أحمد الشامي
صبيحة الحادي عشر من أيلول 2001 تم اختطاف أربع طائرات من مطارات الولايات المتحدة، وتمكن قباطنة ثلاث منها من الوصول ﻷهدافهم وتدمير برجي مركز التجارة العالمي وإحداث أضرار بمبنى وزارة الدفاع اﻷمريكية.
الطائرة الرابعة، الرحلة 93، أقلعت متأخرة 41 دقيقة وهو ما سمح لركابها، حسب الرواية الرسمية، بإسقاطها في أرض خواء، أو، وهو اﻷغلب، تم إسقاطها قبل الوصول إلى البيت اﻷبيض.
هذه الفعلة الشنعاء أدت إلى قتل أكثر من ثلاثة آلاف أمريكي بريء، بما يعادل عدد ضحايا «بيرل هاربور»، وأطلقت شرارة حرب لاتزال مستعرة بين الولايات المتحدة واﻹسلام السني.
ما كان ممكنًا حتى للرئيس اﻷخرق، بوش الصغير، أن يتعامل مع الحدث على أنه عمل إرهابي عادي، فكان الرد أولًا عبر غزو أفغانستان من قبل حلف اﻷطلسي، ثم من أجل الانتقام من السنة، إسقاط النظام «المحسوب» على أهل السنة في عراق «صدام»، انتهاء إلى المحرقة السنية المستمرة والتي تجاوز عدد ضحاياها الملايين.
لسنا هنا في وارد تفسير اﻹجرام اﻷمريكي الذي رد على اﻹجرام القاعدي بما هو أشنع منه بكثير، لكن هدفنا هو مقاربة جريمة البرجين بشكل عقلاني ومنطقي.
حسب الرواية السائدة قام «نسور السنة» بغزوة خطط لها ومولها الشيخ أسامة بن لادن، بهدف «الانتقام من الدعم اﻷمريكي ﻷنظمة الطغيان العربية ونصرة لفلسطين…».
هل كان «بن لادن» يدرك أن فعلته ستطلق محرقة تنال من «أهل السنة» خاصة، وتوطد عروش الطغيان؟
ثم، من أعطى الرجل الحق في إعلان الحرب باسم السنة؟ وهو الذي بدأ حياته بالتعامل مع المخابرات اﻷمريكية وانقلب عليها حين استغنت عنه؟
هل لدى «بن لادن» اﻹمكانات المادية لتدريب ثمانية من الطيارين اﻷكفاء ومساعديهم؟ علمًا أن الرجل لم يلمس فلسًا من المال الذي ورثه من أبيه، الذي غضب عليه قبل وفاته.
من هي الجهة التي مولت تدريب الطيارين إذًا؟ تدريب الطيار يحتاج لسنوات ومئات ألوف الدولارات، علمًا أن الطيارين الذين قاموا بالعملية تمتعوا بكفاءة عالية لولاها لانقلبت المأساة إلى «مسخرة» مأساوية…
من استفاد من الجريمة؟
صبيحة الغزوة، كانت الولايات المتحدة في أوج قوتها وتتمتع بفائض من النفوذ، سمح لها في عهد «كلينتون» بفرض قوانينها الاقتصادية والسياسية بشكل «ناعم» على العالم. الفجوة بين أمريكا وباقي العالم كانت حينها واسعة لدرجة تهدد بأن يصبح اللحاق بمستوى التقدم اﻷمريكي مستحيلًا على الآخرين. الديمقراطية اﻷمريكية، الضامنة لرجاحة عقل العم سام، كانت قد أصبحت مهزلة بعد فرض انتخاب «بوش الصغير» بالتزوير رغم خسارته.
كراهية العالم ﻷمريكا وخشيته منها كانت قد تجلت في استفتاء أجرته إحدى الصحف بعد انتخاب بوش، أظهر أن غالبية شعوب اﻷرض كانت تعتبر أن أمريكا تشكل تهديدًا للسلم العالمي أكبر من إيران وكوريا الشمالية.
كارهو أمريكا «بوش» عام 2001 كانوا من الكثرة لدرجة جعلت الناس يوزعون الحلوى ليس فقط في العواصم العربية بل في أمريكا الجنوبية أيضًا.
تغير اﻷمر بعد ذلك، فتورط أمريكا في حروبها العبثية ضد السنة وحاجتها لحلفاء ولطرق تموين لجنودها، جاءا بردًا وسلامًا على الكثيرين، وليس بينهم «سني» واحد باستثناء عروش الطاغوت.
الصين استفادت من الورطة اﻷمريكية لتحسين أوضاعها، «بوتين» تمكن من ترسيخ حكم مافياته وإيران بنت امبراطوريتها على التحالف مع أمريكا ضد السنة. طغاة العرب عرضوا خدماتهم على «الشيطان اﻷكبر» على الفور.
الحرب المجنونة التي أشعلها «بن لادن» هل كان مخططًا لها منذ البداية أن تفيد أعداء أمريكا، على حساب دماء السنة، الخاسرين في كل الأحوال؟