انتقدت الأمم المتحدة بشدة صانعي السياسات في الاتحاد الأوروبي لاختيارهم سياسات تقشفية، بدل العمل على إخراج ملايين الأوروبيين من حالة الفقر التي يعانونها نتيجة الأزمة الاقتصادية الناجمة عن انتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).
وقال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان، أوليفييه دي شوتر، في تقرير أصدرته المنظمة، الجمعة 29 من كانون الثاني، إن “سياسات الاتحاد الأوروبي اختارت اللجوء إلى فرض التقشف وموازنات متزنة بدلًا من إخراج عشرات الملايين من الأوروبيين من الوضع الاقتصادي المزري الذي يواجههم”.
وأشار دي شوتر إلى أن مؤسسات الاتحاد الأوروبي، المتمثلة بالمفوضية الأوروبية، والبنك المركزي الأوروبي، ومجلس الوزراء، يجب أن تستخدم الأزمة الحالية الناجمة عن تفشي فيروس “كورونا” لتغيير نفسها ومحاربة الفقر، داعيًا صانعي السياسات إلى ضمان استفادة المواطنين الأوروبيين من المساعدات الاجتماعية، وبخاصة الذين سقطوا في براثن الفقر.
ولغرض إجراء تقييمه، قابل دي شوتر عشرات مسؤولي الاتحاد الأوروبي، إلى جانب لقائه أشخاصًا متضررين من الفقر، منهم مهاجرون وأطفال وذوو إعاقة، على مدار شهرين.
وقال في هذا الصدد، “لقد تحدثت مع أشخاص عانوا من الجوع لأول مرة، وهم بلا مأوى، وتعرضوا لسوء المعاملة والإيذاء بسبب الفقر”.
وبحسب التقرير، فإن واحدًا من كل خمسة أشخاص يعيشون في الاتحاد الأوروبي يعانون من الفقر، وهو ما يزيد على 21% من السكان، ويقارب 92 مليون شخص.
كما لفت إلى أن حوالي 19 مليون طفل داخل الاتحاد يعانون من الفقر، وتبلغ نسبتهم 23% من الأطفال.
وحثّ المسؤول الأممي دول الاتحاد الأوروبي على تنفيذ ما يسمى بـ”الركيزة الأوروبية للحقوق الاجتماعية”، التي يجب أن تتضمن “ضمانات دخل أدنى وأهدافًا ملزمة وقانونًا للقضاء على الفقر”.
وقال، “إذا كانت أوروبا تريد أن تقود الطريق نحو مجتمعات شاملة، فإنها تحتاج إلى استراتيجية جريئة لمكافحة الفقر على مستوى الاتحاد الأوروبي تلتزم بالحد منه بنسبة 50% بالتساوي عبر الدول الأعضاء بحلول عام 2030”.
تعافي الفقراء يحتاج إلى عقد
وكانت منظمة “أوكسفام” حذرت من أن جائحة فيروس “كورونا” فاقمت انعدام المساواة الاقتصادية في العالم، موضحة أن تعافي الفقراء من الضرر المادي نتيجة الفيروس يتطلب أكثر من عقد من الزمن.
وقالت “أوكسفام” في تقرير نشرته، في 25 من كانون الثاني الحالي، “هذه المرة الأولى منذ بدء وضع الإحصائيات والسجلات، التي يرتفع فيها انعدام المساواة في كل بلد تقريبًا وبالتوقيت نفسه، في ظل الجائحة”.
وأضافت، “الألف شخص الأكثر ثراء على الكوكب عوضوا خسائرهم من (كورونا) في تسعة أشهر، لكن الأمر قد يستغرق أكثر من عقد حتى يتعافى الأكثر فقرًا في العالم”.
وترى المنظمة أنه لو فُرضت ضريبة مؤقتة على فائض الأرباح التي حققتها 32 شركة عالمية بفترة الجائحة، لأسهمت في جمع 104 مليارات دولار في عام 2020، موضحة أنه مبلغ كافٍ لتأمين إعانات بطالة لجميع العمال في البلدان النامية، وكذلك للدعم المالي للأطفال وكبار السن.
كما لفتت المنظمة إلى أن تحقيق اقتصادات أكثر إنصافًا سيؤدي إلى تعافٍ اقتصادي سريع.
–