بعد عام ونصف من النقاشات
أكثر من عشرين وسيلة إعلام محلية يطلقون “ميثاق شرف للإعلاميين السوريين”
عنب بلدي – اسطنبول
اجتمعت هيئة “ميثاق شرف للإعلاميين السوريين” في مدينة اسطنبول التركية، الخميس 10 أيلول، لتعلن إطلاق النسخة رقم ( 1 ) من ميثاق الشرف الصحفي، الذي وقعت عليه نحو 22 مؤسسة ومنظمة إعلامية في سوريا، في مؤتمر صحفي حضره مجموعة من الإعلاميين السوريين، وعدد من المنظمات الإعلامية الدولية، استعرضت خلاله الهيئة قصة الميثاق وأجابت فيه على أسئلة الصحفيين.
وتلا عبسي سميسم، رئيس تحرير جريدة صدى الشام وعضو هيئة الميثاق، بيان الإطلاق، الذي تناول فيه واقع الإعلام السوري والأسباب الداعية لكتابة ميثاق أخلاقي للإعلام السوري، «لما للإعلام من أثر في صناعة الرأي العام للمجتمع، ولدوره في الرقابة والمساءلة، ونشر الحقيقة للجمهور دون تمييز، بمهنية وموضوعية»، معتبرًا أن الحاجة ملحة لوجود ميثاق يلزم الموقعين عليه أخلاقيًا، «إسهامًا في ضبط العملية الإعلامية، المتطورة بشكل مستمر ومتسارع في سوريا، ونظرًا لغياب قوانين جامعة، ناظمة للعمل الإعلامي».
وأوجز سميسم مسيرة إعداد الميثاق، التي استغرقت ما يزيد عن 17 شهرًا عقد خلالها الإعلاميون 8 طاولات تشاورية، ضمت ما يزيد عن 30 مؤسسة إعلامية سورية، وشارك فيها عدد من الخبراء العرب والدوليين.
ويستند الميثاق إلى المبادئ الأخلاقية العامة، المقرّة في المواثيق والإعلانات والعهود العالمية، «وهذه المبادئ، هي، ليس على سبيل الحصر، الدقة والصِحة والمصداقية في المعلومة، والموضوعية والنزاهة، ومراعاة التوازن والإنصاف والتعددية، وإعطاء مكونات المجتمع فرصة التعبير في الوسيلة الناشرة بالرد والتصويب … والتزام استقلالية التغطية الإعلامية، واحترام الحقيقة وحرية التعبير».
ويشمل الميثاق، بحسب البيان، جميع العاملين في الحقل الإعلامي، من أفراد وجماعات وشركات وجمعيات ونوادٍ، والموظفين لدى من ذُكر، من عاملين في إعداد المواد الإعلامية، المكتوبة والمرئية والمسموعة، أو أي شكل آخر من أشكال التعبير عن الرأي، بكل وسائل النشر.
من أعد الميثاق
في سؤال حول كيفية انتقاء مؤسسي الميثاق والموقعين عليه، وأسباب غياب وسائل إعلامية لها جهود واضحة في الساحة الإعلامية المحلية، قال حسين برو، رئيس هيئة الميثاق والناطق الرسمي باسمه، إن الميثاق لا يستثني أحدًا، وقد تم التوافق عليه من قبل مؤسسات إعلامية فاعلة على الأرض السورية، موضحًا «ليس هناك أي أسبقية أو حظوة لمن شارك في التأسيس عمن سيوقع غدًا أو بعد غد»، مؤكدًا أنه لا توجد نية في إقصاء أي من المؤسسات الإعلامية السورية التي توافق على بنود الميثاق وتلتزم به.
من جهته، أشار سميسم إلى أن الإعلان عن الميثاق هو بمثابة دعوة لجميع المؤسسات الإعلامية للتوقيع عليه، وأضاف «من اليوم وحتى إطلاق المؤتمر التأسيسي سنتواصل مع كل المؤسسات الإعلامية ونحاول أن نضم أكبر عدد منها للتوقيع عليه».
وقال سميسم إن الطريقة التي تمت فيها الدعوة إلى الميثاق هي ذاتها التي تم فيها تأسيس العديد من المؤسسات والمنظمات، «يستحيل أن تجمع كل الناس في عمل واحد، وكلما استدعيت عددًا أكبر سيزيد النقاش ويتوسع ولن يتم».
كما أوضح برو أنه وخلال الأعوام الأربعة الماضية صدر ما يزيد عن 280 مطبوعة و300 موقع إلكتروني و14 إذاعة 10 محطات تلفزيونية، «لم يكن القصد أن نستثني أحدًا، ولكن هنا تقع المشكلة، إذا اعتبرنا أن 200 حضروا فقط ليناقشوا فلن نصل إلى شيء على الإطلاق».
وقد حملت النسخة (1) من الميثاق توقيع 22 مؤسسة إعلامية سورية ضمت صحفًا وإذاعات ووكالات ومواقع إخبارية، وهي: آرانيوز (وكالة إخبارية)، آرتا إف إم (راديو)، أنا للإعلام الجديد (راديو؛ وكالة إخبارية)، ألوان إف إم (راديو)، الأيام (موقع إلكتروني)، تمدن (جريدة)، المجموعة الإعلامية السورية (راديو؛ إنتاج تلفزيوني؛ وكالة إخبارية)، رابطة الصحفيين السوريين، روزنا (راديو)، زيتون (جريدة)، زيتون وزيتونة (مجلة أطفال)، سوريتنا (جريدة)، صدى الشام (جريدة)، عنب بلدي (جريدة)، عين المدينة (مجلة)، الكتائب (جريدة)، مركز حلب الإعلامي (وكالة إخبارية)، المركز الصحفي السوري (مركز إعلامي)، نسائم سوريا (راديو)، ياسمين سوريا (مجلة)، مكتب أخبار سوريا (وكالة إخبارية)، سوريالي (راديو).
ماذا عن المواثيق الأخرى
وعن نية هيئة الميثاق الاستفادة من تجارب شبيهة شهدتها الساحة الإعلامية السورية، قالت ميس الزعبي، عضو مجلس إدارة مجموعة أنا الإعلامية، والناطقة باسم الميثاق، إن «كل التجارب مهمة وكانت دروسًا تعلمنا منها»، مؤكدة أن الميثاق لا يطرح نفسه كبديل عن أي ميثاق آخر تم العمل عليه، «على العكس، لا ينجح العمل إلا إذا كنا نعمل سوية لنلتزم بالمعايير التي ضمها الميثاق، نحن منفتحون على كل المقترحات، وإذا دعت الضرورة إلى تطويره فسيكون ذلك».
وأشار جواد شربجي، رئيس تحرير جريدة عنب بلدي وعضو هيئة الميثاق، إلى أن نقاشات الطاولة الأولى، المنعقدة في آذار 2014 في اسطنبول، اعتمدت ضمن أوراقها بعض التجارب السورية المعمول بها ضمن نطاقات محددة، ومن بينها ميثاق رابطة الصحفيين السوريين وميثاق الإذاعات السورية، كما تعرض المشاركون في إعداد النسخة الحالية من الميثاق إلى عدد من المواثيق الدولية والعربية، لاسيما تلك التي أسست بعد الحروب والأزمات المشابهة للحالة السورية، كفلسطين ولبنان والبوسنة وصربيا.
كيف سيطبق الميثاق
أما عن كيفية ترجمة الميثاق على الأرض في ظل وجود عشرات الوسائل الإعلامية الناشئة، فقد كشف برو أن الهيئة تسعى إلى تطوير نظام لاستقبال الشكاوى عبر الموقع الإلكتروني للميثاق وتحويلها إلى الجهة التي ارتكبت الخطأ أولًا، ومن ثم إصدار بيانات تضع أمام الرأي العام الأخطاء التي تقع بها المؤسسات الإعلامية.
وأضاف برو «ارتأينا أن أفضل شكل سنتعامل من خلاله أن نكون منظمة شفافة لمراقبة الميثاق، نصدر تقارير دورية لعينات عشوائية للإعلام السوري القديمة والجديدة»، مؤكدًا «لسنا جهة وصائية، وإنما جهة رقابة وشفافية، ولن نسمح لأنفسنا أن نحاسب أحدًا، وسيقتصر دورنا على كشف مدى التزام المؤسسات الإعلامية بالميثاق للرأي العام، وهي تحاسب نفسها وجمهورها يحاسبها».
وردًا على سؤال وجهه جواد أبو المنى، رئيس تحرير جريدة سوريتنا، عن لجان الشفافية وطريقة عملها وتشكيلها، أشار رئيس هيئة الميثاق إلى أن المسائل الإجرائية سيتم إقرارها في المؤتمر التأسيسي، «لكن بتصوري الشخصي عندما تصل الشكاوى عن أي اختراق للميثاق من قبل المؤسسة، فهناك إجراءات بالتعامل مع الجهة الإعلامية نفسها، ومن ثم إصدار بيان صحفي عبر موقع الميثاق، إضافة إلى تقارير دورية تصدر بالتعاون مع جهة مستقلة لها خبرات في الإعلام، ويتم نشرها على موقع الميثاق الإلكتروني».
هل يشمل الميثاق وسائل إعلام النظام السوري؟
وفي رده حول إمكانية توقيع وسائل إعلام موالية للنظام على الميثاق، قال رئيس هيئة الميثاق «عندما قلنا ميثاق شرف لإعلاميين سوريين، لم نقصد بها الدائرة التي اسمها معارضة سورية، بل كان الهدف أن نضع ضوابط الميثاق بمهنية وأخلاقية، من أحب أن يوقع فأهلًا وسهلًا به».
وأضاف «لا يوجد لدينا أي هدف إقصائي ولا نستثني أيًا كان على الإطلاق، أقول كلامي ولا أخاف من سهام النقد الثوري، لأن ما نقوله في هذا الميثاق لا ينطبق على المؤسسات الإعلامية الموالية للنظام، والتي لن تأتي هي أصلًا للتوقيع».
ورأى رياض معسعس، رئيس رابطة الصحفيين السوريين، أن «ميثاق الشرف يعتبر الأول في الإعلام السوري منذ أن نشأت الدولة السورية»، وأضاف «الأنظمة السياسية المتتابعة هي من كانت تضع القوانين وتعدلها، هي المرة الأولى التي تنشئ المؤسسات الإعلامية السورية ميثاق شرف فيما بينها»، مشددًا على ضرورة نشره والتعريف به في جميع الوسائل الإعلامية العربية والدولية، ومعتبرًا أنه خطوة كبيرة وهامة جدًا على المستوى السوري والعربي.
كيف تنضم المؤسسات إلى الميثاق
وفي رد حول الخطوات الإجرائية للتوقيع، أوضح برو أن توقيع الميثاق مفتوح لكل مؤسسة إعلامية عاملة وفاعلة «وليست الموجودة بالاسم فقط وهي كثيرة»، وأكد أن أحدًا لن يقيّم المؤسسات التي ترغب بالتوقيع، وسيكون الحق متاحًا للجميع «دون فلترة». كما وجه الدعوة إلى جميع وسائل الإعلام السورية، العربية والكردية، والناطقة بلغات أخرى، مشيرًا إلى أن عددًا من المؤسسات الكردية شاركت في تأسيس الميثاق الحالي، كما ترجم الميثاق إلى اللغتين الكردية والإنكليزية وهناك نية لترجمته إلى لغات أخرى.
وقد خصصت هيئة الميثاق نموذجًا إلكترونيًا عبر موققها للعضوية، تستطيع من خلاله أي مؤسسة إعلامية سورية التقدم للانضمام بملئه، ويتطلب معلومات أساسية عن المؤسسة ونوعها وعناوينها الإلكترونية والفيزيائية.
«يتطلع الميثاق أن يحترم الإعلامي في ممارسته لعمله، والمبادئ العامة الأساسية، المعلن عنها في العهود والمواثيق، والإعلانات الدولية والعربية، وخاصة منها ما يتعلق بحفظ كرامة الإنسان، وصون حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وفاقدي الأهلية لأسباب قانونية أو صحية، والتعامل مع الأطفال والقاصرين، بحذر، أثناء التغطية، وعدم استغلالهم أثناء العمل الإعلامي».
«ميثاق شرف للإعلاميين السوريين»، يطرح نفسه كمرجع أخلاقي، مهني، ينظم عمل الإعلام، ويشكل ضوابط ناظمة له، يضمن له حرية التعبير عن الرأي على أن يكون مهنيًا وأخلاقيًا.
رئيس هيئة “ميثاق شرف للإعلاميين السوريين”
قصة الميثاق
الفكرة بالأساس بدأت مع مجموعة من المؤسسات الإعلامية العاملة في الشأن السوري، والذين التقوا بين بعضهم وأكدوا على ضرورة وجود ميثاق أخلاقي للإعلام السوري. الكلام لم يأتِ عن عبث، أتى بعد الأخطاء الكثيرة التي وقع بها الإعلام السوري وتشويه الحقائق، وكان الهدف الحقيقي هو الانتقال نحو إعلام أكثر مهنية، فبدأت قصة الميثاق.
في البدايات شاركت نحو 12 مؤسسة، وتمت دعوة عدد أكبر ووصل إلى 30، وبعد جلستين رأينا أن زيادة العدد أكثر من ذلك ستحول دون تحقيق نتائج.
النقاش أخذ وقتًا طويلًا بسبب اطلاعنا على كثير من المواثيق في دول مثل صربيا والبوسنة، والتي مرت بظروف تشابه الحالة السورية، كذلك اطلعنا على مواثيق الشرف في تونس ولبنان وفلسطين، وكان ذلك حتى نلم بالموضوع بشكل أكبر ونصيغ الميثاق ببنوده المختصرة.
الجهد الأكبر هو ما بعد صياغة الميثاق، لم نرد أن نكتب قصيدة جميلة تثير ضجة وتلقى على المنبر فقط، حاولنا أن نحول هذا العمل إلى فعل ما بعد إصدار الميثاق، وهي أن نشكل هيئة ميثاق شرف الإعلاميين السوريين، وتكون بمثابة مؤسسة شفافية لمراقبة تطبيقه على الأرض، وهذا حقيقة أخذ معنا وقتًا كبيرًا وأكثر من 3 اجتماعات كاملة، ولم نصل حتى الآن إلى الجسم النهائي له.
كان أحد أهدافنا ألا نعلن عن كل شيء منجز ونهائي حتى لا يقال أننا صادرنا الآخرين واسثنيناهم، تركنا المدة مفتوحة إلى عقد المؤتمر التأسيسي، والذي من المفترض أن يكون في نهاية هذا العام، حتى نستطيع أن نضم حزمة أكبر من الموقعين على الميثاق.
رياض معسعس
رئيس رابطة الصحفيين السوريين
الميثاق هو الأول من نوعه منذ نشأة الدولة السورية
إن ميثاق الشرف يعتبر الأول في الإعلام السوري منذ أن نشأت الدولة السورية، فجميع الأنظمة التي جاءت بعد الاستقلال في سوريا كانت تضع يدها على الإعلام السوري وتضع قوانينه منذ نشأته وتنظيمه، لم يكن هناك صحافة حرة بشكل كامل، وكل القوانين كانت قوانين سلطة.
الميثاق الأخلاقي هو التزام من قبل المؤسسة والصحفي بآن واحد، وهو احترام الأعراف الدولية في الأعمال الصحفية والإخبارية والإعلامية إن كان في التلفزيون والإذاعة والجريدة..
هناك نظم أساسية وضعتها حقوق الإنسان والأنظمة الديمقراطية التي تؤمن بحرية الإعلام وحرية التعبير، وعلى الصحفي أو الإعلامي أو المؤسسة احترام هذه المعايير، وهو المبدأ الأساسي لبداية إعلام جديد قائم على حرية الصحافة والتعبير وحرية احترام هذه المعايير من قبل المؤسسات وليس عليها رقابة من قبل النظام.
لدينا ميثاق شرف للرابطة قدمناه كمشروع لنقاشه مع كل الهيئات، ولدينا ممثلين في كل الطاولات المستديرة التي أقيمت خلال الفترة الماضية، وساهمنا مساهمة فعالة في وضعه مع باقي المؤسسات الإعلامية السورية.
رابطة الصحفيين السوريين باعتبار أن لها الأسبقية في وضع نظام أساسي متطور، وهناك ميثاق شرف خاص بها، ونحن في الرابطة متجانسون مع أنفسنا ومع ما يصدر في هذا الميثاق، نحن إذا اعتمدناه فسيكون ميثاقنا، فالرابطة هي جزء من الإعلام السوري المستقبلي وقاعدة لكل الصحفيين السوريين الذين يريدون أن ينضموا لها، وهي قاعدة حرة ديمقراطية مستقلة تؤمن بميثاق الشرف وميثاقها الخاص اللذين لا يختلفان عن بعضهما.
عبسي سميسم
عضو هيئة الميثاق
ما جدوى الميثاق أمام الحالة الإعلامية المعقدة في سوريا؟
أعتقد أن جدوى الميثاق ترتبط بإيمان الموقعين عليه، من حيث الالتزام بالمعايير الأخلاقية لمهنة الصحافة، فالخطوة الأولى تنطلق من المؤسسات نفسها، وتُنشئ ضمن أنظمتها الداخلية دليل سلوك للصحفيين العاملين فيها، وهذا يدل أنها تقدمت خطوة باتجاه الالتزام بالميثاق، هناك الكثير من المؤسسات تخرق مواثيق الشرف بلا علم وعن عدم معرفة، فأراها خطوة جيدة بتعريف الناس بأخلاقيات المهنة.
من ناحية أخرى، معظم الصحف أسبوعية ومن يعمل بها في الغالب من المستكتبين، والمستكتب لا أعتقد أنه سيقرأ ويلتزم بمدونة السلوك التي تعدها الصحيفة، وهذا الأمر يلقى على عاتق الصحيفة، وتنظر في المواد الصحفية التي تأتيها، هل هي ملتزمة بهذا الميثاق أم لا، على الأقل يجب أن يكون في كل وسيلة إعلام سكرتير التحرير أو مدير التحرير يراقب المحتوى ليكون ضمن الضوابط الأخلاقية لمهنة الصحافة.
ما رأيته أن جميع الموقعين يملكون نوايا حقيقية لإنجاح الميثاق، هناك بعض المؤسسات أتت تلبية دعوة للحضور فقط لكن عددها كان قليلًا وبالنهاية انسحبت، والمؤسسات الجدية هي التي بقيت لآخر الجلسات والنقاشات ومن الممكن أن يساهموا في تطوير هيئة الميثاق.
فادي القاضي
خبير في حقوق الإنسان والإعلام في الشرق الأوسط – ميسر نقاشات الميثاق
استمرارية الميثاق هي المحك الحقيقي
مواضيع التنمية وبناء الإعلام في دول تشهد مرحلة انتقالية أو حتى الدول الأقل حظًا بحاجة إلى مساعدة الجهات الفاعلة والخيرة في المجتمع الدولي.
المسألة ليست متعلقة بالدعم الأجنبي للمشروع، فاستقلاليته منوط بالجهات القائمة عليه والتي حركته، بمعنى المجتمع الإعلامي والصحفي في سوريا.
دعنا نعترف أن تعريف هذا المجتمع ومكوناته معقدة وحساسة وإشكالية لدرجة كبيرة، لكن ما نشهده اليوم من ولادة الميثاق هو خطوة أولى تسعى لوضع إطار، نحن لا نستطيع أن نعمل في الفراغ، هناك انتفاضة وثورة وأناس تقاتل وتعمل من أجل بناء مجتمع جديد، هذه الفوضى في مرحلة ما عليها أن تتحدد في أطر.
في الإطار الصحفي والإعلامي المسببات موجودة، هناك نمو وولادة لأجيال جديدة من الراغبين في العمل الصحفي، هناك المزيد من القادمين الجدد الذين لم يكن بإمكانهم أن يعملوا في الصحافة بشكل مستقل في عهد النظام السوري. ما الذي نفعله بهؤلاء؟ لا يمكن أن تستمر الفوضى إلى الأبد، هذا الميثاق بتقديري الشخصي يسعى إلى وضع إطار محدد لبداية تعريف المجتمع الإعلامي والصحفي في سوريا.
إن استقلالية الميثاق لا تعني الشيء الكثير، لكن استمراريته هي المحك الحقيقي، وآمل أن يتم النظر إليه بحرص وعناية من قبل المؤسسين له.
مع مراعاة حجم دوري في هذه العمل واستمراريته، بكل وضوح فإن المنظمات الراعية قامت بدور استشاري مهم، فقدمت الخبرات والدعم لاستخدام هذه الخبرات، وهو لشخص مثلي أمر عادي ومطلوب جدًا ولا يمكن وضعه في خانة المشبوه أو خانة ما الذي يريدونه من وراء ذلك؟
أشرت في عدة أماكن أن العمل التنموي في المجتمعات الأقل حظًا والمجتمعات التي تنمو باتجاه دول مستقرة بحاجة مساندة وجهود من قوى مستنيرة تعمل في هذا الإطار، وأقول: لا، لم يكن ولو لمرة واحدة وضع يد على الميثاق أو إدخال بنود أو توجيه له ليأخذ منحىً معينًا.
الأطر الدولية أو المعايير الذي استند عليها الميثاق موجودة للجميع، وهنا رد على سؤال طرح: لماذا الميثاق كان إقصائيًا ولم يستقطب كل جهات العمل السوري؟، أنا أريد أن أسأل هنا: من هي الجهة التي تستطيع أن تستقطب كل وسائل الإعلام في سوريا؟، هندسة الكون تقوم على مبدأ بسيط، هناك من يبدأ ومن خلال مسيرة البدء يلتحق به الآخرون.
زيدون الزعبي
المدير التنفيذي لاتحاد المنظمات الطبية السورية – ميسر نقاشات الميثاق
هل الميثاق منتج سوري؟
عملت في تيسير الميثاق في النصف الثاني من المشروع، لم أر أي تدخل في حدوده الدنيا من المنظمين، أنا أتكلم ومن المفترض أني محسوب على الجهة المنظمة على اعتبار أنهم طلبوني كميسر.
اعتمدنا أن يكون الميثاق سوريًا بامتياز، ولم يحدث أي تدخل حتى على صعيد تغيير أو إدخال أوحذف كلمة، ولا على سير العملية.
لحظة التوقيع على الميثاق تمت في غياب المنظمين بطلب من المؤسسات، فكان المنتج سوريًا بامتياز ولم يكن هناك دور للمنظمات سوى تيسير العملية.
الميثاق منتج جيد، وهناك الكثيرون ممن سيشككون به، وهناك سيحدث خطر ما، والضامن الحقيقي هم الذين أسسوا هذا العمل والذين سينشرونه للجميع، والتضامن والتكافل بين بعضهم لدعم الميثاق والهيئة المزمعة.
واعتبارًا من لحظة الإعلان عنه تبدأ الصعوبات، فالميثاق رائع لكنه صفحة ونصف، فكيف ستتعامل معه على أرض الواقع، وتترجمه وتنتقد ذاتك إن ارتكبت انتهاكًا ما أو تنتقد غيرك في المحتوى المخالف لأخلاقيات الصحافة، في ظل الهيستيريا التي ترافق هذه المهنة في سوريا؟
والتحدي الأخير هو عندما يقال لك: لماذا وكيف وأين، والاتهامات التي تعودنا عليها في سوريا، فهذا أمر واقع، لكن أرى المنظمين في مرحلة لافتة من النضج، وجديتهم في أن الميثاق ليس حصريًا بل هو لكل السوريين.
نص الميثاق
توطئة:
نظرًا للدور الكبير الذي يلعبه الإعلام في صناعة الرأي العام، وفي الرقابة والمساءلة، ونشر الحقيقة للجمهور دون تمييز، بمهنية وموضوعية، افتقدها الإعلام السوري على مدى عقود؛ وإسهامًا في ضبط العملية الإعلامية المتطورة بشكل مستمر ومتسارع في سوريا، إثر انطلاق الحراك الشعبي في آذار 2011، وما أفرزه من مؤسسات إعلامية؛ ونظرًا لغياب قوانين جامعة وناظمة لعمل هذه المؤسسات، أصبحت الحاجة ملحة لوجود ميثاق شرف إعلامي يلزم الموقعين عليه أخلاقيًا.
وعليه، أقرّ الموقعون أدناه، وهم مجموعة من المؤسسات الإعلامية السورية المستقلة، بعد جولات من النقاش، بين مختلف التوجهات والمكونات، وبالتوافق فيما بينها، تكريس مجموعة من المبادئ، عبر ميثاق يسهم في خلق حالة من التوازن والاستقرار، لخير المجتمع السوري ونموه وارتقائه، آملين من جميع المعنيين به احترام ما ورد فيه، والالتزام به. وأسموه (ميثاق شرف).
المادة 1
تعريف الإعلام
الإعلام مهنة ورسالة، تهتم بالحقيقة ونشرها وإيصالها إلى الجمهور دون تمييز، بحرية وتجرد وإخلاص.
المادة 2
تعريف الإعلامي
يقصد بالإعلامي في هذا الميثاق من يمارس مهنة الإعلام من خلال صناعة ونشر محتوى المادة الإعلامية، بكافة أشكالها وأنواعها، سواء أكان فردًا أم مؤسسة.
المادة 3
شمولية الميثاق
يشمل هذا الميثاق جميع العاملين في الحقل الإعلامي، من أفراد وجماعات وشركات وجمعيات ونوادٍ، والعاملين لدى من ذُكر في إعداد المواد الإعلامية، المكتوبة والمرئية والمسموعة، أو أي شكل آخر من أشكال التعبير عن الرأي، بكل وسائل النشر.
المادة 4
مصادر الميثاق ومبادئه
أ- يستند هذا الميثاق إلى المبادئ الأخلاقية العامة المقرّة في المواثيق والإعلانات والعهود العالمية. وهذه المبادئ هي، ليس على سبيل الحصر، الدقة والصِحة والمصداقية في المعلومة، والموضوعية والنزاهة والتزام استقلالية التغطية الإعلامية، واحترام الحقيقة وحرية التعبير، ومراعاة التوازن والإنصاف والتعددية، وإعطاء مكونات المجتمع فرصة التعبير في الوسيلة الناشرة بالرد والتصويب، إن تناولتهم في خبر أو بحث أو صورة، أو كان من شأنها الإساءة إليهم.
ب- على الإعلاميين ومؤسسات الإعلام المشمولة بهذا الميثاق عدم الخضوع للسلطة والتنظيمات السياسية، ومراعاة خصوصيات الجمهور، أفرادًا وجماعات، واحترام حقهم في الحصول على المعلومات، وعدم التمييز بين فئات الجمهور بسبب الدين أو الطائفة أو المذهب أو العرق أو اللغة أو الجنس أو الثقافة أو اللون، واحترام حرية الفكر والمعتقد والتعبير، وتعزيز المشاركة والتواصل بين المؤسسة الإعلامية والجمهور.
ج- على الإعلامي أن يحرص على القيام بعمله بطريقة أخلاقية ومهنية، مخلصة للصدقية والنزاهة، وأن يميز فيما ينشره، كمادة إعلامية، بين الخبر وأفكاره الشخصية، منعًا للالتباس، وإفساحًا في المجال للمتلقي، واحترامًا له، ليشكل لنفسه وبنفسه قناعاته الشخصية.
المادة 5
الواجبات الأخلاقية على الإعلامي
أ- على الإعلامي، في ممارسته لعمله، أن يحترم المبادئ العامة الأساسية المعلن عنها في العهود والمواثيق والإعلانات الدولية والعربية، وخاصة منها ما يتعلق بحفظ كرامة الإنسان، وصون حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وفاقدي الأهلية لأسباب قانونية أو صحية، والتعامل مع الأطفال والقاصرين بحذر أثناء التغطية، وعدم استغلالهم أثناء العمل الإعلامي. مع ضرورة التوسع في ذكر المحاذير المتعلقة بالأطفال خلال التغطية الإعلامية، وبالتحديد، تلك التي تنص عليها اتفاقية حقوق الطفل.
ب- على الإعلامي الامتناع عن نشر أية مادة إعلامية من شأنها أن تشجع على الجريمة أو العنف أو خطاب الكراهية، أو التحريض الطائفي أو الإثني أو المناطقي، أو تفكك الأسرة، أو العنف ضد المرأة، أو الإتجار بالبشر. وأن يسعى إلى إحقاق العدالة والسلم الأهلي والعالمي.
ج- على الإعلامي أن يلتزم، أثناء ممارسته لعمله، بما يلي:
تحري الحقيقة والسعي وراءها ونقل الوقائع بصدق وأمانة بدون تجاهل أو اجتزاء.
النزاهة المهنية، والعمل بموجب مصلحة الجمهور، وتغليبها على مصلحة مؤسسته الاعلامية أو مصلحته الشخصية.
احترام الخصوصية، وعدم إلحاق الضرر بالأفراد أو المؤسسات جراء النشر الصحفي، واحترام رغباتهم أو رغبة ذويهم في عدم الإفصاح عن أسمائهم أو عناوينهم لأسباب معنوية أو أمنية.
عدم إطلاق الأحكام المسبقة، وتوخي الدقة والوضوح في المصطلحات والتعابير المستخدمة في التغطية الصحفية.
عدم استغلال الوضع الاجتماعي والإنساني والاقتصادي في مناطق التغطية.
ذكر المصادر وتحديدها بدقة، والإشارة إلى أسباب التحفظ على ذكرها عند الحاجة إلى إخفائها، وحماية المصادر والشهود، وعدم الإفصاح عن شخصياتهم باستثناء الضرورات القانونية.
الامتناع عن نشر الصور ومقاطع الفيديو التي تسيء إلى حرمة وكرامة الضحايا (موتى أو جرحى).
احترام حقوق الطبع والنشر والتأليف، والإشارة إلى المصادر عند الاقتباس.
إبلاغ الجمهور عن الحالات التي تخفي فيها السلطات جزءًا من المعلومات، والتي ينجم عن إخفائها ضرر بالمصلحة العامة.
التمييز بين مواد الإعلان والدعاية والرعاية وبين المواد الصحفية، والامتناع عن الترويج لمنتج أو سياسة أو تنظيم عبر تقديمها على أنها مادة صحفية أو إخبارية.
تجنب التحقير والقدح والذم بالأفراد أو الجماعات أو المؤسسات والهيئات.
المادة 6
تضامن الموقعين
يتضامن الموقعون على هذا الميثاق على مواجهة أي انتهاك أو تهديد بحق الإعلاميين، وبخاصة إذا جاء هذا الانتهاك بسبب الالتزام ببنود الميثاق.
المادة 7
الدعوة إلى الميثاق
يدعو الموقعون على هذا الميثاق جميع الإعلاميين السوريين إلى التوقيع عليه والالتزام به.
المادة 8
الالتزام بالميثاق
يلتزم الموقعون على هذا الميثاق بكل المواد المذكورة أعلاه. وتتم متابعة هذا الالتزام من قبل هيئة مستقلة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :