عاد وفد النظام في الجلسة الثانية من أول أيام محادثات الجولة الخامسة في اللجنة الدستورية إلى إضاعة الوقت وتمييع مجريات الجلسة، بمحاولات حصر الشرعية بالنظام السوري وحده، واستحضار نقاشات اتفاقيات قديمة من بينها اتفاقية “أضنة” مع تركيا.
النظام للتركيز على السيادة
وقال عضو في اللجنة الدستورية (تحفظ على نشر اسمه) لعنب بلدي، الاثنين 25 من كانون الثاني، إن وفد النظام عاد إلى الصوت العالي وأسلوب “التشبيح”، إضافة إلى التمييع وتضييع الوقت.
وبحسب عضو اللجنة، من الواضح أن وفد النظام لم يجهز نفسه للمحادثات، وجاء لتمضية الوقت فقط، إذ يحاول خلق المشاكل والتعطيل، عبر استفزاز وفد المعارضة لدفعه للرد.
وجاء في ملخص للجلسة الثانية أعده أحد أعضاء اللجنة، ووصلت إلى عنب بلدي نسخة منه، أن أعضاء وفد النظام استمروا بتقديم مداخلات تحدد ماهية السيادة وأركانها الداخلية.
وتتعلق ماهية السيادة وأركانها، بحسب مداخلات وفد النظام، ببسط السلطة على كامل الأرض السورية، واحتكار استعمال العنف وبسط الأنظمة واستثمار موارد الدولة الداخلية، وإدارة انتخاباتها، وإدارة أركان الدولة الخارجية المتعلقة بحماية حدودها، وإدارة سياستها الخارجية وتوقيع الاتفاقيات.
وجرت نقاشات من الوفد حول اتفاقية “أضنة”، وهل هي معاهدة دولية أم اتفاق أمني؟ علني أم سري؟ والفرق القانوني بين المعاهدات والاتفاقيات.
ما اتفاقية “أضنة”
ويعود توقيع اتفاقية “أضنة” بين سوريا وتركيا إلى عام 1998، عندما توترت العلاقة بينهما على خلفية دعم النظام السوري ورئيسه حينها، حافظ الأسد، زعيم حزب “العمال الكردستاني”، عبد الله أوجلان.
ونصت الاتفاقية على أربعة بنود، الأول تعاون البلدين في مكافحة الإرهاب عبر الحدود، وإنهاء دمشق جميع أشكال دعمها لحزب “العمال”، وإخراج زعيمه أوجلان وإغلاق معسكراته في سوريا ولبنان، ومنع تسلل مقاتليه إلى تركيا.
البند الثاني نص على احتفاظ تركيا بحقها في الدفاع عن نفسها، والمطالبة بتعويض عن الخسائر في الأرواح والممتلكات في حال لم توقف دمشق دعمها فورًا للحزب.
البند الثالث أعطى تركيا الحق في ملاحقة من تصفهم بـ”الإرهابيين” داخل الأراضي السورية بعمق خمسة كيلومترات، إذا تعرض أمنها القومي للخطر، ولم يستطع النظام مكافحة عمليات الحزب.
أما البند الرابع، الذي سبّب تخلي سوريا عن لواء إسكندرون، فنص على اعتبار الخلافات الحدودية بين البلدين منتهية منذ توقيع الاتفاقية وعدم مطالبة الطرفين بأراضي الطرف الآخر.
وعادت تركيا إلى اتفاقية “أضنة”، لتبرير عملياتها العسكرية داخل الأراضي السورية منذ عام 2018، إذ تنتشر اليوم في محافظات على حدودها هي إدلب وحلب والرقة والحسكة.
المعارضة لسيادة القانون والمواطنة
وقدم وفد المعارضة مداخلات في موضوعات متعددة، منها سيادة القانون والمواطنة المتساوية وحقوق النساء.
وطرح وفد المجتمع المدني المحسوب على النظام مشابه لطرح وفده، بينما تحدث القسم المحسوب على المعارضة عن المبادئ الدستورية، وإطلاق سراح المعتقلين والمخطوفين والكشف عن مصير المغيبين، والعدالة الانتقالية، وحق عودة اللاجئين ورجوعهم إلى مساكنهم واسترداد ممتلكاتهم وجبر الضرر.
وتتضمن المهمة الأساسية للجنة الدستورية المكونة من ثلاثة وفود (المعارضة والنظام والمجتمع المدني)، تحديد آلية وضع دستور جديد لسوريا، وفق قرار الأمم المتحدة “2245”، القاضي بتشكيل هيئة حكم انتقالية، وتنظيم انتخابات جديدة.
موقف النظام
وكان الأسد قال في مقابلة مع قناة “زييفردا” التابعة لوزارة الدفاع الروسية، بداية تشرين الأول 2020، إن تركيا والدول الداعمة لها، بما فيها الولايات المتحدة وحلفاؤها، غير مهتمة بعمل اللجنة الدستورية بصورة بناءة، ومطالبها تهدف إلى إضعاف الدولة السورية وتجزئتها، وإنه يرفض التفاوض حول قضايا تخص استقرار سوريا وأمنها.
ووصف الأسد محادثات اللجنة في جنيف بأنها “لعبة سياسية”، وأنها ليس ما يركز عليه عموم السوريين، في لقائه مع وكالة “سبوتنيك” الروسية، في 8 من تشرين الأول 2020.
فالشعب السوري، برأي الأسد، لا يفكر بالدستور، ولا أحد منه يتحدث عنه، واهتمامات الشعب السوري تتعلق بالإصلاحات التي ينبغي تنفيذها، والسياسات التي يحتاج إلى تغييرها لضمان تلبية احتياجات الشعب السوري.
وسبق هذا الموقف آخر مماثل حين قال رئيس النظام السوري، إنه “لن يكون سوى في أحلامهم”، لإيصال رسالة إلى معارضيه برفضه أي عملية سياسية مستقبلًا، وذلك في كلمة له أمام مجلس الشعب في “القصر الجمهوري”، قبل أيام من اجتماعات اللجنة الدستورية بجنيف، في 24 من آب 2020.
وجاء حديث الأسد حينها كرفض لأي خطوة أو حل سياسي مستقبلي في سوريا، لا يكون طرفًا فيه أو لا يتوافق مع وجهة نظره ويحافظ على نظامه.
–