عنب بلدي – خاص
أحرزت فصائل المعارضة في الغوطة الشرقية للعاصمة دمشق، تقدمًا عسكريًا بارزًا لم تعهده طيلة عام مضى، سيطرت خلاله على كامل منطقة تل كردي شرقي دوما، ووصلت إلى تخوم سجن عدرا المركزي، لتدخل بعدها عمق ضاحية الأسد شمال حرستا، في عملية بدأت الأربعاء 9 أيلول، ويقودها جيش الإسلام.
تل كردي خارج حسابات النظام
في اليوم الأول للمعركة، استطاع مقاتلو جيش الإسلام فرض سيطرتهم على عدة نقاط متقدمة في تل كردي، أبرزها مسجد تل كردي ومعامل الحديد، والتقدم باتجاه سجن النساء، وأسفرت المواجهات عن مقتل أكثر من 25 مجندًا من قوات الأسد بينهم ضابطان، بحسب الموقع الرسمي لجيش الإسلام.
المواجهات في تل كردي استمرت في اليوم الذي يليه، الخميس 10 أيلول، وشهدت منطقة تل كردي معارك كر وفر واستنزاف كبير وسط قوات الأسد، التي خسرت مقاتلين وضباطًا خلالها، واستخدم جيش الإسلام السلاح الثقيل (دبابات، عربات شيلكا، مدفعية ثقيلة)، وسط نفي الإعلام الرسمي لجميع الأنباء الواردة من الغوطة.
وأعلن جيش الإسلام، رسميًا، السيطرة الكاملة على منطقة تل كردي شرقي دوما، الجمعة 11 أيلول، الأمر الذي أكده النقيب إسلام علوش، المتحدث الرسمي باسم جيش الإسلام، موضحًا أن الاشتباكات أصبحت على تخوم سجن النساء التابع لسجن عدرا المركزي، وسط سقوط قتلى وجرحى من قوات الأسد.
وغداة سيطرة جيش الإسلام على منطقة تل كردي، التي كانت تحتوي على نحو 10 حواجز تابعة لقوات الأسد، استهدف مقاتلوه ضاحية «الأسد» بالمدفعية الثقيلة وقذائف الهاون، على اعتبار أن التل يطل بشكل كبير على الضاحية التي تؤوي موالين لنظام بشار الأسد، ما أدى إلى حركة نزوح كبيرة لقاطنيها، بحسب ما أكدت صفحات موالية عبر موقع الفيسبوك، تزامنًا مع انقطاع التيار الكهربائي عنها وعن منطقة عدرا بالكامل.
الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام وبالاشتراك مع أحرار الشام وجبهة النصرة، استأنف معارك إدارة المركبات جنوب حرستا، في اليوم ذاته، بحسب ما أكد الحساب الرسمي للاتحاد على موقع تويتر، موضحًا أن مقاتليه استهدفوا رتلًا لقوات الأسد كان متوجهًا إلى تل كردي بقذائف الهاون، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى.
المعارك تصل ضاحية الأسد
ودخل مقاتلو المعارضة الضاحية السكنية شمال حرستا، أو ما يعرف باسم «ضاحية الأسد»، لتدور اشتباكات وحرب شوارع في الجزيرة الرابعة منها، السبت 12 أيلول، وتمكنوا خلالها فرض سيطرتهم على مبنى قيادة الأركان (الاحتياطي) وفرع الأمن العسكري التابع لها.
مواقع وقنوات موالية للنظام نفت، أي تقدم أو خرق عسكري في محيط الضاحية، وبثت قناة العالم الإيرانية تقريرًا مصورًا، أظهر الاشتباكات في محيط الضاحية، مؤكدة على لسان مقاتلين في جيش الأسد، أن الوضع طبيعي ولا وجود لـ «المسلحين» داخلها.
اشتباكات الضاحية، رافقها مواجهات بين الطرفين على أوتستراد دمشق-حمص، بالقرب من كازية رحمة، ليتم قطع الطريق الدولي بشكل كامل منذ السبت، الأمر الذي أكده الإعلام الرسمي، منوهًا إلى أن الطريق الوحيد لعبور المسافرين هو طريق التل-معربا.
وتقع الضاحية على أطراف مدينة حرستا من الجهة الشمالية، وتحتوي أبنية سكنية شيدها النظام السوري قبل نحو عقدين، لتكون مأوى لعوائل ضباط وعناصر الجيش والأمن والموظفين، معظمهم من الطائفة العلوية التي ينتمي لها رئيس النظام.
تكلفة بشرية باهظة في المعارك
صفحات موالية، أقرت خلال الأيام القليلة الماضية بسقوط عشرات القتلى في صفوف قوات الأسد خلال معارك الغوطة الشرقية بينهم ضباط وعناصر، الأمر الذي أكدته فصائل المعارضة المشاركة في العمليات.
وأشار مغردون مقربون من جيش الإسلام، عبر موقع تويتر، إلى سقوط نحو 200 قتيل من قوات الأسد، وأسر 80 آخرين، معززين شهاداتهم بتسجيلات وصور أظهرت عددًا منهم، في ظل تكتم الإعلام الرسمي عن ذكر أعدادهم الحقيقية.
في الجهة المقابلة، نعى جيش الإسلام، الجمعة 11 أيلول، النقيب عبد الرحمن الشامي، أحد أبرز قيادييه، الذي قضى خلال المعارك التي يخوضها الفصيل على أطراف سجن عدرا، وكان عمل سابقًا ناطقًا ومتحدثًا رسميًا باسم الجيش، وكانت له مداخلات وحوارات مع عدد من الفضائيات ووكالات الأنباء والصحف المحلية والعربية، وانتقل إلى العمل الميداني بعد تولي النقيب إسلام علوش وظيفة الناطق الرسمي.
كذلك خسر جيش الإسلام اثنين من إعلامييه الذين رافقوا سير المعارك، السبت، وهما أنس غنيمة ومحمد عبد الكريم داغستاني، إضافة إلى إصابة الناشط والمصور الفوتوغرافي عامر الشامي.
بيان هيئة أركان جيش الإسلام
وأصدرت هيئة أركان جيش الإسلام، الأحد 13 أيلول، بيانًا مصورًا تلاه النقيب إسلام علوش، ذكر خلاله المناطق التي استطاع المقاتلون السيطرة عليها، تحت مسمى عملية «الله غالب».
البيان، الذي نشر عبر موقع الجيش، أكد سيطرة مقاتلي جيش الإسلام على كافة النقاط والحواجز العسكرية في منطقة تل كردي شرقي دوما، وضاحية الأسد شمال حرستا، وهي «قيادة الأركان الاحتياطية والأنفاق المخدمة لها، كتيبة المدفعية، نقطة كازية الأمان بالله، حاجز شركة جاك، نقاط تلة نمر كاملة، حاجز شركة الخرساني، تجمع شركة بيجو وليفان، حاجز شركة قاسيون».
إضافة إلى «قطاع حبق، مباني مؤسسة العمران، مستودعات الإسمنت العسكرية، مكسرة رياض شاليش، مجابل ذو الهمة، وحدة المياه، حاجز شركة جيمس، نقاط كازية رحمة، شركة الكهرباء، الإدارة العامة للبناء، تجمع أبنية الخبراء الروس، فرع الأمن العسكري، كتلة الأشغال العسكرية، حاجز شركة شيري، حاجز السكر، برج العظم بالإضافة لبعض المراصد الهامة»، بحسب البيان.
وأوضح علوش أن العملية أسفرت عن مقتل عدد كبير من قوات الأسد وأسر عشرات آخرين، واغتنام عدد من المجنزرات والآليات العسكرية والأسلحة المتنوعة، منوهًا إلى أن فيلق الرحمن سيدخل اليوم في معارك الغوطة الشرقية ضمن غرفة عمليات جيش الإسلام، مشيرًا إلى أن العمل العسكري الأخير أدى إلى سحب قوات الأسد والميليشيات الداعمة لقواتها من محيط مدينة الزبداني في ريف دمشق الغربي، وداعيًا فصائل المدينة إلى كسر الحصار المفروض عليهم، وأن «يقلبوا طاولة المفاوضات في وجه إيران لأن لغة الحرب أجدى لهم».
تأتي عمليات الغوطة الشرقية في وقت تسعى فيه قوات الأسد وحزب الله اللبناني للسيطرة على مدينة الزبداني غرب دمشق، وتعزيز تواجدها الأمني والعسكري في محيط العاصمة بمساندة من ميليشيات أجنبية ومحلية، ودعم إيراني وروسي عسكري، بحسب تقارير وشهادات نشطاء سوريين.