على الرغم من خروج طلاب وأهالٍ في مدينة القامشلي باحتجاج أمام مكتب الأمم المتحدة (يونيسف)، مطالبين فيه بتدريس المناهج باللغة الكردية، فإن طائفة كبيرة من كرد المنطقة لا يثقون بالمنهاج الكردي، ويفضلون البقاء على منهاج النظام السوري الذي يُدرس باللغة العربية.
إذ طالب عشرات الطلاب وأولياء أمورهم، في مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، في 24 من كانون الثاني الحالي، بالاعتراف بمنهاج “الإدارة الذاتية” التعليمي في منطقتهم، وترجمته إلى اللغة الكردية.
وقالت شبكة “روداو” الكردية، حينها، إن الطلاب تجمعوا أمام مكتب الأمم المتحدة في القامشلي، ورفعوا شعار “لنا الحق في التعليم”، مضيفة أن الأهالي طالبوا بتعليم أبنائهم باللغة الكردية.
ونقلت “روداو” عن رئيس مجلس التعليم في المنطقة، محمد صالح، قوله إنهم يجرون محادثات مكثفة مع “يونيسف” لإقناع النظام السوري في دمشق بالاعتراف بمناهجهم التي تدرس بعدة لغات.
وأشار صالح إلى أنهم يريدون الإبقاء على المواد العلمية التي تعتمدها مدارس النظام، مثل الرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلم الأحياء، “لكن يجب ترجمتها إلى اللغة الكردية وتدريسها”، وفق قوله.
وأضاف أنه يجب على السلطات في القامشلي تحديد المواد التعليمية التاريخية والثقافية، بشرط أن “يكون لها صدى” مع سياسة السلطة المسيطرة (الإدارة الذاتية).
ويدرس طلاب المرحلة الابتدائية في مناطق “الإدارة الذاتية” منهاجًا معدلًا باللغة الكردية، يختلف عن المناهج المدرسة في مدارس المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام السوري.
انتقادات لمناهج اللغة الكردية
في المقابل، فإن الانتقادات أيضًا تطال منهاج “الإدارة الذاتية” التعليمي، إذ انتقد “المجلس الوطني الكردي” (المعارض)، ترويج المنهاج الكردي في المدارس لفكر زعيم حزب “العمال الكردستاني”، عبد الله أوجلان، المسجون لدى تركيا.
مالك العبد من أهالي حي السريان في القامشلي قال لعنب بلدي، “لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن أقبل مناهج (الإدارة الذاتية) غير المعترف بها، فعلى الرغم من وجود مدرسة (تدرس منهاجًا كرديًا) في الحي، أفضل إرسال أطفالي إلى المدرسة التطبيقية بالقرب من المربع الأمني (تدرس منهاج النظام)”، مشيرًا إلى أن مسألة التعليم يجب أن تبقى مستقلة وبعيدة عن السياسة.
بدورها، أوضحت إحدى المدرّسات في مدرسة “حي قناة السويس” (تحفظت على نشر اسمها لأسباب أمنية) لعنب بلدي، أنها تدرس الصف الأول في المدرسة، ولا يوجد في الصف سوى ثمانية تلاميذ، مشيرة إلى أن ذلك يعكس عدم ثقة الأهالي بما تقدمه مناهج “الإدارة الذاتية”.
وأضافت المدرّسة أن منهاج “الإدارة الذاتية” مصيره مجهول، “نحن نعلم أن أغلبية الأهالي في مسألة التعليم يفضلون مناهج النظام على مناهج (الإدارة الذاتية) مجهولة المصير. في المدارس التي يشرف عليها النظام، عدد التلاميذ في الصف الواحد نحو 40، كما يوجد نظام التعليم المسائي لاستيعاب الأعداد الكبيرة من التلاميذ والطلاب”.
استقطاب بالإكراه
أحد العاملين لدى “الإدارة الذاتية”، مقيم في حي قناة السويس (تحفظ على نشر اسمه لأسباب أمنية)، قال لعنب بلدي، إن “الإدارة” تهدد موظفيها بالفصل إذا أرسلوا أبناءهم إلى مدارس النظام السوري، لافتًا إلى أنه نتيجة هذه التهديدات نقل أبناءه إلى مدارس “الإدارة”.
ولا تحظى الشهادات الممنوحة من مدارس “الإدارة الذاتية” باعتراف رسمي، وسط صعوبة الوصول إلى المدارس الحكومية التابعة للنظام التي صارت قليلة ومكتظة.
في سياق توتر
تأتي الدعوات إلى اعتماد منهاج “الإدارة الذاتية” بالقامشلي في سياق توتر مع النظام السوري في حيين بالمدينة، رد عليه النظام بتضييق على أحياء ذات أغلبية كردية في حلب.
بدأ الخلاف، في 2 من كانون الثاني الحالي، بإلقاء شخص، قالت “قسد” إنه تابع لـ”الدفاع الوطني”، قنبلة على دورية للأمن الجنائي، في ساحة العمال بحي فلسطين وسط الحسكة، ما أدى إلى مقتل شاب وإصابة 20 آخرين، كما أُصيب عناصر من الدورية، حسبما ذكرت شبكة “نورث برس” المحلية.
وتحاصر “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) حيي طي وحلكو في مدينة القامشلي التابعة لمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، وهو ما اعتبره النظام ضغطًا عليه لتنفيذ شروط “قسد” بالإفراج عن معتقلين لديه، وفق ما تحدثت به وسائل إعلامية مقربة من الطرفين.
ورد عناصر حواجز “أمن الدولة”، في محيط حيي الشيخ مقصود والأشرفية الخاضعين لسيطرة “الإدارة الذاتية” داخل مدينة حلب، بالتضييق على المدنيين الداخلين والخارجين، ردًا على محاصرة “قسد” الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام في القامشلي، بحسب مراسل عنب بلدي.
وتخضع معظم أحياء مدينة القامشلي لسيطرة “قسد”، باستثناء مركز المدينة الذي يحوي المربع الأمني لقوات النظام وميليشيات “الدفاع الوطني” الرديفة.
ناشطون في القامشلي اتهموا النظام بمحاولة خلق فتنة بين العرب والكرد، ومحاولة زعزعة استقرار المدينة.
–