمات النظام نفسه، وذلك لأن غير المستفيدين لا يمكنهم مواصلة الاستثمار في سوريا.

وقال إن قيمة الدولار تتراوح بين الارتفاع والهبوط، وبالتالي تؤثر على العملات الضعيفة مثل الليرة السورية، وذلك لتحكم التوترات السياسية الأخيرة في الولايات المتحدة الأمريكية بتأثير سعر الدولار على العملات حول العالم بشكل كامل.

وأشار إلى أن العملات الضعيفة غير المدعومة من المصارف المركزية، التي لا تمتلك سياسات نقدية تؤثر بها بشكل مباشر، ستتضرر، وهذا ما يحصل مع الليرة السورية.

ولفت الخبير والباحث الاقتصادي في الشؤون المالية والمصرفية سامر أبو عمار، في حديث إلى إذاعة “ميلودي إف إم”، في 23 من كانون الثاني الحالي، إلى ضرورة سحب الفئات النقدية الدنيا القديمة غير الكفء من التداول، وطرح فئات بقيمة عليا استنادًا إلى قيمة ما جرى سحبه، لأن أي طرح لفئة نقدية جديدة دون ذلك يعتبر “تمويلًا بالعجز” وسيزيد التضخم.

وعن إمكانية وجود أثر لسحب فئات وطرح فئات أعلى وحتى لو كان أثرًا نفسيًا، قال الباحث، إن العامل النفسي مهم جدًا لكنه لا يستمر إلا لفترة قصيرة، “طالما هناك شيء محكم على أرض الواقع فلن يؤثر العامل النفسي بشكل دائم”، وهذا يعني أنه من الممكن أن تنخفض قيمة الليرة السورية مؤقتًا بسبب عوامل نفسية، ثم تستقر من جديد.

وأكد الباحث أن موضوع سحب عملة من السوق، أي سحب عملة وإدخال ما يعادل نفس القيمة، لا يؤثر على سعر الصرف، لأن سعر الصرف هو المعادل لقيمة العملة مقابل العملات الأخرى، وسعر الصرف له علاقة بحجم الإنتاج والميزان التجاري وميزان المدفوعات.

ورقة نقدية جديدة

وطرح مصرف سوريا المركزي أوراقًا نقدية جديدة من فئة خمسة آلاف ليرة سورية للتداول في الأسواق، اعتبارًا من 24 من كانون الثاني الحالي، بعد أن دار الحديث عن طرح الورقة على مدار السنوات الثلاث الماضية، عقب مشروع قانون في مجلس الشعب، في أيار 2018، ينص على تعديل المادة “16” من قانون المصرف المركزي، بحيث يسمح له بإصدار الأوراق النقدية من فئة الليرة وحتى خمسة آلاف ليرة.

وبحسب بيان نشره المصرف عبر صفحته في “فيس بوك”، طبع المصرف منذ عامين أوراقًا نقدية من فئة خمسة آلاف ليرة سورية، لتلبية توقعات احتياجات التداول الفعلية من الأوراق النقدية.

وعزا المصرف خطوة الطباعة إلى تسهيل المعاملات النقدية، وتخفيض تكاليفها وإسهامها بمواجهة آثار التضخم التي حدثت خلال السنوات الماضية، إضافة إلى التخفيض من كثافة التعامل بالأوراق النقدية بسبب ارتفاع الأسعار، والتخلص التدريجي من الأوراق النقدية التالفة، لا سيما أن الاهتراء قد تزايد خلال الآونة الأخيرة.

ولا تحمل العملة الجديدة صورة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، على خلاف عملة 2000 ليرة التي طُرحت في 2017. كما كانت فئة 1000 ليرة تحمل صورة الرئيس السابق، حافظ الأسد.

وكان المصرف طبع أوراقًا نقدية من فئة 2000 ليرة في عام 2015، ووُضعت في التداول في النصف الثاني من عام 2017، عندما لمس المصرف حاجة السوق إلى هذه الفئة، انطلاقًا من دوره بمتابعة السوق وتأمين احتياجاته من جميع فئات الأوراق النقدية، بحسب بيان له آنذاك.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية