لماذا داريا؟!! وهل يمكن أن تصبح منطلق الجيش الحر نحو دمشق؟
عنب بلدي – العدد 40 – الأحد 25 تشرين الثاني 2012
منذ أسبوعين دخلت قوات النظام مدينة داريا من جهتها الشرقية وعاثت فيها فسادًا. قتلت مايزيد عن عشرين شخصًا، وحرقت عشرات المزارع والبيوت، ونهبت أملاكًا بمئات الملايين السورية. والأبشع من ذلك كله، هو تمركز حاجزين أمنيين عند الدوار الرئيسي ودوار الفرن. حيث شلّ النظام بواسطتهما حركة المدينة تمامًا، وفصل غربها عن
شرقها، وجعل الجبهة المطلّة على مطار المزة العسكري والبساتين الشرقية (المشرفة على دمشق) آمنة بالنسبة له.
بعدها، وبعد الممارسات الفظيعة (من قتلٍ وقنصٍ وقطعٍ للطراقات) من قبل عناصر الحاجزين والقناصة المتمركزين على الأبينة القريبة، قام أبطال الجيش الحر بضربهما ونسفوهما عن بكرة أبيهما، مما اضطر النظام للبدء بمحاصرة داريا ومحاولة اقتحامها. ولأول مرة (بالنسبة لمدينتنا) ترافق حملة النظام البربرية تغطية صاروخية بالراجمات وطائرات الميغ، مما جعل الناس ينزحون من المدينة بشكل شبه كامل.
قرّر شباب الجيش الحر التصدي لقوات النظام وعدم السماح لها بالدخول، فمخططها هو إيقاف الزحف نحو العاصمة وحماية المطار. وسطّروا بذلك صورًا رائعة في الثبات (بأسلحتم الفردية) في مواجهة جيش مجهز بكل شيء. مما استدعى النظام لطلب هدنة لم تنجح إلى الآن، ومطلبها الأساسي عودة الحواجز إلى أماكنها.
كمراقبين؛ نستطيع القول أنّ النظام السوري لايريد تحويل داريا (بماتمتلكه من مساحة واسعة تقدر بخمسٍ وعشرين كيلومترًا مربعًا، وبساتين كثيرة وعدد سكان كبير يتجاوز المائتي ألف، وموقع جغرافي وعسكري مميز وحساس)، نقول أنه لايريد تحويلها لمثال الغوطة الشرقية الخارج عن سيطرته. بمعنى آخر؛ فإن تدمير داريا ونزوح أهلها يجعل منها مكانًا مميّزًا لتمركز قوات الجيش الحر الآتية من كل الريف الغربي وربما من كل المدن السورية. ولتكونَ بذلك نقطة انطلاق تهدّده بشكل مباشر في آخر معاقله الحصينة (دمشق). لهذا فإنه يتحدث عن هدنة بشروطه هو، لكسب الوقت ولعودة الحواجز والنازحين، كي لا يتحقق السيناريو الذي أنهكه تمامًا. فقد جعل بسياسته من الغوطة الشرقية نقطة انطلاق لقوات الجيش الحر لتسيطر على معظم الكتائب العسكرية المتمركزة في ريف دمشق الشرقي.
مع ذلك فإن عقلية النظام المتكبرة لاتسمح له بأن يخلع جلده ويغيّر طريقته في التعامل، فهو يحاول إلى الآن الدخول إلى المدنية من عدة محاور، والوصول للدواريين المذكوريين سابقًا، ويترافق ذلك مع قصف مدفعي وصاروخي عنيف، في مسعى (عاجز) للسيطرة على الأرض.
حتى هذه اللحظة؛ يسطّر أبطال الجيش الحر في كتيبة شهداء داريا وغيرها، ومن يساندهم من أخوتهم في مدينة المعضميّة ومدن أخرى مجاورة، صورًا رائعة في الصمود والثبات، متحدّين بذلك كل أنواع الأسلحة الثقيلة المستعملة ضدهم.
قد ينجح النظام باقتحام المدينة طالما أن الجيش الحر لايملك أسلحة مضادة للدروع (بشكل أساسي). ولكن داريا لن تهدأ بعد اليوم، إلاّ في حال حدثت هدنة تناسب الجيش الحر أساسًا ولو بشكل مرحلي. فمحاولات كسر العظم مستمرة، وسياسة النظام تجرّه نفسه إلى مكانٍ سيكون هو الخاسر فيه.
مايدمي قلوبنا؛ أنّ عملية تدمير المدينة جارية على قدمٍ وساق، وأكثر من مائتي ألف من السكان قد نزحوا، وهم يعانون نقصًا حادًا في الطعام واللباس والمأوى. خرجوا بملابسهم التي يرتدونها، وبما في جيوبهم من نقود. هؤلاء الناس قد لايستطيعون العودة إلى ديارهم حتى تحقيق حلم الشعب السوري في اسقاط النظام المجرم.
فعلًا؛ الشيء الوحيد الذي صدق فيه بشار الأسد ورجاله هو أنهم سيحرقون البلد في حال استمرّ هذا الشعب في ثورته ضدهم. وهاهي داريا تحترق، وقبلها عشرات المدن السورية، لأنها أبت الذِلّة والضيم، الذي يريد هؤلاء السفاحون أن يبقوه قيدًا في معظمها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :